الاستدلال علي إمامة أمير المؤمنين











الاستدلال علي إمامة أمير المؤمنين



قال المفيد رحمه الله: فتضمّن هذا القول من رسول اللَّه صلي الله عليه و آله نصّه عليه بالإمامة، وإبانته من الکافّة بالخلافة، ودلّ به علي فضل لم يشرکه فيه سواه، وأوجب له به عليه السلام جميع منازل هارون من موسي، إلّا ما خصّه العرف من الاُخوّة، واستثناه هو عليه السلام من النبوّة، ألا تري أنّه صلي الله عليه و آله جعل له عليه السلام کافّة منازل هارون من موسي عليهماالسلام إلّا المستثني منها لفظاً وعقلاً. وقد علم کلّ من تأمّل معاني القرآن، وتصفّح الروايات والأخبار أنّ هارون کان أخا موسي لأبيه واُمّه، وشريکه في أمره، ووزيره علي نبوّته وتبليغه رسالات ربّه، وأنّ اللَّه سبحانه شدّ به أزره، وأنّه کان خليفته علي قومه، وکان له من الإمامة عليهم وفرض الطّاعة کإمامته وفرض طاعته، وأنّه کان أحبّ قومه إليه وأفضلهم لديه. قال اللَّه عزّ وجلّ حاکياً عن موسي عليه السلام: «رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي × وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي × وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي × يَفْقَهُوا قَوْلِي × وَاجْعَل لِي وَزِيراً من أَهْلِي × هَارُونَ أَخِي × اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي × وَأَشْرِکْهُ فِي أَمْرِي»[1] فأجاب اللَّه سبحانه تعالي مسألته وأعطاه سؤله في ذلک، و اُمنيّته حيث يقول: «قَدْ أُوتيِتَ سُؤْلَکَ يَامُوسَي»[2] وقال تعالي حاکياً عن موسي: «وَقَالَ مُوسَي لْأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَتَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ»[3] فلمّا جعل النبي صلي الله عليه و آله عليّاً عليه السلام منه بمنزلة هارون من موسي، أوجب له بذلک جميع ما عدّدناه، إلّا ما خصّه العرف من الاخوّة، واستثناه هو من النبوّة لفظاً.[4] .

بما ذکرنا ظهر رفع الإشکال الّذي أورده الموّرخ الشهير الحلبي الشافعي بالحديث: «والّذي يقول فيه أنّه لا يدلّ علي إمامة عليّ بن أبي طالب عليه السلام)[5] واتّضح أنّه يدلّ علي إمامته بعد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فإيراده بعيد عن الإنصاف، ولعلّه من العناد والتعنّت، واللَّه العالم.







  1. سورة طه: 33 - 25.
  2. سورة طه: 36.
  3. سورة الأعراف: 142.
  4. الإرشاد: 156: 1.
  5. السيرة الحلبيّة بهامشه السيرة النبويّة 133:3.