ذكر غزوة بدر الكبري











ذکر غزوة بدر الکبري



ويقال لها: بدر العظمي، ويقال: بدر القتال، ويقال: بدر الفرقان[1] وکانت الواقعة في السنة الثانية من الهجرة في السابع عشر - وقيل: التاسع عشر - من شهر رمضان المبارک، وکانت يوم الجمعة.

وکان سبب ذلک: أنّه أقبل أبو سفيان بن حرب في عِير لقريش عظيمة من الشام، وفيها أموال کثيرة، ومعها أربعون رجلاً، منهم مُخرمة بن نوفل، وعمرو بن العاص، فلمّا سمع بهم رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ندب المسلمين إليهم وقال: هذه عِير قريش فيها أموالهم، فاخرجوا إليها لعلّ اللَّه أن ينفّلکموها، فانتدب النّاس، فخفّ بعضهم وثقل بعضهم، ولم يظنّوا أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ينوي حرباً مع قريش.[2] .

قال ابن الأثير في (تاريخه) ما ملخّصه: وکان أبو سفيان قد سمع أنّ النبيّ صلي الله عليه و آله يريده، فحذّر واستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري، فبعثه إلي مکّة يستنفر قريشاً ويخبرهم الخبر، فخرج ضمضم فوصل بعد أيّام إلي مکّة وهو يصرخ ببطن الوادي واقعاً علي بعيره - قد جدع[3] بعيره، وحوّل رحله، وشقّ قميصه - وهو يقول: يا معشر قريش، اللطيمة[4] اللطيمة! أموالکم مع أبي سفيان قد عرض لها محمّد وأصحابه، لا أدري إن تدرکها، الغوثَ الغوث. فتجهّز النّاس سراعاً ولم يتخلّف من أشراف قريش أحدٌ إلّا أبا لهب، وبعث مکانه العاص بن هشام بن المغيرة، فخرجوا وکانوا تسعمائة وخمسين رجلاً، وقيل: کانوا ألف رجل، وکانت خيلهم مائة فرس، فنجا منها سبعون فرساً، وغنم المسلمون ثلاثين فرساً، وکان مع المشرکين سبعمائة بعير، وکان مسير رسول اللَّه صلي الله عليه و آله لثلاث ليال خلون من شهر رمضان في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، ولم يکن فيهم إلّا فارسين: أحدهما المقداد بن عمرو الکندي، والثاني الزبير بن العوّام، وقيل: مَرثد بن أبي مَرثد، وکانت الإبل سبعين بعيراً، فکانوا يتعاقبون عليها، البعير بين الرجلين والثلاثة والأربعة، فکان بين النبيّ وعليّ وزيد بن حارثة بعير، وبين أبي بکر وعمر وعبدالرحمن بن عوف بعير، وعلي مثل هذا، وکان فرس المقداد اسمه سبحة، وفرس الزبير اسمه السَّيل، وکان لواؤه مع مُصعب بن عمير بن عبدالدار، ورايته مع عليّ بن أبي طالب عليه السلام، وعلي الساقة قيس بن أبي صعصعة الأنصاري...[5] .







  1. بدر الکبري مقابل بدر الصغري، وهي غزوة سفوان، ويقال لها بدر القتال؛ لأنّ سفوان المعروفة ببدر الاُولي لم يقع فيها قتال، ويقال لها بدر الفرقان لأنّ اللَّه تعالي فرّق فيها بين الحقّ والباطل.

    وبدر: ما بين مکّةوالمدينة، وقال الشعبي: «بئر منسوبة إلي بدر الغفاري»، وقال الواقدي: «هو اسم الموضع؛ وذلک أنّ النبي خرج سابع عشر شهر رمضان». راجع: المناقب لابن شهرآشوب 187:1.

  2. راجع: أعيان الشيعة 346:1، والسيرة الحلبيّة بهامشه السيرة النبويّة 143:2، والکامل في التاريخ 116:2، وغيرها.
  3. يعني قطع أنفه واُذناه.
  4. أي أدرکوا العِير التي تحمل الطيب والبز.
  5. الکامل في التاريخ 525:1، وفي السيرة الحلبية بهامشه السيرة النبويّة 143:2 نحوه.