كلمة في الاخوّة الخاصّة في الإسلام











کلمة في الاخوّة الخاصّة في الإسلام[1]



.

سمّيت مؤاخاة خاصّة باعتبار أنّها بين جماعة معدودين من المهاجرين، أو بين المهاجرين والأنصار، وإن کانت عامّة باعتبار أنّها بين جميع المسلمين الموجودين يومئذٍ، بخلاف المؤاخاة العامّة الماضية، فإنّها بين المسلمين الموجودين، ومن سيوجد إلي يوم القيامة، وأراد النبيّ صلي الله عليه و آله بها بناء الإسلام علي أساس ثابت وطيد هو تأليف القلوب، ورفع الشحناء من النفوس، والتناصر والتعاون في الأعمال؛ لأنّ ذلک هو السبب الوحيد في نجاح الأعمال ورقيّ الاُمم.

و أوّل مؤاخاة وقعت في الإسلام کانت في مکّة قبل الهجرة، حيث آخي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بين المهاجرين خاصّة، والثانية هي الّتي وقعت في المدينة بعد الهجرة بخمسة أشهر، وقد آخي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بين المهاجرين والأنصار، ووقعت المؤاخاة فيه بين أبي بکر وعمر، وبين عثمان وعبدالرحمن بن عوف، وبين طلحة والزبير، وبين أبي عبيدة الجرّاح وسالم مولي أبي حذيفة، وبين اُبيّ بن کعب وابن مسعود، وبين معاذ وثوبان، وبين أبي طلحة وبلال، وبين عمّار وحذيفة، وبين أبي الدرداء وسلمان، وبين سعد بن أبي وقّاص وصُهيب، وبين أبي ذرّ والمقداد بن عمرو، وبين أبي أيّوب الأنصاري وعبداللَّه بن سلام، وبين اُسامة وهند حجّام النبيّ، وبين معاوية والحبّاب المجاشعي، وبين فاطمة بنت النبيّ واُمّ سلمة، وبين عائشة وامرأة أبي أيّوب.[2] .

وفي کلتا المرّتين أخّر رسول اللَّه صلي الله عليه و آله منهم عليّاً لنفسه، فيتّخذه - دونهم - أخاه تفضيلاً له علي مَن سواه، ويقول له: «والّذي بعثني بالحقّ، ما أخرّتک إلّا لنفسي، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسي إلّا أنّه لا نبيّ بعدي، أنت أخي ووارثي، أنت أخي ورفيقي، أنت أخي في الدنيا والآخرة».[3] .

وقال العلّامة الحلبي الشافعي: المعروف المشهور أنّ المؤاخاة (إنّما وقعت مرّتين)، مرّة بين المهاجرين قبل الهجرة، ومرّة بين المهاجرين والأنصار بعد الهجرة، واللَّه أعلم.[4] .







  1. أعيان الشيعة 227:1.
  2. الغدير 112:3، ورواه عن تاريخ ابن عساکر 9:6.
  3. اقتباس من أحاديث مختلفة في هذا المقام، وسيأتي ذکرها.
  4. السيرة الحلبيّة بهامشه السيرة النبويّة 90:2.