الائمه الإثنا عشر لا يحتاجون إلي اختيار ولا بيعه











الائمه الإثنا عشر لا يحتاجون إلي اختيار ولا بيعه



وهذا واضح من الحديث.. فما دام الله تعالي قد اختارهم، فواجب الأمة أن تطيعهم (وما کان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمراً أن تکون لهم الخيرة من أمرهم) فهم يستمدون شرعيتهم من رب الأمة، ورب الناس ومالکهم، وهو الحکيم الخبير بما يصلح عباده.. واختياره للناس أفضل من اختيارهم لأنفسهم، وألزم. فالأئمة الإثنا عشر من هذه الناحية مفروضو الطاعة من الله تعالي شبيهاً بالأنبياء عليهم السلام، والنبي لايکون بالإنتخاب، ولا يحتاج إلي أن يبايعه الناس.. بل لو لم يبايعه أحد من الناس، وآذوه وقتلوه.. فإن ذلک لاينقص من وجوب طاعته شيئاً! ولو بايعه کل الناس لکان معناه اعترافهم بحق الطاعة الذي جعله الله له، وإعلان التزامهم به، لاأکثر.

فبيعة الناس للأنبياء وأوصيائهم عليهم السلام إنما هي بيعة اعتراف والتزام بحقهم في الإطاعة، وهي تؤکد هذا الحق، ولا تنشؤه.

وهذا هو السبب في أن النبي صلي الله عليه وآله کان يأخذ البيعة علي المسلمين في المنعطفات الهامة في حياة الأمة، ليؤکد بذلک عليهم الإلتزام بإطاعته في السراء والضراء، والحرب والسلم، وفيما أحبوا أو کرهوا!

وهذا هو السبب نفسه في أن النبي صلي الله عليه وآله بعد أن بلغ الأمة ولاية علي عليه السلام في غدير خم، أمر بأن تنصب له خيمة وأن يهنئه المسلمون بولايته التي أمر الله تعالي بها.. أن يهنئوه تهنئة، ثم يبايعوه..

فالإختيار الإلهي قد تم، وهو يحتاج إلي قبول وتهنئة، ولا يحتاج إلي مشورتهم ولا إلي بيعتهم.. لکن لو طلبها النبي صلي الله عليه وآله منهم وجبت عليهم.. ولو طلبها علي منهم، وجبت عليهم أيضاًً.

ولهذا لاتنفع مناقشة المناقشين بأن ما طلبه النبي صلي الله عليه وآله من المسلمين في الغدير کان مجرد التهنئة لعلي عليه السلام بالولاية، ولم يکن البيعة.. لأن صدور الأمر الإلهي بولاية أحد يفرغ البيعة البشرية من القوة الإنشائية، ويحصر قيمتها في الإعتراف والإلتزام بالأمر الإلهي، عندما يطلبها منهم النبي صلي الله عليه وآله أو الولي عليه السلام.

والقاعدة الکلية في هذا الموضوع: أن الأمة إنما تملک الولاية علي نفسها واختيار حکامها- في حدود ما ثبت في الشريعة المقدسة- في حالة عدم اختيار الله تعالي لأحد.. أما إذا اختار عزوجل إماماً فقد قضي الأمر، ولم يبق معنيً لاختيار الأمة لحاکم آخر، إلا أنها تتفلسف في مقابل ربها عزوجل وتخالف اختيار مالکها الحکيم سبحانه!