هذه منقبة لعليّ لم يشركه فيها أحدٌ، وبعض ما ورد في فضيلته











هذه منقبة لعليّ لم يشرکه فيها أحدٌ، وبعض ما ورد في فضيلته



کان مبيت عليّ عليه السلام علي فراش رسول اللَّه صلي الله عليه و آله خذلاناً لأهل الکفر والعدوان، حيث بطلت آمالهم في قتل رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، وکان فيها إرغام الشيطان وانتظام الإيمان، وقد ضلّت حيلهم، وانقض ما بنوه من التدبير في قتل النبيّ صلي الله عليه و آله، ولم يکن للمبيت نظير في الثواب علي حال ولا مقارب له في الفضل مع التعقّل والتفکّر، ولذا ورد في القرآن الکريم في شأنه: «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ».[1] .

وجدير أن نذکر هنا نبذة من الأخبار المأثورة عن النبيّ صلي الله عليه و آله من الفريقين، الدالّة علي فضيلة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، وإليک لفظ الأحاديث:

روي ابن الجوزي الحنفي، و غيره من العلماء العامه و بعض علماء الشيعه، رووا: أنّه ليلة بات عليّ بن أبي طالب عليه السلام علي فراش رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، أوحي اللَّه تعالي إلي جبرئيل وميکائيل: أني آخيت بينکما، وجعلت عمر أحدکما أطول من عمر الآخر، فأيّکما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختار کلاهما الحياة، فأحبّاها، فأوحي اللَّه تعالي إليهما: أفلا کنتما مثل عليّ بن أبي طالب حين آخيت بينه وبين محمّد فبات علي فراشه يفديه نفسه ويؤثره بالحياة؟! اهطبا إلي الأرض، فاحفظاه من عدوّه، وکان جبرئيل عند رأسه، وميکائيل عند رجليه، ينادي ويقول: بخٍ بخٍ من مثلک يا ابن أبي طالب يباهي اللَّه بک الملائکة، فأنزل اللَّه عزّ وجلّ: «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي» الآية، وفي تلک الليلة أنشأ عليّ عليه السلام يقول:


وقيتُ بنفسي خير من وطئ الثري
ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر[2] .


إلي آخر الأبيات، وقد تقدّمت تمام اشعاره في قصة المبيت.

وفي (البحار) عن أخطب خوارزم: روي حديثاً يرفعه بإسناده قال: قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «نزل عليَّ جبرئيل صبيحة يوم الغار، فقلت: حبيبي جبرئيل، أراک فرحاً؟ فقال: يا محمّد، وکيف لا أکون کذلک، وقد قرّت عيني بما أکرم اللَّه به أخاک ووصيّک وإمام اُمّتک عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فقلت: بماذا أکرمه اللَّه؟ قال: باهي بعبادته البارحة ملائکته، وقال: ملائکتي، انظروا إلي حجّتي في أرضي بعد نبيّي، وقد بذل نفسه وعفّر خدّه في التراب تواضعاً لعظمتي، اُشهدکم أنّه إمام خلقي ومولي بريّتي».[3] .

روي ابن شهرآشوب، عن أبي الفضل الشيباني بإسناده عن مجاهد، قال: فخرت عائشة بأبيها ومکانه مع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وسلّم في الغار، فقال عبداللَّه بن شدّاد بن الهاد: فأين أنت من عليّ بن أبي طالب، حيث نام في مکانه، وهو يري أنّه يقتل؟! فسکتت ولم تحر جواباً.[4] .

ثمّ قال ابن شهر آشوب: وشتّان بين قوله: «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ» وبين قوله: «لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا»، وکان النبيّ صلي الله عليه و آله معه يقوّي قلبه، ولم يکن مع عليّ، وهو لم يصبه وجع، وعليّ يرمي بالحجارة، وهو مختفٍ في الغار، وعليّ ظاهر للکفّار.[5] .

وعنه أيضاً: عن الطبري والخطيب القزويني والثعلبي: ونجّي اللَّه رسوله من مکرهم، وکان اللَّه تعالي بيّت عليّ علي فراشه (صلوات اللَّه وسلامه عليهما).[6] .

ومن فضائله: أنّ اللَّه تعالي زاد مولانا عليّاً عليه السلام من القوّة الإلهيّة والقدرة الربّانيّة إلي أنّه ما قنع له أن يفدي النبيّ صلي الله عليه و آله بنفسه الشريفة حتّي أمره أن يکون مقيماً بعده في مکّة مهاجراً للأعداء قد هرّبه منهم وستره بالمبيت علي الفراش وغطّاه عنهم، وهذا ما لا يحتمله قوّة البشر إلّا بآيات باهرة من واهب النفع ودافع الضرر.[7] .

ومن فضائله ايضاً: أنّ اللَّه جلّ جلاله لم يقنع لمولانا عليّ عليه السلام بهذه الغاية الجليلة حتّي زاده من المناقب الجميلة وجعله أهلاً أن يقيم ثلاثة أيّام بمکّة لحفظ عيال سيّدنا رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وأن يسير بهم ظاهراً علي رغم الأعداء وهو وحيد من رجاله ومن يساعده علي ما بلغ من المخاطرة إليه.[8] .







  1. سورة البقرة: 207.
  2. تذکرة الخواصّ: 41، والسيرة الحلبيّة بهامشه السيرة النبويّة 27:2، والفصول المهمّة: 48، وينابيع المودّة: 92، والمناقب لابن شهرآشوب 65:2، وکنز الفوائد 55:1، والبحار 39:19 و 64.
  3. بحار الأنوار 87:19، و روي مثله يعقوبي في تاريخه 39: 2، و ابن الصباغ في الفصول المهمّه: 48، و الحلبي في السيره 192: 2، و الفخر الرازي في تفسيره 174: 5.
  4. المناقب لابن شهرآشوب 57:2.
  5. المصدر السابق: 58.
  6. المصدر السابق: 59.
  7. البحار 96:19.
  8. البحار 96:19.