ملاحظات عامه حول الأقوال المخالفه











ملاحظات عامه حول الأقوال المخالفه



الملاحظة الأولي:

مع أن البخاري عقد للآية في صحيحه بابين: الأول في:88:5 وروي فيه حديثا عن عائشة في التبليغ وعدم الکتمان، والثاني في:9:8 وروي فيه عن الزهري في التبليغ، کما روي حديثين تضمنا الآية في:50:6 وفي:210:8 وکذا مسلم:110:1.

مع هذا، فلم يرويا ولا روي غيرهما من أصحاب الصحاح شيئاً في تفسير الآية، ما عدا رواية الترمذي في الحراسة، والتي قال عنها إنها غريبة.

ونحن لانري أن عدم روايتهم لحديثٍ دليلاً ولا مؤشراً علي ضعفه، فکم من حديثٍ هو أصح مما في الصحاح لم يرووه، وکم من حديثٍ روته الصحاح، وذکر له علماء الجرح والتعديل عللاً کثيرة.

لکنا نريد القول: إن أصحاب الصحاح حريصون علي رد مذهب أهل البيت عليهم السلام، وهم يعرفون أن آية التبليغ هذه يستدل بها أهل البيت وشيعتهم علي مذهبهم، فلو کان عندهم رواية قوية في ردها لرووها وکرروها، حتي لاتبقي روايات الشيعة بلا معارض قوي. فمن ذلک نستکشف أن ترکهم لروايتها ليس بسبب ضعف سندها، بل بسبب ما رأوه من ضعف متنها، وتعارض صيغها، وورود الإشکالات علي کل واحدة منها! فاضطروا بذلک إلي عدم الرد علي روايات الشيعة، وما وافقها من روايات السنة، وبذلک بقيت بلا معارض من الصحاح الستة!

الملاحظة الثانية:

أن روايات السنيين في تاريخ نزول الآية قد غطَّت الثلاث وعشرين سنة، التي هي کل مدة بعثة النبي صلي الله عليه وآله ما عدا حجة الوداع التي نزلت فيها سورة المائدة! وهو أمر يوجب الشک في أن الغرض من سعة تلک الروايات، واستثنائها تلک الفترة وحدها، هو التهرب من الفترة التاريخية التي نزلت فيها السورة!

الملاحظة الثالثة:

أن سبب نزول الآية في مصادرنا سبب واحد، بتاريخ واحد، علي نحو الجزم واليقين. أما في مصادر إخواننا السنيين فأسبابٌ متعددة، بتواريخ متناقضة، وعلماؤهم منها في شکٍّ وحيرة، ولم تروها صحاحهم الستة. وفي رواياتهم ما يوافق قول أهل البيت عليهم السلام وإن لم يقبله خلفاء قريش!

وعندما نواجه من کتاب الله تعالي آيةً يتفق المسلمون علي أنها نزلت مرة واحدة في تاريخ واحد، ونجد أنهم يروون تاريخاً متفقاً عليه، وفيهم أهل بيت نبيهم صلي الله عليه وآله ويروي بعضهم أسباباً أخري متعارضة مختلفاً فيها.. فإن السبب المجمع علي روايته يکون أقوي وأحق بالإتباع والفتوي.