ما جري من الحوادث في هذه الواقعة











ما جري من الحوادث في هذه الواقعة



وروي الطبري في تاريخ، عن عکرمة مولي ابن عبّاس، قال: إنّ قريشاً بعثوا أربعين رجلاً منهم أو خمسين رجلاً، وأمروهم أن يطيفوا بعسکر رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ليصيبوا لهم من أصحابه، فأخذوا أخذاً، فأتي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فعفا عنهم وخلّي سبيلهم، وقد کانوا رموا في عسکر رسول اللَّه بالحجارة والنبل، ثمّ دعا النبيّ صلي الله عليه و آله عمر بن الخطّاب ليبعثه إلي مکّة، فيبلغ عنه أشراف قريش ما جاء له؟ فقال: يا رسول اللَّه، إنّي أخاف قريشاً علي نفسي، وليس بمکّة من بني عدي بن کعب أحد يمنعني، وقد عرفت قريش عداوتي إيّاها وغلظتي عليها، ولکنّي أدلّک علي رجل هو أعزّ بها منّي: عثمان بن عفّان، فدعا رسول اللَّه صلي الله عليه و آله عثمان، فبعثه إلي أبي سفيان وأشراف قريش، يخبرهم أنّه لم يأت لحرب، وإنّما جاء زائراً لهذا البيت، معظّماً لحرمته، فخرج عثمان إلي مکّة، فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حين دخل مکّة، أو قبل أن يدخلها، فنزل عن دابّته فحمله بين يديه، ثمّ أردفه وأجاره حتّي بلّغ رسالة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فانطلق عثمان حتّي أتي أبا سفيان وعظماء قريش فبلّغهم عن رسول اللَّه ما أرسله به، فقالوا لعثمان حين فرغ من رسالة رسول اللَّه إليهم: إن شئت أن تطوف البيت، فطف به؟ قال: ما کنتُ لأفعل حتّي يطوف به رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فاحتبسته قريش عندها، فبلغ رسول اللَّه والمسلمين أنّ عثمان قد قُتِل.[1] .

وفيه أيضاً عن عبداللَّه بن أبي بکر، قال: إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله حين بلغه أنّ عثمان قد قتل قال: لا نبرح حتّي نناجز القوم، ودعا النّاس إلي البيعة، فکانت بيعة الرضوان تحت الشجرة؛ وذلک قول اللَّه تعالي: «لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَکَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ»[2] وقال جابر: بايعنا رسول اللَّه علي أن لا نفرّ، ولم نبايعه علي الموت.[3] .

وفيه أيضاً عن ابن إسحاق قال: فبايع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله النّاس، ولم يتخلّف عنه أحد من المسلمين حضرها، إلّا الجدُّ بن قيس أخو بني سلمة، إلي أن قال: ثمّ أتي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، إنّ الّذي کان من أمر عثمان باطل.[4] .

وفيه أيضاً عن الزهري، قال: ثمّ بعثت قريش سهيل بن عمر وأخا بني عامر بن لؤي إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وقالوا له: ائت محمّداً فصالحه، ولا يکن في صلحه إلّا أن يرجع عنّا عامه هذا، فواللَّه لا تحدّث العرب أنّه دخل علينا عنوة أبداً.

قال: فأقبل سهيل بن عمرو، فلمّا رآه رسول اللَّه صلي الله عليه و آله مقبلاً قال: «قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل»، فلمّا انتهي سهيل إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله تکلّم فأطال الکلام وتراجعا، ثمّ جري بينهما الصلح، فلمّا التأم الأمر ولم يبق إلّا الکتاب، وثبت عمر بن الخطّاب فأتي أبا بکر فقال: يا أبا بکر، أليس برسول اللَّه؟ قال: بلي، قال: أوَلسنا بالمسلمين؟ قال: بلي، قال: أوَليسوا بالمشرکين؟ قال: بلي، قال فَعَلامَ نُعطي الدنيّة في ديننا؟! قال: أبو بکر: يا عمر، الزم غَرزه، فإنّي أشهد أنّه رسول اللَّه. قال عمر: وأنا أشهد أنّه رسول اللَّه، قال: ثمّ أتي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله فقال: ألستَ برسول اللَّه؟ قال: «بلي»، قال: أوَلسنا بالمسلمين؟ قال: «بلي»، قال: أوَليسوا بالمشرکين؟ قال: «بلي»، قال: فَعَلامَ نُعطي الدنيّة في ديننا؟ فقال: «أنا عبد اللَّه ورسوله لن اُخالف أمره ولن يُضيّعني».[5] .







  1. تاريخ الطبري 278:2.
  2. سورة الفتح: 18.
  3. تاريخ الطبري 279:2.
  4. المصدر السابق: 280.
  5. المصدر السابق بعينه في الکامل في التاريخ 585 - 582: 1، والبحار 329:20 نحوه.