تفصيل الواقعة في الحديث











تفصيل الواقعة في الحديث



في (کشف الغمّة) عن (بشائر المصطفي)، وفي (أمالي الصدوق) و(البحار) عن (غيبة النعماني) و(معاني الأخبار) و(علل الشرائع)، عن سعيد بن جبير، قال: قال يزيد بن قعنب: کنتُ جالساً مع العبّاس بن عبدالمطّلب وفريق من بني عبدالعزّي بإزاء بيت اللَّه الحرام، إذ أقبلتْ فاطمة بنت أسد اُمّ أمير المؤمنين، وکانت حاملة به لتسعة أشهر، وقد أخذها الطلق، فقالت: يا ربّ، إنّي مؤمنة بک وبما جاء من عندک من رُسل وکُتب، وإنّي مصدّقة بکلامِ جدّي إبراهيم الخليل عليه السلام، وأنّه بني البيتَ العتيق، فبحقّ الّذي بني هذا البيت، وبحقّ المولود الّذي في بطني إلّا ما يسّرت عليَّ ولادتي.

قال يزيدُ بن قعنب: فرأيتُ البيت قد انشقّ عن ظهره، ودخلتْ فاطمة فيه، وغابت عن أبصارنا، و عاد الي حاله، و الترق الحائط، فرمنا ان ينفتح لنا قفل الباب[1] فلم ينفتح، فعلمنا أنّ ذلک أمر من أمر اللَّه عزّ وجلّ، ثمّ خرجت في اليوم الرابع وعلي يدها أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، ثمّ قالت: إنّي فضّلت علي مَن تقدّمني من النساء؛ لأنّ آسية بنت مزاحم عبدت اللَّه عزّ وجلّ سرّاً في موضع لا يحبّ اللَّه أن يعبد فيه إلّا اضطراراً، وأنّ مريم بنت عمران هزّت النخلة اليابسة بيدها حتّي أکلت منها رطباً جنيّاً، وإنّي دخلت بيت اللَّه الحرام، فأکلت من ثمار الجنّة وأرزاقها (أوراقها)، فلمّا أردت أن أخرج هتف بي هاتف: يا فاطمة، سمّيه عليّاً[2] فهو عليّ و اللَّه عليّ اعلي يقول: اني شقت اسمه مِن اسمي، و ادبته بأدبي و اوقفته علي غامض علمي، وهو الّذي يکسّر الأصنام في بيتي، وهو الّذي يؤذّن فوق ظهر بيتي، ويقدّسني ويمجّدني، فطوبي لمن أحبّه وأطاعه، وويل لمن أبغضه وعصاه.

قالت: فولدت عليّاً عليه السلام ولرسول اللَّه صلي الله عليه و آله ثلاثون سنة، وأحبّه رسول اللَّه حبّاً شديداً، وقال لها: اجعلي مهده بقرب فراشي، وکان يلي أکثر تربيته، وکان يطهّر عليّاً في وقت غسله، ويوجره اللبن عند شربه، ويحرّک مهده عند نومه، ويناغيه في يقظته، ويحمله علي صدره ورقبته، ويقول: «هذا أخي، ووليّي، وناصري، وصفيّي، وذخري، وکهفي، وصهري، ووصيّي، وزوج کريمتي، وأميني علي وصيّتي، وخليفتي، وکان رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يحمله دائماً ويطوف به جبال مکّة وشعابها وأوديتها وفجاجها صلّي اللَّه علي الحامل والمحمول».[3] .

وفي (المناقب): في رواية شعبة عن قتادة، عن أنس، عن العبّاس بن عبدالمطّلب، وفي رواية الحسن بن محبوب، عن الصادق عليه السلام، والحديث مختصر: «أنّه انفتح البيت من ظهره، ودخلت فاطمة فيه، ثُمّ عادت الفتحة والتصقت، وبقيت فيه ثلاثة أيّام، فأکلت من ثمار الجنّة.

إلي أن قال: فلمّا کان اليوم الثالث، وکان يوم العاشر من ذي الحجّة، أذّن أبو طالب في النّاس أذاناً جامعاً، وقال: هلمّوا إلي وليمة ابني عليّ، ونحر ثلاثمائة من الإبل وألف رأس من البقر والغنم واتّخذوا وليمة، وقال: هلمّوا وطوفوا بالبيت سبعاً، وادخلوا علي عليّ ولدي، ففعل النّاس من ذلک، وجرت به السنّة، ووضعته اُمّه بين يدي النبيّ صلي الله عليه و آله، ففتح فاه بلسانه وحنکه، وأذّن في اُذنه اليمني، وأقام في اليسري، فعرف الشهادتين وولد علي الفطرة».[4] .

وأنشأ الحميري:


ولدتْهُ في حَرَمِ الإِلهِ وَأَمْنِهِ
وَالْبَيْتِ حَيْثُ فناؤه وَالْمسجدُ


بيضاءُ طاهرةُ الثِّيابِ کَرِيمةٌ
طابتْ وطابَ وَلِيدُها وَالْمَوْلِدُ


في ليلةٍ غابتْ نحوسُ نجومِها
وَبَدَتْ مَع الْقَمَرِ الْمُنِيرِ الْأسْعُدُ


ما لُفَّ في خِرَقِ القوابلِ مثلُه
إلّا ابنُ آمنةَ النبيُّ محمدُ[5] .







  1. سيأتيک حديث من القندوزي الحنفي: انّ تسميّة عليّ عليه السلام کان من عند اللَّه بدعاء أبي طالب عليه السلام.
  2. إنّ للکعبة باباً يمکن الدخول والخروج منه، ولکنّ الباب لم ينفتح، بل انشقّ الجدار ليکون أبلغ وأوضح وأدلّ علي خرق العادة، ولا يمکن إسناد الأمر إلي الصدفة.
  3. کشف الغمّة - باب المناقب 82:1، وراجع أمالي الصدوق: المجلس 27، ح 9، وعلل الشرائع: باب115، ص135، ح3، وثاقب المناقب: 197، ح173، والبحار 8:35.
  4. المناقب لابن شهرآشوب 174:2، وبحار الأنوار 17:35.
  5. المناقب لابن شهرآشوب 174:2.