اثبت اللَّه بجهاد عليّ يوم بدر قواعد الإسلام











اثبت اللَّه بجهاد عليّ يوم بدر قواعد الإسلام



قال الشيخ المفيد في أهميّة جهاد أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام: إنّ المشرکين حضروا بدراً مصرّين علي القتال، مستظهرين فيه بکثرة الأموال و العدد و العُدّة و الرّجال، و المسلمون إذ ذاک نفر قليل عددهم هناک و حضرته طوائف منهم بغير اختيار، و شهدته علي الکراهة منها له و الاضطرار، فتحدّتهم قريش بالبراز، ودعتهم إلي المصافة و النزال، و اقترحت في لقاء منهم الأکفاء، و تطاولت الأنصار لمبارزتهم، فمنعهم النبيّ صلي الله عليه و آله من ذلک، فقال لهم: «إنّ القوم دعوا الأکفاء منهم» ثمّ أمر عليّاً أميرالمؤمنين عليه السلام بالبروز إليهم، و دعا حمزة بن عبدالمطلّب، و عبيدة بن الحارث أن يبرزا معه، فلمّا اصطفوا لهم لم يثبتهم القوم، لأنّهم کانوا قد تغفّروا، فسألوهم: من أنتم؟ فانتسبوا لهم، فقالوا: أکفاء کرام، و نشبت الحرب بينهم، و بارز الوليد أميرالمؤمنين عليه السلام، فلم يلبثه حتّي قتله، و بارز عتبة حمزة رضي الله عنه فقتله حمزة، و بارز شيبة عبيدة رحمه الله فاختلف بينهما ضربتان، قطعت إحداهما فخذ عبيدة، فاستنقذه أميرالمؤمنين عليه السلام بضربة بَدَرَ بها شيبة فقتله، و شرکه في ذلک حمزة رضي الله عنه، فکان قتل هؤلاء الثلاثة أوّل وهن لحق المشرکين، و ذلّ دخل عليهم، و رهبة اعتراهم بها الرعب من المسلمين، و ظهرت بذلک أمارت نصر المسلمين.

ثمّ بارز أميرالمؤمنين عليه السلام العاص بن سعيد بن العاص بعد أن أحجم عنه من سواه، فلم يلبثه أن قتله، و برز إليه حنظلة بن أبي سفيان فقتله، و برز إليه طعيمة بن عديّ فقتله، و قتل بعده نوفل بن خويلد، و کان من شياطين قريش، و لم يزل عليه السلام يقتل واحداً منهم بعد واحد حتّي أتي علي شطر المقتولين منهم، و کانوا سبعين رجلاً، تولّي کافّة من حضر بدراً من المسلمين مع ثلاثة آلاف من الملائکة المسوِّمين قتل الشطر منهم، و تولّي أميرالمؤمنين عليه السلام قتل الشطر الآخر وحده بمعونة اللَّه له و تأييده و توفيقه و نصره، و کان الفتح له بذلک علي يديه، و ختم الأمر بمناولة النبيّ صلي الله عليه و آله کفّاً من الحصي فرمي بها في وجوههم، و قال: «شاهت الوجوه» فلم يبق أحد منهم إلّا ولّي الدبر بذلک منهزماً، و کفي اللَّه المؤمنين القتال بأمير المؤمنين عليه السلام و شرکائه في نصرة الدّين من خاصّة آل الرسول و من أيّدهم به من الملائکة الکرام، کما قال اللَّه تعالي: «و کَفَي اللَّهُ الْمُؤمِنينَ الْقِتالَ وَ کانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزيزاً».[1] .







  1. ارشاد المفيد: 61 الفصل 18 من الباب 2 و الآية: 25 من سورة الأحزاب.