نبذة من الروايات الواردة في شأنه في غزوة خيبر











نبذة من الروايات الواردة في شأنه في غزوة خيبر



1- روي ابن المغازلي الشافعي، بسنده عن أياس بن سلمة، عن أبيه، قال: خرجنا إلي خيبر فکان عامر يرتجز ويقول:


واللَّه لولا اللَّه ما اهتدينا
ولا تصدّقنا ولا صلّينا


ونحن عن فضلک ما استغنينا
فثبّت الأقدام إن لاقينا


وأنزلن سکينةً علينا

ثمّ أرسلني رسول اللَّه صلي الله عليه و آله إلي عليّ بن أبي طالب، فأتاه وهو أرمد، فقال: «لأعطين الراية اليوم رجلاً يحبّ اللَّه ورسوله، ويحبّه اللَّهُ ورسوله»، فجئت به أقوده وهو أرمد حتّي أتيت به النبيّ صلي الله عليه و آله، فبصق في عينيه فبرأ، ثمّ أعطاه الراية، وخرج مرحب فقال:


قد علمت خيبر أنّي مرحب
شاکي السلاح بطلٌ مجرّب


فقال عليّ عليه السلام:


«أنا الّذي سمّتني اُمّي حيدرة
کليث غابات کريه المنظرة


اوفيکم بالسيف کيل السندرة»

قال: فضربه ففلق رأس مرحب، فقتله، وکان الفتح علي يد عليّ عليه السلام.[1] .

و قال في توضيح الشعر عن أبي محمّد عبداللَّه بن مسلم، قال: سألت بعض آل أبي طالب عن قوله: «أنا الّذي سمّتني اُمّي حيدرة»، فذکر أنّ اُمّ عليّ عليه السلام کانت فاطمة بنت أسد، فلمّا ولدت عليّاً وأبو طالب غائب، سمّته أسداً باسم أبيها، فلمّا قدم أبو طالب کره هذا الاسم الّذي سمّته به اُمّه وسمّاه عليّاً، فلمّا رجز عليّ عليه السلام يوم خيبر ذکر الاسم الّذي سمّته اُمّه.

قال: وحيدرة: اسم من أسماء الأسد، والسندرة: شجرة يعمل منها القسيّ، ويحتمل أن يکون مکيالاً يُتّخذ من هذه الشجرة، وتحتمل السندرة أيضاً أن تکون امرأة تکيل کيلاً وافياً.[2] .

2- وفيه أيضاً: بسنده عن المغيرة، عن اُمّ موسي، قالت: سمعت عليّاً عليه السلام يقول: «ما رمدت ولا صُدعت منذ مسح رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وجهي، وتفل في عيني يوم خيبر، وأعطاني الراية».[3] .

3- و فيه أيضاً: بسنده عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة، قال: بعث رسول اللَّه أبا بکر إلي خيبر، فلم يُفتح عليه، ثمّ بعث عمر فلم يُفتح عليه، فقال: «لأعطينّ الراية رجلاً کرّراً غير فرّار، يحبُّ اللَّه ورسوله، ويحبّه اللَّه ورسوله»، فدعا عليّ بن أبي طالب وهو أرمد العين، فتفل في عينيه ففتح عينه، وکأنّه لم يرمد قطّ، قال صلي الله عليه و آله: «خُذ هذه الراية، فامض بها حتّي يفتح اللَّه عليک»، فخرج يُهرول وأنا خلف أثره حتّي رکز رايته في رَضم[4] تحت الحصن، فاطّلع رجل يهودي من رأس الحصن وقال: من أنت؟ قال: «عليّ بن أبي طالب»، فالتفت إلي أصحابه وقال: غُلبتم والّذي أنزل التوراة علي موسي، قال: فواللَّه ما رجع حتّي فتح اللَّه عليه.[5] .

4- و روي ابن عبدالبرّ المالکي، عن جمع کثير من الصحابة، منهم: سعد بن أبي وقّاص، وأبي سعيد الخدري، وعبداللَّه بن عمرو... عن النبيّ صلي الله عليه و آله أنّه قال يوم خيبر: «لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحبُّ اللَّهَ ورسولَه، ويحبّه اللَّهُ ورسولُه، ليس بفرّار، يفتح اللَّه عليه يديه»، ثمّ دعا بعليّ وهو أرمد فتفل في عينيه وأعطاه الراية، ففتح عليه، ثمّ قال: وهذه کلّها آثار ثابتة.[6] .

5- وفي (السيرة النبويّة): يروي أنّ عليّاً عليه السلام بلغه مقالة النبيّ صلي الله عليه و آله، يعني قوله: «لأعطينّ الراية»، فقال عليه السلام: «اللّهمّ لا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت»... فلم يتطاول ولم يستشرف.[7] .

6- وروي الطبري بإسناده عن عبداللَّه بن بريدة، عن أبيه، قال: کان رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ربّما أخذته الشقيقة فيلبث اليوم واليومين لا يخرج، فلمّا نزل رسول اللَّه صلي الله عليه و آله خيبر، أخذته الشقيقة، فلم يخرج إلي النّاس، وأنّ أبا بکر أخذ راية رسول اللَّه، ثمّ نهض فقاتل قتالاً شديداً ثمّ رجع، فأخذها عمر فقاتل قتالاً شديداً هو أشدّ من القتال الأوّل ثمّ رجع، فاُخبر بذلک رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فقال: «أما واللَّه لأعطينّها غداً رجلاً يحبّ اللَّه ورسوله، ويحبّه اللَّه ورسوله، يأخذها عنوة»، وليس ثمّ عليّ عليه السلام، فتطاولت لها قريش، ورجا کلّ واحد منهم أن يکون صاحب ذلک، فأصبح فجاء عليّ عليه السلام علي بعير له حتّي أناخ قريباً من خباء رسول اللَّه وهو أرمد، وقد عصب بشقّة برد قطري، فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «اُدن منّي؟»، فدنا منه فتفل في عينيه فما وجعته حتّي مضي لسبيله، ثمّ أعطاه الراية فنهض بها معه وعليه حلّة اُرجوان حمراء، قد أخرج خَملها، فأتي خيبر وخرج مرحب صاحب الحصن وعليه مغفر معصفر يمان، وحجرٌ قد ثقبه مثل البيضة علي رأسه، وهو يرتجز ويقول:


