هل اعترض النضير علي النبي











هل اعترض النضير علي النبي



مثل أخيه وابن أخيه؟

روت مصادرنا مناقشة غريبة لأحدهم مع النبي صلي الله عليه وآله في المدينة، وسمته النضر بن الحارث الفهري، ويحتمل أن تکون کلمة الفهري تصحيف العبدري، نسبةً إلي بني عبدالدار، والنضر تصحيف النضير.. وإذا صحت نسبتها إليه، فتکون صدرت منه في المدينة بعد حجة الوداع. وقد تقدمت من کتاب مدينة المعاجز للبحراني:267:2 وفيها:

(أقبل النضر بن الحارث فسلم علي النبي صلي الله عليه وآله فقال: يا رسول الله إذا کنت أنت سيد ولد آدم، وأخوک سيد العرب، وابنتک فاطمة سيدة نساء العالمين، وابناک الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، وعمک حمزة سيد الشهداء، وابن عمک ذا الجناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء، وعمک جلدة بين عينيک وصنو أبيک، وشيبة له السدانة.. فما لسائر قومک من قريش وسائر العرب؟! فقد أعلمتنا في بدء الإسلام أنا إذا آمنا بما تقول لنا ما لک وعلينا ما عليک.

فأطرق رسول الله صلي الله عليه وآله طويلاً، ثم رفع رأسه فقال: أما أنا والله ما فعلت بهم هذا، بل الله فعل بهم هذا، فما ذنبي؟!... فوعظه النبي صلي الله عليه وآله وقال له: إن ربک کريم، فإن أنت صبرت وتصابرت، لم يخلک من مواهبه، فارض وسلم، فإن الله يمتحن خلقه بضروب من المکاره، ويخفف عمن يشاء، وله الخلق والأمر، مواهبه عظيمة، وإحسانه واسع. فأبي الحارث). انتهي.

وقد نص ابن هشام:488:2 علي أن النضير هذا يسمي الحارث أيضاً باسم أبيه، وسماه اليعقوبي في تاريخه: 63:2 (الحارث بن الحارث بن کلدة)، وهو أمر يوجب الشک، لأنه يستغرب أن يکون لشخص اسمان معاً، خاصةً إذا کان أحدهما باسم أبيه، لأن العوائل المالکة في القبائل تحترم اسم الأب ولا تغيره إلي اسمٍ آخر، ولا تضيف معه اسماً آخر، لأنه يضعف مکانته! وهذا يفتح باب الاحتمال أن يکون الحارث أخاهم الثالث، وأن يکون هو الذي ورد اسمه في بعض الروايات أنه اعترض علي النبي صلي الله عليه وآله لإعلانه ولاية علي والحسنين من بعده عليهم السلام، فرماه الله بصاعقة أو حجر من سجيل! وبذلک يکون العذاب الواقع نزل بثلاثة أشخاص من هذه الأسرة: الأب في بدر، وولده جابر الذي نص عليه أبوعبيد، والحارث هذا.. ويکون اسم عشيرة العذاب الواقع، مثلث الانطباق علي هذه القبيلة!!

کما يحتمل أن يکون صاحبنا النضير بن الحارث، أو الحارث بن الحارث العبدري، هو الحارث المعترض، لکن لم تنزل عليه العقوبة، لأنهم ذکروا وفاته في الشام، وليس بالعذاب الواقع.

ومهما يکن، فإن من المؤکد أنه يوجد حارثٌ غيره اعترض علي النبي صلي الله عليه وآله حيث ورد ذکره في تفسير الثعلبي، وعدد من مصادرنا باسم الحارث بن النعمان الفهري، وأنه هو صاحب حجر السجيل، کما تقدم. وکذلک تقدم اسم الحارث بن عمرو الفهري، في رواية الحاکم الحسکاني، ورواية الکافي والمناقب.

ومما يؤيد أنه حارثٌ آخر، أنهم ترجموا لشخص وأولاده، ولم يذکروا عنه شرحاً، ولا ذکروا سبب موته.. فقد ينطبق عليه! قال ابن کثير في سيرته:499:2 (عامر بن الحارث الفهري، کذا ذکره سلمة عن ابن إسحاق وابن عائذ. وقال موسي بن عقبة وزياد عن ابن إسحاق: عمرو بن الحارث). وقال في ص: 502 (عمرو بن عامر بن الحارث الفهري، ذکره موسي بن عقبة). انتهي. وذکر نحوه في عيون الأثر:.358:1 وعليه، يکون الحارث صاحب حجر السجيل فهرياً، وليس عبدرياً.

ويکون جابر بن النضر العبدري الذي ورد في رواية أبي عبيد، صاحب حجر سجيل آخر.. والله العالم.

الأفجران من قريش أم... الأفجرون؟

ورد في مصادر الحديث أن أسوأ قبائل قريش، وأشدها علي النبي صلي الله عليه وآله هم بنو أمية، وبنو المغيرة، وهم فرع أبي جهل من مخزوم، وورد وصفهم بالأفجرين.. ولا بد أن نضيف إليهم بني عبدالدار فيکون الأفجرون بالجمع.. وإن کان الإنسان بعد أن يستثني بني هاشم والقلة الذين معهم من قريش، يشک في من هو الأحسن والأفجر من الباقين!!

قال السيوطي في الدر المنثور:84:4 (وأخرج البخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه، عن عمربن الخطاب رضي الله عنه في قوله: ألم تر إلي الذين بدلوا نعمة الله کفرا، قال: هما الأفجران من قريش: بنو المغيرة وبنو أمية، فأما بنو المغيرة فکفيتموهم يوم بدر، وأما بنو أمية فمتعوا إلي حين!). انتهي.

ويشبه أن يکون ذلک کلاماً نبوياً ردده عمر، وإذا صح ذلک عنه، يتوجه إليه السؤال: لماذا ولي معاوية الأموي علي حکم الشام، وأطلق يده ولم يحاسبه أبداً، ثم رتب الخلافة من بعده في شوري جعل فيها حق النقض لصهر عثمان الأموي، فأکمل بذلک تسليم الدولة الإسلامية لأحد الأفجرين من قريش؟ ولکنها.. السياسة!!