تعقيب وتتميم











تعقيب وتتميم



روي الطبري، وابن الأثير في تاريخهما: لمّا دخل رسول اللَّه صلي الله عليه و آله مکّة کانت عليه عمامة سوداء، فوقف علي باب الکعبة، وقال: «لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريک له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا کلّ دم أو مأثرة أو مال يدّعي فهو تحت قدمي هاتين إلّا سدانة البيت وسقاية الحاجّ، ألا وقتيل الخطأ مثل العمد، السوط والعصا فيهما الدية، مغلّظة منها أربعون في بطونها أولادها.

يا معشر قريش، إنّ اللَّه قد أذهب عنکم نخوة الجاهليّة وتعظمها بالآباء، النّاس من آدم، وآدم خُلق من تراب»، ثمّ تلا رسول اللَّه: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاکُم مِن ذَکَرٍ وَأُنثَي وَجَعَلْنَاکُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَکْرَمَکُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاکُمْ» الآية[1] «يا معشر قريش، ويا أهل مکّة، ما ترون إنّي فاعل بکم؟» قالوا: خيراً، أخ کريم، وابن أخ کريم. ثمّ قالوا: «اذهبوا فأنتم الطلقاء»، فأعتقهم رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، وقد کان اللَّه أمکنه من رقابهم عنوة، وکانوا له فيئاً، فبذلک يسمّي أهل مکّة الطلقاء.

ثمّ اجتمع النّاس بمکّة لبيعة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله علي الإسلام، فجلس له علي الصفا... فبايع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله علي السمع والطاعة للَّه ولرسوله فيما استطاعوا، وکذلک کانت بيعته لمن بايع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله من النّاس علي الإسلام، فلمّا فرغ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله من بيعة الرجال بايع النساء واجتمع إليه نساء من نساء قريش - الحديث.[2] .

وقريب من هذا المضمون رواه المجلسي في (البحار) إلّا أنّه زاد في ذيله قوله صلي الله عليه و آله: «ألا إنّ مکّة محرّمة بتحريم اللَّه، لم تحلّ لأحد کان قبلي، ولم تحلّ لي إلّا ساعة من نهار، وهي محرّمة إلي أن تقوم الساعة» - الحديث.[3] .

روي الشيخ المفيد و غيره: إنّ عليّاً عليه السلام بلغه أنّ اُخته اُمّ هاني قد آوت اُناساً من بني مخزوم، منهم: الحارث بن هشام، وقيس بن السائب، فقصد عليه السلام نحو دارها مقنّعاً بالحديد، فنادي: «أخرجوا من آويتم!»، قال: فجعلوا يَذرُقون واللَّه کما تذرق الحباري خوفاً منه، فخرجت اُمّ هاني وهي لا تعرفه، فقالت: يا عبد اللَّه، أنا اُمّ هاني بنت عمّ رسول اللَّه، واُخت عليّ بن أبي طالب، انصرف عن داري.

فقال أمير المؤمنين عليه السلام: «أخرجوهم»، فقالت: واللَّه، لأشکونّک إلي رسول اللَّه، فنزع المغفر عن رأسه فعرفته، فجاءت تشتدّ حتّي التزمته، وقالت: فديتک، حلفت لأشکونّک إلي رسول اللَّه؟ فَنزَع المغفر عن رأسه فعرفته، فجاءت تشتَدّ حتّي التَزَمَتْه و قالت: فديتک، حَلفتُ لأشکُوَنَّک الي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فقال لها: «اذهبي فَبرِّي قسمک، فإنّه بأعلي الوادي».

فقالت اُمّ هاني: فجئت إلي النبيّ صلي الله عليه و آله وهو في قبّة يغتسل وفاطمة (سلام اللَّه عليها) تستره، فلمّا سمع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله کلامي، قال: «مرحباً بِکِ يا ا/)ذ

ُمّ هاني وأهلاً»، قلت: بأبي أنت واُمّي، أشکو إليک ما لقيتُ من عليّ اليوم. فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «قد أجرتُ من أجرتِ».

فقالت فاطمة: إنّما جئتِ - يا اُمّ هاني - تشکين عليّاً في أنّه أخاف أعداء اللَّه وأعداء رسوله؟».

فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «لقد شَکَر اللَّه لعليّ سعيه، وأجرتُ من أجارت اُمّ هاني لمکانها من عليّ بن أبي طالب».[4] .







  1. سورة الحجرات: 13.
  2. تاريخ الطبري 327:2، والکامل في التاريخ 618:1.
  3. راجع: البحار 105:21.
  4. الارشاد 137: 1؛ کشف الغمّة - باب المناقب: 290، وفي بحار الأنوار 10:41، نحوه.