آيه إكمال الدين واللحوم المحرمه











آيه إکمال الدين واللحوم المحرمه



أول ما يواجه الباحث في آية إکمال الدين غرابة مکانها في القرآن، فظاهر ما رواه المحدثون والمفسرون عنها، أنها نزلت في حجة الوداع آية مستقلة لاجزء آية.. ثم يجدها في القرآن جزء من آية اللحوم المحرمة، وکأنها حشرت حشراً في وسطها، بحيث لو رفعنا آية إکمال الدين منها لما نقص من معناها شي ء، بل لاتصل السياق!! فما هي الحکمة من هذا السياق؟ وهل کان هذا موضعها الأصلي من القرآن، أم وضعت هنا باجتهاد بعض الصحابة؟!

نحن لانقبل القول بوقوع تحريف في کتاب الله تعالي، معاذ الله، لکن نتساءل عسي أن يعرف أحد الجواب: ما هو ربط آية إکمال الدين باللحوم المحرمة؟ ألا يحتمل أن تکون بالأساس في خاتمة سورة المائدة مثلاً، ولم يلتفت إلي ذلک الذين جمعوا القرآن، فوضعوها هنا.

ثم.. قد يقبل الإنسان أن تکون الآية نزلت بعد آيات بيان أحکام اللحوم ولکن کيف يمکن أن ينزلها الله تعالي في وسط أحکام اللحوم؟!

فإذا قال الله تعالي: أکملت لکم دينکم، فقد تمت الأحکام، فکيف يقول بعدها مباشرة: فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم؟! ثم يقول بعدها مباشرة: يسألونک ماذا أحل لهم، قل أحل لکم الطيبات وما علمتم... إلي آخر أحکام الدين الذي قال عنه أحکم الحکماء سبحانه قبل لحظات: إنه قد أکمله وأتم نعمته به؟!!

قال في الدر المنثور:259:2:

وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله: اليوم أکملت لکم دينکم قال: هذا نزل يوم عرفة، فلم ينزل بعدها حرامٌ ولا حلالٌ. انتهي.

وقال في:257:2:

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس... فلما کان واقفاً بعرفات نزل عليه جبريل وهو رافع يده والمسلمون يدعون الله: اليوم أکملت لکم دينکم، يقول حلالکم وحرامکم فلم ينزل بعد هذا حلالٌ ولا حرامٌ. انتهي.

والأحاديث والأقوال في عدم نزول أحکام بعد الآية کثيرة، وقد مر بعضها، ولا نحتاج إلي استقصائها بعد أن کان ذلک مفهوماً من الآية نفسها.