شرح غزوة خيبر











شرح غزوة خيبر



خيبر علي وزن جعفر، سمّيت باسم رجل من العماليق نزلها، يقال له: خيبر، وقيل: الخيبر بلسان اليهود: الحصن، ومن ثمّ قيل لها: خيابر؛ لاشتمالها علي الحصون، وهي مدينة کبيرة ذات حصون ومزارع ونخل کثيرة، بينها وبين المدينة الشريفة ثمانية برد.[1] .

جاء في مصادر التاريخ و الحديث: أنّه لمّا عاد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله من الحديبية أقام بالمدينة ذا الحجّة (ختام سنة ستّ) ومن المحرّم (افتتاح سنة سبع)، أيّاماً، واستخلف علي المدينة سِباعَ بن عُرفطة الغِفاري - وکان اللَّه وعده بمغانم عند منصرفه من الحديبية في سورة الفتح بقوله: «وَعَدَکُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ کَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا»[2] أي مغانم خيبر -، ثمّ خرج صلي الله عليه و آله منها غازياً إلي خيبر، وکان المسلمون في هذه الغزوة ألفاً وأربعمائة، والخيل مائتي فرس، وکانت الراية يومئذٍ لأمير المؤمنين عليه السلام، فمضي حتّي نزل بجيشه بالرجيع[3] ليحول بين أهل خيبر وغطفان؛ لأنّهم کانوا مظاهرين لهم علي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، وقصدت غطفان خيبر ليظاهروا اليهود عليه، ولمّا أشرف رسول اللَّه صلي الله عليه و آله علي خيبر وکان وقت الصبح، قال للنّاس: «قفوا»، فوقف النّاس فرفع يديه إلي السماء وقال: «اللّهمّ ربِّ السماواتِ السبعِ وما أظللن، وربِّ الأرضين السبع وما أقللن، وربِّ الشياطين وما أضللن، أسألک خير هذه القرية وخير ما فيها، وأعوذ بک مِن شرِّها وشرّ ما فيها»، ونزل علي خيبر ليلاً ولم يعلم أهلها، فخرجوا عند الصباح إلي عملهم بمساحيهم، فلمّا رأوه عادوا وقالوا: محمّد والجيش؟! فقال النبيّ صلي الله عليه و آله: «اللَّه أکبر، إنّا إذا نزلنا بساحة قوم «فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ»[4] ثمّ حصرهم وضيّق عليهم بضعاً وعشرين ليلة، وبدأ بالأموال يأخذها مالاً مالاً، ويفتحها حصناً حصناً، فکان أوّل حصن افتتحه حصن ناعم، وعنده قُتل محمود بن سلمة، اُلقي عليه رحيً فقتله، ثمّ القموص حصن بني أبي الحُقَيق، وأصحاب منهم رسول اللَّه صلي الله عليه و آله سَبايا، منهم صفيّة بنت حُييّ بن أخطب، وکانت عند کنانة بين الربيع بن أبي الحُقيق، فاصطفاها رسول اللَّه صلي الله عليه و آله لنفسه، وفشت السبايا في المسلمين، ثمّ افتتح حصن الصعب وهو أکثرها طعاماً وودکاً[5] ثمّ قصد حصنهم الوطيح والسُّلالم، وکانا آخر ما افتتح، فخرج منه مرحب اليهودي صاحب الحصن وعليه مغفر يمانيّ قد ثقبه مثل البيضة علي رأسه وهو يرتجز ويقول:


قد عَلِمتْ خيبرُ أنّي مَرحَبُ
شاکي السّلاح[6] بَطَلٌ مُجَرَّبُ[7] .


أطعنُ أحياناً وحيناً أضربُ
إذا الليوثُ أقبلت تَلْهَّبُ


کان حمايَ کالحِمَي لا يُقْرَبُ

فسأل المبارزة، وخرج إليه محمّد بن مسلمة وأخوه والزبير و... فرجعوا حتّي خرج إليه عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقتله.[8] .







  1. البريد: أربعةفراسخ، وکلّ فرسخ ثلاثة أميال.
  2. سورة الفتح: 20.
  3. الرجيع: وادٍ قريب خيبر.
  4. سورة الصافّات: 177.
  5. الودک: الدسم والسمن - المنجد.
  6. شاکي السلاح: ذو الشوکة والحدّة في سلاحه - لسان العرب.
  7. مجرَّب: معروف بالشجاعة.
  8. راجع: الکامل في التاريخ 594:1، والسيرة الحلبيّة بهامشه السيرة النبويّة 31:3.