قد علمت خيبر أنّي مرحب
شاکي السلاح بطل مجرّب


فقال عليّ عليه السلام:


أنا الّذي سمّتني اُمّي حَيدره
اُکيلکم بالسيفِ کيلَ السَّندُرَه


ليثُ بغابات شديدٌ قسوره

فاختلفا ضربتين، فبدره عليّ فضربه فقدّ الحجر والمغفر ورأسه حتّي وقع في الأضراس وأخذ المدينة.[8] .

وروي ابن الأثير بعين ما تقدّم عن تاريخ الطبري، وزاد في ذيله: عن أبي رافع مولي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله انّه قال: خرجنا مع عليّ عليه السلام حين بعثه رسول اللَّه صلي الله عليه و آله برايته إلي خيبر، فلمّا دنا من الحصن خرج إليه أهله، فقاتلهم فضربه يهودي فطرح ترسه من يده، فتناول عليّ عليه السلام باباً کان عند الحصن، فتترّس به عن نفسه، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتّي فتح اللَّه عليه، ثمّ ألقاه من يده، فلقد رأيتني في نفر سبعة أنا ثامنهم نجهد علي أن نقلب ذلک الباب، فما نقلبه وکان فتحها في صفر.[9] .

7- وروي الحاکم في (المستدرک) بالإسناد عن عليّ عليه السلام، قال: «سار النبيّ صلي الله عليه و آله إلي خيبر، فلمّا أتاها بعث عمر وبعث معه النّاس إلي مدينتهم أو قصرهم، فقاتلوهم، فلم يلبثوا أن هزموا عمر وأصحابه، فجاءوا يجبّنونه ويجبّنهم، فسار النبيّ صلي الله عليه و آله... الحديث.[10] .

8- و روي الصدوق بسنده عن عبداللَّه بن عمرو بن العاص، قال: إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله دفع الراية يوم خيبر إلي رجل من أصحابه - أبي بکر - فرجع منهزماً، فدفعها إلي آخر - عمر - فرجع يجبّن أصحابه ويجبّونه، قد ردّ الراية منهزماً، فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ اللَّه ورسوله، ويحبّه اللَّه ورسوله، لا يرجع حتّي يفتح اللَّه علي يديه»، فلمّا أصبح قال: «ادعوا لي عليّاً»، فقيل له: يا رسول اللَّه، هو أرمد. فقال: «ادعوه»، فلمّا جاء تفل رسول اللَّه صلي الله عليه و آله في عينيه، وقال: «اللّهمّ ادفع عنه الحرّ والبرد»، ثمّ دفع الراية إليه ومضي، فما رجع إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله إلّا بفتح خيبر.

ثمّ قال: إنّه لمّا دنا من الغموص أقبل أعداء اللَّه من اليهود يرمونه بالنبل والحجارة، فحمل عليهم عليّ عليه السلام حتّي دنا من الباب فثني رجله، ثمّ نزل مغضباً إلي أصل عتبة الباب فاقتلعه، ثمّ رمي به خلف ظهره أربعين ذراعاً.

قال ابن عمرو: ما عجبنا من فتح اللَّه خيبر علي يدي عليّ عليه السلام، ولکنّا عجبنا من قلعه الباب ورميه خلفه أربعين ذراعاً، ولقد تکلّف حمله أربعون رجلاً فما أطاقوه، فاُخبر النبيّ صلي الله عليه و آله بذلک، فقال: «والّذي نفسي بيده، لقد أعانه عليه أربعون ملکاً».

ثمّ قال: فروي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال في رسالته إلي سهل بن حنيف: «واللَّه! ما قلعتُ باب خيبر ورميتُ به خلف ظهري أربعين ذراعاً بقوّة جسديّة، ولا حرکة غذائيّة، لکنّي اُيّدتُ بقوّة ملکوتيّة، ونفس بنور ربّها مضيئة، وأنا من أحمد کالضوء من الضوء، واللَّه! لو تظاهرت العرب علي قتالي لما وَلّيتُ، ولو مکّنتني الفرصة من رِقابها لما بقيّتُ، ومَن لم يُبال متي حتفه عليه ساقط فجانه في الملمّات رابط».[11] .







  1. المناقب لابن المغازلي: 176، ح 213.
  2. المصدر السابق: 179.
  3. المصدر السابق: ح 214.
  4. الرضم والرضام: صخور عظام يرضم بعضها فوق بعض.
  5. المناقب لابن المغازلي: 179، ح 217.
  6. الاستيعاب بهامش الإصابة 36:3، ونحوه في الإصابة لابن حجر 502:2.
  7. السيرة النبويّة بهامش السيرة الحلبيّة 199:2.
  8. تاريخ الطبري 300:2.
  9. الکامل في التاريخ 597 - 596: 1.
  10. مستدرک الحاکم 37:3، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وصحّحه الذهبي أيضاً.
  11. أمالي الصدوق - المجلس السابع والسبعون: ح 10.