ثبات علي يوم اُحد وفرار الصحابة كلّهم











ثبات علي يوم اُحد وفرار الصحابة کلّهم



علي ما رووا اهل السيرة و التاريخ: أنّ راية رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يوم اُحد بيد أمير المؤمنين عليه السلام، کما کانت يوم بدر، وکان الفتح له أيضاً في هذه الغزوة، وخصّ بحسن البلاء فيها والصبر، وثبوت القدم عندما زلّت الأقدام، وکان له من العناء ما لم يکن لسواه من أهل الإسلام، وقتل اللَّه بسيفه رؤوس أهل الشرک والضلال، وفرّج اللَّه به الکرب عن نبيّه صلي الله عليه و آله وخطب بفضله جبرئيل عليه السلام في ملائکة الأرض والسماء، وأبان نبيّ الهدي من اختصاصه به ما کان مستوراً عن عامّة النّاس.[1] .

و عن زيد بن وهب، قال: قلت لابن مسعود: انهزم النّاس عن رسول اللَّه حتّي لم يبق معه إلّا عليّ وأبو دجانة وسهل؟ قال ابن مسعود: انهزم النّاس إلّا عليّ وحده، وثاب إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله نفر کان أوّلهم عاصم بن ثابت وأبو دجانة وسهل بن حنيف، ولحقهم طلحة بن عبيداللَّه.

فقلت له: فأين کان أبو بکر وعمر؟ قال: کانا فيمن تنحّي، فقلت: فأين کان عثمان؟ قال: جاء بعد ثلاثة من الوقعة[2] فقال له رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «لقد ذهبت فيها عريضة»، قلت: فأين کنت أنت؟ قال: فيمن تنحّي، قلت: فمن حدّثک بهذا؟ قال: عاصم بن ثابت، وسهل بن حنيف، قلت: إنّ ثبوت عليّ في ذلک المقام لعجب؟

قال: إن تعجب منه فقد تعجّبت منه الملائکة، أما علمت أنّ جبرئيل قال في ذلک اليوم وهو يعرج إلي السماء: «لا سيف إلّا ذو الفقار، ولا فتي إلّا عليّ».

فقلنا: ومن أين علم أنّ جبرئيل قال ذلک؟ فقال: سمع النّاس النداء بذلک وأخبرهم به النبيّ صلي الله عليه و آله.[3] .

وفيه أيضاً عن عمران بن حصين، قال: لمّا تفرّق النّاس عن رسول اللَّه صلي الله عليه و آله جاء عليّ متقلّداً بسيفه حتّي قام بين يديه، فرفع رأسه إليه، وقال: «ما لَکَ لم تفرّ مع النّاس؟». فقال: «يا رسول اللَّه، أرجع کافراً بعد إسلامي»، فأشار إلي قوم انحدروا من الجبل، فحمل عليهم فهزمهم، فجاء جبرئيل، وقال: يا رسول اللَّه، قد عجبت الملائکة من حسن مواساة عليّ لک بنفسه، فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «ما يمنعه من ذلک، وهو منّي وأنا منه»، فقال جبرئيل: وأنا منکما.[4] .

وروي الطبري بسنده، عن أنس بن النضر - عم أنس بن مالک -: أنّه انتهي إلي عمر بن الخطّاب وطلحة بن عبيداللَّه في رجال من المهاجرين والأنصار وقد ألقوا بأيديهم، فقال: ما يجلسکم؟ قالوا: قتل محمّد رسول اللَّه، قال: فما تصنعون بالحياة بعده، قوموا فموتوا علي ما مات عليه رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، ثمّ استقبل القوم فقاتل حتّي قُتِل.[5] .

و أصعد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله في الجبل مع جماعة من أصحابه فيهم عليّ بن أبي طالب عليه السلام وهم الذين رجعوا بعد فرارهم، أمّا عليّ عليه السلام فلم يفارق النبيّ صلي الله عليه و آله.[6] .







  1. کشف الغمّة - باب المناقب 259:1، الارشاد 78: 1.
  2. وفي الکامل في التاريخ (554:1): «وانتهت الهزيمة بجماعة المسلمين في اُحد - فيهم: عثمان بن عفّان وغيره - إلي الأعوص، فأقاموا به ثلاثاً، ثمّ أتوا النبيّ صلي الله عليه و آله، فقال لهم حين رآهم: «لقد ذهبتم فيها عريضة».
  3. کشف الغمّة - باب المناقب 259:1.
  4. المصدر السابق بعينه.
  5. تاريخ الطبري 199:2.
  6. أعيان الشيعة 389:1.