مقتل حمزة وتفرّق النّاس غير عليّ











مقتل حمزة وتفرّق النّاس غير عليّ



قال حسن الأمين في (دائرة المعارف): وکانت هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان واُمّ معاوية، جعلت جعلاً لوحشي بن حرب إن هو قتل رسول اللَّه أو حمزة أو عليّاً، فقال لها: أمّا محمّد فلا حيلة لي فيه؛ لأنّ أصحابه يطيفون به، وأمّا عليّ فإنّه إذا قاتل کان أحذر من الذئب، وأمّا حمزة فإنّي أطمع فيه؛ لأنّه إذا غضب لم يبصر بين يديه، فرمي حمزة بحربته فقتله.

وتفرّق النّاس کلّهم عن رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، وأسلموه إلي أعدائه، ولم يبق معه أحد إلّا عليّ عليه السلام، فبعضهم ذهبوا إلي المدينة، وبعضهم صعدوا فوق الصخرة الّتي في جبل اُحد.

وقال بعض أصحاب الصخرة: ليت لنا رسولاً إلي عبداللَّه بن اُبيّ فيأخذ لنا أمنة من أبي سفيان، فارجعوا إلي قومکم قبل أن يأتوکم فقتلوکم.

وبعضهم ذهبوا إلي جبل بناحية المدينة فأقاموا به ثلاثاً، ثمّ عاد جماعة من أصحاب الصخرة أربعة أو خمسة، فحاموا عن النبيّ مع عليّ عليه السلام، وکان عودهم بسبب ثبات عليّ عليه السلام، وکان عليّ هو المتميّز وحده بالمحاماة عن النبيّ صلي الله عليه و آله، فکان کلّما أقبلت إليه جماعة من المشرکين عازمين علي أن يقتلوه مجتهدين في ذلک، يقول له: «يا عليّ، احمل عليهم، فيحمل عليه السلام عليهم ويفرّقهم ويقتل فيهم، وهکذا حتّي نجّاه اللَّه من کيدهم وسلم منهم.[1] .

وعن ابن أبي الحديد: وقد روي کثير من المحدّثين: أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قال لعليّ - حين سقط ثمّ اُقيم -: «اکفني هؤلاء الجماعة - قصدت نحوه -»، فحمل عليهم فهزمهم وقتل منهم عبداللَّه بن حميد من بني أسد بن عبدالعزّي، ثمّ حملت عليه طائفة اُخري، فقال صلي الله عليه و آله له: «اکفني هؤلاء»، فحمل عليهم فانهزموا من بين يديه وقتل منهم اُميّة بن حذيفة بن المغيرة المخزومي.[2] .

وقال أيضاً في شرحه: روي أبو عمر الزاهد محمّد بن عبدالواحد اللغوي غلام ثعلب، ورواه أيضاً محمّد بن حبيب في أماليه: أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله لمّا فرّ معظم أصحابه عنه يوم اُحد، کثرت عليه کتائب المشرکين، وقصدته کتيبة من بني کنانة، فيها بنو سفيان بن عويف، وهم خالد وأبو الشعثاء وأبو الحمراء وغراب، فقال: «يا عليّ، أکفني هذه الکتيبة»، فحمل عليها وإنّها لتقارب خمسين فارساً، وهو عليه السلام راجل، فما زال يضرب فيها بالسيف حتّي تتفرّق عنه، ثمّ تجتمع عليه هکذا مراراً حتّي قتل بني سفيان بن عويف الأربعة، وتمام العشرة منها ممّن لا يعرفون بأسمائهم.

ثمّ قال: ولمّا انهزم النّاس عن النبيّ صلي الله عليه و آله في يوم اُحد وثبت أمير المؤمنين عليه السلام قال له النبيّ: «ما لَکَ لا تذهب مع القوم؟»، قال أمير المؤمنين عليه السلام: «اذهب وأدَعُکَ، يا رسول اللَّه؟! واللَّه لا برحت حتّي اُقتل أو ينجز اللَّه لک ما وعدک من النصرة»، فقال له النبيّ صلي الله عليه و آله: «أبشر يا عليّ، فإنّ اللَّه منجز وعده ولن ينالوا منّا مثلها أبداً».

ثمّ نظر إلي کتيبة قد أقبلت إليه فقال: «لو حملت علي هذه يا عليّ»، فحمل أمير المؤمنين عليه السلام عليها)، فقتل منها هشام بن اُميّة المخزومي، وانهزم القوم.

ثمّ أقبلت کتيبة اُخري، فقال له النبيّ صلي الله عليه و آله: «احمل علي هذه»، فحمل عليهم فقتل منها عمرو بن عبداللَّه الجمحي، وانهزمت أيضاً.

ثمّ أقبلت کتيبة اُخري، فقال له النبيّ صلي الله عليه و آله: «احمل علي هذه»، فحمل عليها، فقتل بشر بن مالک العامري، وانهزمت الکتيبة، ولم يعد بعدها منهم، وتراجع المنهزمون من المسلمين إلي النبيّ صلي الله عليه و آله.[3] .







  1. دائرة المعارف الإسلاميّة الشيعيّة: ج1، معرکة اُحد، الکامل في التاريخ 554:1، مختصراً.
  2. راجع أعيان الشيعة 388:1.
  3. شرح ابن أبي الحديد 250:14، أعيان الشيعة 388:1، وراجع: الإرشاد 83: 1.