ثبات علي مع رسول اللَّه في هذه الغزاة











ثبات علي مع رسول اللَّه في هذه الغزاة



ورد في الأخبار والآثار أنّ عليّاً عليه السلام قد ثبت مع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله مع نفر قليل من المسلمين، ولم يفرّوا عنه، وفرّ سائر المسلمين عنه، وأسلموا رسول اللَّه صلي الله عليه و آله إلي المشرکين.

وفيما يلي نذکر نزراً من الروايات والکلمات المأثورة في هذا الباب:

1- قال ابن قتيبة: وکان الذين ثبتوا مع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يوم حنين بعد هزيمة النّاس: عليّ بن أبي طالب، وأيمن بن عبيد وهو ابن اُمّ أيمن مولاة رسول اللَّه وحاضنته، وقُتِل يومئذٍ، وربيعة بن الحارث بن عبدالمطّلب، واُسامة بن زيد بن حارثة، وقال العبّاس:


نصرنا رسول اللَّه في الحرب سبعة
وقد فرّ مَن قد فرّ منهم واقشعوا


وثامننا لاقي الحمام بسيفه
بما مسّه في اللَّه لا يتوجّع


يعني أيمن بن عبيد.[1] .

2- و قال الحلبي: وقد وصلت الهزيمة إلي مکّة، وسرّ بذلک قوم من مکّة وأظهروا الشماتة، وقال قائل منهم: ترجع العرب إلي دين آبائها.[2] .

3- وفي رواية: لمّا فرّ النّاس يوم حنين عن النبيّ صلي الله عليه و آله لم يبق معه إلّا أربعة: ثلاثة من بني هاشم ورجل من غيرهم: عليّ بن أبي طالب والعبّاس وهما بين يديه، وأبو سفيان بن الحارث آخذ بالعنان، وابن مسعود من جانبه الأيسر، ولا يقبل أحد من المشرکين جهته صلي الله عليه و آله إلّا قُتِل.[3] .

4- وروي أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري في (تاريخه)، عن عبدالرحمن بن جابر، عن أبيه، (ما ملخّصه): فانطلق النّاس (أي في غزاة حنين) إلّا أنّه قد بقي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته، وممّن ثبت معه من أهل بيته: عليّ بن أبي طالب عليه السلام، والعبّاس بن عبدالمطّلب، وابنه الفضل، وأبو سفيان بن الحارث، وربيعة بن الحارث، وأيمن بن عبيد، وهو أيمن ابن اُمّ أيمن، واُسامة بن زيد بن حارثة - الخبر.[4] .

5- وقال الشيخ المفيد، والعلّامة الأربلي: ثمّ کانت غزوة حنين حين استظهر رسول اللَّه صلي الله عليه و آله فيها بکثرة الجمع، فخرج متوجّهاً إلي القوم في عشرة آلاف من المسلمين، ظنّ أکثرهم أنّهم لن يغلبوا لما شاهدوه من جمعهم وکثرة عدّتهم وسلاحهم، وأعجب أبا بکر الکثرة يومئذٍ، فقال: لن نغلب اليوم من قلّة، وکان الأمر في ذلک بخلاف ما ظنّوا، وعانهم أبو بکر بعجبه بهم، فلمّا التقوا مع المشرکين لم يلبثوا حتّي انهزموا بأجمعهم، ولم يبق منهم مع النبيّ صلي الله عليه و آله إلّا عشرة أنفس: تسعة من بني هاشم خاصّة، وعاشرهم أيمن ابن اُمّ أيمن، فقتل أيمن رضي الله عنه وثبت التسعة الهاشميّون حتّي ثاب إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله مَن کان انهزم، فرجعوا أوّلاً فأوّلاً حتّي تلاحقوا، وکانت لهم الکرّة علي المشرکين، وفي ذلک أنزل اللَّه تعالي في إعجاب أبي بکر بالکثرة: «وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْکُمْ کَثْرَتُکُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْکُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْکُمْ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُدْبِرِينَ × ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَکِينَتَهُ عَلَي رَسُولِهِ وَعَلَي الْمُؤْمِنِينَ»[5] يعني أمير المؤمنين تاسعهم، والعبّاس بن عبدالمطّلب عن يمين رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، والفضل بن العبّاس عن يساره، وأبو سفيان بن الحارث ممسک بسرجه عند ثفر بغلته، وأمير المؤمنين عليه السلام بين يديه يضرب بالسيف، ونوفل بن الحارث، وربيعة بن الحارث، وعبداللَّه بن الزبير بن عبدالمطّلب، وعتبة ومعتّب ابنا أبي لهب حوله، وقد ولّت الکافّة مدبرين سوي من ذکرناه، وفي ذلک يقول مالک بن عبادة الغافقي:


لم يواس النبيّ غير بني
هاشم عند السيوف يوم حنين


هرب النّاس غير تسعة رهط
فهم يهتفون بالنّاس أين


ثمّ قاموا مع النبيّ علي الموت
فآتوا زيناً لنا غير شين


وثوي أيمن الأمين من القوم
شهيداً فاعتاض قرّة عين


ولمّا رأي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله هزيمة القوم عنه، قال للعبّاس - وکان رجلاً جهوريّاً صيّتاً -: «ناد بالقوم وذکّرهم العهد!»، فنادي العبّاس بأعلي صوته: يا أهل الشجرة، الحديث.[6] .







  1. المعارف: 164.
  2. السيرة الحلبيّة بهامشه السيرة النبويّة 111:3.
  3. المصدر السابق 109:3.
  4. تاريخ الطبري 347:2.
  5. سورة التوبة: 25 و 26.
  6. الإرشاد 140: 1،وکشف الغمّة - باب المناقب 294:1.