كلام عليّ للمتخلّفين عن بيعته











کلام عليّ للمتخلّفين عن بيعته



بايعت الأنصار والمهاجرون غير نفر يسير منهم، فإنّهم قعدوا عن بيعته لأنّهم کانوا عثمانيّة، وهم: حسّان بن ثابت، وزيد بن ثابت، وکعب بن مالک، والنعمان بن بشير، ومسلمة بن مخلّد، وأبو سعيد الخدري، ومحمّد بن مسلمة، ورافع بن خديج، وفضالة بن عبيد، وکعب بن عُجْرَة وترکهم بيعة عليّ بن أبي طالب عليه السلام لمصلحة أنفسهم أو لأسباب اُخري ذکرها ابن الأثير في (تاريخه)، حيث قال ما ملخّصه:

وأمّا حسّان بن ثابت فکان شاعراً لا يبالي ما يصنع، وأمّا زيد بن ثابت فولّاه عثمان الديوان وبيت المال، وأمّا کعب بن مالک فاستعمله عثمان علي صدقة مُزينة وترک له ما أخذ منهم، وأمّا النعمان بن بشير فإنّه أخذ أصابع نائلة امرأة عثمان الّتي قُطعت، وقميص عثمان الّذي قُتل فيه وهرب به، فلحق بالشام، فکان معاوية يعلّق قميص عثمان وفيه الأصابع، فإذا رأي ذلک أهل الشام ازدادوا غيظاً وجدّاً في أمرهم.

وساق الکلام في بيعة طلحة والزبير، ثمّ قال: ولمّا أصبحوا يوم البيعة وهو يوم الجمعة، حضر النّاس المسجد وجاء عليّ عليه السلام فصعد المنبر وقال: «أيّها النّاس، عن مَلَأٍ وإذن، وإذن، إنّ هذا أمرکم ليس لأحد فيه حقّ إلّا من أمّرتم، وقد افترقنا بالأمس علي أمر وکنتُ کارهاً لأمرکم، فأبيتم إلّا أن أکون عليکم، ألا وإنّه ليس لي دونکم إلّا مفاتيح ما لکم معي وليس لي أن آخذ درهماً دونکم، فإن شئتم قعدت لکم وإلّا فلا أجدُ علي أحد»، فقالوا: نحن علي ما فارقناک عليه بالأمس فقال: «اللّهمّ اشهد»، وجاء طلحة وبايعه عليه السلام، ثمّ الزبير، ثمّ جي ء بعده بقوم کانوا قد تخلّفوا فقالوا: نبايع علي إقامة کتاب اللَّه في القريب والبعيد والعزيز والذليل فبايعهم، ثمّ قام العامّة فبايعوا، وصار الأمر أمر أهل المدينة، وکأنّهم کما کانوا فيه وتفرّقوا إلي منازلهم.[1] .

و عن الشعبي، قال: لمّا اعتزل سعد و سمّيناه أمير المؤمنين عليه السلام وتوقّفوا عن بيعته، حمد اللَّه وأثني عليه، ثمّ قال: «أيّها النّاس، إنّکم بايعتموني علي ما بويع عليه من کان قبلي، وإنّما الخيار للنّاس قبل أن يبايعوا، فإذا بايعوا فلا خيار لهم، وإنّ علي الإمام الاستقامة، وعلي الرعيّة التسليم، وهذه بيعة عامّة من رغب عنها رَغب عن دين الإسلام، واتّبع غير سبيل أهله، ولم تکن بيعتکم إيّاي فلتة، وليس أمري وأمرکم واحد، وإنّي اُريدکم للَّه وأنتم تريدوني لأنفسکم، وأيمُ اللَّه لأنصحنّ للخصم، ولأنصفنّ للمظلوم، وقد بلغني عن سعد وابن سلمة واُسامة وعبداللَّه وحسّان بن ثابت اُمور کرهتها، والحقّ بيني وبينهم».[2] .







  1. الکامل في التاريخ 302:2.
  2. الإرشاد 243: 1.