تضارب متون الأحاديث الثلاثه











تضارب متون الأحاديث الثلاثه



روت مصادر السنيين حديث الأئمة الاثني عشر عن جابر بن سمرة بصيغتين، وجاء حديث أبي جحيفة بإحداهما، وانفرد حديث ابن مسعود بصيغته.. فتکون الصيغ ثلاثاً:

الأولي: مفادها أن هؤلاء الموعودين يکونون بعد النبي صلي الله عليه وآله وأنهم من قريش. وهذا مضمون أکثر روايات ابن سمرة. وقد عرفت أن أنهم صححوا هذه الصيغة، ومنهم الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم1075.

الثانية: أن هؤلاء الأئمة الاثني عشر يحکمون بعد النبي صلي الله عليه وآله وأنهم من قريش، وأن الإسلام لايزال عزيزاً مدة حکمهم، ثم يضعف ويذل أو ينهار. وهي صيغة عدد من روايات جابر بن سمرة، وصيغة کل روايات أبي جحيفة أيضاً. وقد صححها کثير من علمائهم، ومنهم الألباني في سلسلته أيضاًبرقم376 قال: عن ابن سمرة، وحسن رواية أبي جحيفة، وجعل رواية ابن مسعود شاهداً علي صحتهما، ورد زيادة أبي داود وغيره التي تصف هؤلاء الأئمة بأن الأمة تجتمع عليهم، ووصف هذه الزيادة بأنها منکرة.

الثالثة: أنهم يکونون بعد النبي صلي الله عليه وآله کأوصياء موسي وعيسي عليهم السلام بدون ذکر قريش. وهي صيغة أکثر روايات حديث ابن مسعود.

وأهم ملاحظة علي هذه الأحاديث وصيغها، تفاوتها واضطرابها، وهو أمر غير مقبول في حديث من هذا النوع.. وتعارض لايقبل الحل، لأنه موجود حتي في الصيغ والألفاظ المنقولة عن الراوي الواحد! فلو وجدنا نصاً متضارباً شبيهاً لأحديث الأئمة الاثني عشر عن شيخ قبيلة صغيرة، قاله لقبيلته وهو يودعها قبل موته، وأخبرها بفراسته عن شيوخها الذين سيحکمونها من بعده.. لقلنا بوقوع تحريف في کلامه!

فکيف نقبل بذلک لسيد الأنبياء صلي الله عليه وآله وسيد البلغاء، وهو يودع خاتمة الأمم، ويخبرها عن ربه بأئمتها من بعده، وعلي أوسع ملأ من جماهيرها!!

التهمة بالدرجة الأولي هي احتمال تحريف هوية هؤلاء الأئمة.. والمتهم هو المستفيد من ذلک، وهو السلطة التي حکمت بعد النبي صلي الله عليه وآله وهي التي أبعدت أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله عن الحکم، بل بادرت إلي بيعة السقيفة بدون أن تخبرهم، مغتنمةً انشغالهم بجنازة النبي صلي الله عليه وآله!! وتتأکد التهمة لرواة الحديث عند الباحث المحايد عندما يجد أن التفاوت والتعارض، قد ترکز علي صفة هؤلاء الأئمة الموعودين ومقامهم الإلهي، وهويتهم، ونسبهم، ووقتهم، ومدتهم!

وهو أمر يضعف الثقة بصيغ الحديث في مصادر السنة، ويقوي الثقة بصيغه المتوافقة المجمع علي مضمونها الواردة في مصادرنا، والتي تقول إنه صلي الله عليه وآله قال لهم إنهم من عترته غرسوا في هذا الحي من بني هاشم، وإنهم علي والحسن والحسين وتسعة من ذرية الحسين عليهم السلام.

ولهذا کان أميرالمؤمنين عليه السلام يجاهر بهذه الحقيقة، ويصدع بها علي منبر الخلافة فيقول (نهج البلاغة:27:2 )

(أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا، کذباً وبغياً علينا أن رفعنا الله ووضعهم، وأعطانا وحرمهم، وأدخلنا وأخرجهم. بنا يستعطي الهدي ويستجلي العمي. إن الأئمة من قريش، غرسوا في هذا البطن من هاشم. لاتصلح علي سواهم، ولا تصلح الولاة من غيرهم)!!