من هم الناكثون؟











من هم الناکثون؟



واجه أمير المؤمنين عليّ عليه السلام ثلاثة حروب دامية فرضت عليه في زمان خلافته، کانت تهدف القضاء علي الإسلام المحمّدي الأصيل، وإضعاف حکومة الحقّ المتمثّلة بأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام وأصحابه، وکانت الجمل أوّل هذه الحروب المفروضة عليه.

النکث: نقض العهد والخيانة، ولسنا هنا في معرض الحديث عن عدوّ أجنبي، بل عن صديق ذي عهد وفي عنقه بيعة لأمير المؤمنين عليه السلام، ولکن الأغراض الشخصيّة، وهوي النفس، والأحقاد، والضغائن، والقصور الفکري، وغير هذه العوامل، جعلت هؤلاء ينقضون العهد، ويکونون حجر عثرة في طريق المسيرة، ويرزعون بذور التفرقة بين المسلمين، بل وجعلوا قوّة المسلمين المسخّرة لقتال الأعداء الخارجين توجّه إلي الداخل، وبذلک هيّئوا الفرصة لکي يستعيد أعداء الإسلام قوّتهم، ووجهوا أکبر ضربة للقوّة الإسلاميّة العظمي المتمثّلة بحکومة أمير المؤمنين عليه السلام العادلة الحقّة... لمثل هؤلاء يقال: الناکثون، أو ناقضو العهد.

وأدّي اشتغال عليّ عليه السلام بالحروب الداخلية إلي عدم إتاحة الفرصة له لقتال أعداء الإسلام، وتطبيق الإسلام الحقيقي المحمّدي، کلّ ذلک فراراً من عدل الإمام عليّ عليه السلام، وتحقيقاً للأهداف والمنافع الشخصيّة، وانتهازاً محرّماً للفرصة.

کان طلحة والزبير أوّل من بايع عليّاً عليه السلام، وکانا يتوقّعان أن يفرّق الإمام عليه السلام بينهما وبين الآخرين في العطاء والصلاحيّات والجاه، وعندما تبيّن لهم أنّ الإمام لم يفرّق بينهما وبين غلام أسود - کما ذکرنا ذلک في فصل (عليّ عليه السلام والعدل) - نقضا عهده، وأعلنا التحاقهما بعائشة وتأييدها في موقفها ضدّ خلافة الإمام عليه السلام، فکانت حرب الجمل أوّل فتنةٍ وقعت بين المسلمين بعد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، ومع أنّها کانت درساً قاسياً لاُولئک الذين تآمروا علي أمير المؤمنين عليه السلام لافتضاحهم، وللضرر الّذي اُلحق بهم، إلّا أنّ هذه الحرب کانت مقدّمة لحروب تلتها وقعت بين المسلمين فأدّت إلي تشتّتهم، وزادت من جُرأة الطامعين بالإمارة والخلافة علي ولاية الحقّ والعدل المتمثّلة بالإمام عليّ عليه السلام، ولهذا فإنّنا نري أنّ طلحة والزبير وعائشة ومن تابعهم کانوا من أسوأ معارضيه عليه السلام.