امتياز عليّ عن جميع من حضر غزوة الخندق باُمور











امتياز عليّ عن جميع من حضر غزوة الخندق باُمور



وقد امتاز عليّ عليه السلام في غزوة الخندق باُمور لم يشارکه فيها أحد ممّن حضر الخندق:

الأوّل: مبادرته لحماية الثغرة الّتي عبر منها عمرو وأصحابه.

الثاني: وهو أعظمّها: مبارزته عمراً وقتله، حتّي قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «لمبارزة عليّ بن أبي طالب لعمرو بن عبدودّ يوم الخندق أفضل من عمل اُمّتي إلي يوم القيامة».

الثالث: لحوقه بالمنهزمين وهو راجل وهم فرسان لم يمنعه ما به من التعب بمبارة عمرو بن عبدود ومجاولته الّتي أثارت غباراً حجبهما عن الأنظار کأنّه غبار جيش عرمرم.

الرابع: نزوله إلي نوفل إلي الخندق وقتله بضربة قسمته نصفين من ضرباته المشهورة الّتي إذا علا بها قدّ، وإذا اعترض قطّ.

الخامس: لحوقه بهبيرة، وعليّ راجل وهبيرة فارس، فلم يثبت له هبيرة مع أنّه فارس، وما نجّاه إلي الهرب علي فرسه، ومع ذلک فقد کاد أن يقتله وأسقط منه درعه الّتي احتقبها.

السادس: قتله حسل بن عمرو، ولم يکن في الثلاثة الآلاف الذين حضروا الخندق من يقوم ا ليه فيقتله حتّي جاءه عليّ عليه السلام فألحقه بأبيه.

السابع: أنّه لم يسلب عَمراً درعه مع أنّها من الدروع الممتازة بين دروع العرب.

الثامن: ما وجده في نفسه من القوّة والثبات حين بارزه بحيث لو کان أمامه جميع أهل المدينة لقدر عليهم، ولم يأخذه خوف منه ولا رهبة مع اشتهاره بالشجاعة والفروسية ومع إحجام النّاس عن مبارزته الّذي يوجب عادة وقوع الهيبة منه في نفس من يريد مبارزته.

قال الرازي في تفسيره: إنّه صلي الله عليه و آله قال لعليّ - بعد قتله لعمرو بن عبدودّ -: «کيف وجدت نفسک معه يا عليّ»، قال عليّ عليه السلام: «وجدتها لو کان أهل المدينة کلّهم في جانب، وأنا في جانب لقدرت عليهم».

التاسع: أنّ قتله عَمراً ونوفلاً کان سبب هزيمة المشرکين مع ما أصابهم من الريح والبرد وسبب خوفهم من أن يعاودوا إلي الغزو.

العاشر: أنّه توجّه اللّوم والعتاب يوم الأحزاب إلي المسلمين، کما قال اللَّه تعالي: «وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا»[1] الآية، ولم ينج من هذا التوبيخ والعتاب إلّا أمير المؤمنين عليه السلام؛ إذ کان الفتح له وعلي يديه.

الحادي عشر: قول النبيّ صلي الله عليه و آله في حقّه عليه السلام: «برز الإيمان کلّه إلي الشرک کلّه».[2] .







  1. سورة الأحزاب: 10.
  2. راجع أعيان الشيعة 397:1.