قريش في حجه الوداع











قريش في حجه الوداع



رأيت في أحاديث حجة الوداع کيف رکز النبي صلي الله عليه وآله في خطبه وکلامه وتصرفاته علي مقام أهل بيته الطاهرين عليهم السلام، فبشر الأمة بالأئمة الإثني عشر منهم، وبلغها أن الله تعالي فرض وجوب طاعتهم إلي جانب القرآن، فسماهم مع القرآن (الثقلين)، وأنه تعالي کرمهم فحرم عليهم الصدقات، وجعل لهم مالية خاصة هي: الخمس.. إلخ.

لقد کانت خطبه صلي الله عليه وآله في الحج، وما رافقها من أعماله وأقواله، في علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، أقصي ما يمکن أن تتحمله قريش من ترسيخ قيادة بني هاشم، و(حرمان) بقية قبائل قريش من القيادة حسب زعمهم، بل تکريس قريش عبيداً طلقاء محکومين لبني هاشم!!

ولا تذکر المصادر السنية ردة الفعل الصريحة لزعماء قريش المعروفين علي هذه الخطب والأعمال النبوية في حجة الوداع.

ومن الطبيعي أن لاتذکر ذلک.. فهل تريد من مصدر قرشي أن يعترف لک بأن قريشاً لم تکن مرتاحة لکلام النبي صلي الله عليه وآله؟! وأن سهيل بن عمرو، وعکرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية بن خلف، وحکيم بن حزام، وصهيب بن سنان، وأباالأعور السلمي... وغيرهم، وغيرهم.. کانوا مکفهري الوجوه من تمهيد النبي صلي الله عليه وآله لبني هاشم، وأنهم نشطوا في اتصالاتهم مع القرشيين المهاجرين، من غير بني هاشم لمعالجة هذا الإتجاه النبوي الخطير؟!!

أما مصادرنا الشيعية فتذکر أنهم نشطوا ضد بني هاشم منذ فتح مکة، إلا أن نشاطهم زاد في حجة الوداع، وتفاقم في مني في أيام التشريق، وکانت نتيجة مشاوراتهم ومحادثاتهم أن کتبوا بينهم صحيفة تسميها مصادرنا (الصحيفة الملعونة) لأنهم تعاهدوا فيها أن لايسمحوا لبني هاشم أن يجمعوا بين النبوة والخلافة!

وتذکر أن بضعة نفر من ممثليهم انسلوا خفية من مني إلي مکة، وعلقوا الصحيفة الملعونة الثانية في داخل الکعبة، حيث کانوا علقوا الصحيفة الملعونة الأولي! فکانت صحيفة قرشية جديدة ضد بني هاشم، ولکنها هذه المرة سرية وليست علنية، کما أنها ليست لمحاصرتهم في الشعب باسم اللات والعزي.. بل لعزلهم سياسياً وحرمانهم من القيادة بعد النبي صلي الله عليه وآله، باسم.. الإسلام!!

وذکرت مصادرنا أن الله تعالي أطلع نبيه صلي الله عليه وآله علي هذه الصحيفة، فأخبر أصحابها بفعلتهم، فارتعدت فرائصهم! وأنه نظر بغضب الي أبي عبيدة بن الجراح وقال له (أصبحت أمين هذه الأمة؟!) لأنه کان مؤتمنا علي نسخة الصحيفة!

ولکنه صلي الله عليه وآله اکتفي بإتمام الحجة عليهم، وترک لهم حرية العمل، تطبيقاً لقانون تبليغ الأنبياء عليهم السلام وواجبهم في إقامة الحجة لله تعالي علي عباده!

ولا بد أن يکون ما ذکرته الصحاح السنية من لغطٍ وکلامٍ وضجةٍ وصراخٍ في وسط خطبة النبي صلي الله عليه وآله في عرفات، عندما وصل إلي نسب الأئمة الإثني عشر من أهل بيته.. من فعاليات قريش المنظمة ضد بني هاشم، وأن يکون النبي صلي الله عليه وآله أنبهم عليه أيضاً، قال لهم في أنفسهم قولاً بليغاً، وعرفهم أنه مطلع عليه جيداً!!