من قريش، لكن من عتره النبي











من قريش، لکن من عتره النبي



لو غضضنا النظر عن کل الإشکالات علي الحديث، وقبلنا أنه صدر عن النبي صلي الله عليه وآله بصيغته التي صححوها في مصادرهم.. فهو إذن يقول: إن قادة الأمة الخاتمة اثنا عشر ربانياً قيماً علي الأمة، وإنهم من قريش.

ويأتي هنا السؤال: من أي قريش اختارهم الله تعالي؟ إن بطون قريش أو قبائلها أکثر من عشرين قبيلة.. وقد ثبت في صحاحهم أن الله تعالي اختار قريشاً من العرب، واختار هاشماً من قريش.. فهل يعقل من الحکيم الذي اختار الله تعالي معدن هاشم علي غيره، أن يختار الأئمة الإثني عشر الوارثين لنبيه صلي الله عليه وآله.. من غير بني هاشم؟!! ففي صحيح مسلم:58:7 عن واثلة بن الأسقع: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: إن الله اصطفي کنانة من ولد إسماعيل، واصطفي قريشاً من کنانة، واصطفي من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم. انتهي.

ورواه الترمذي:245:5 وقال (هذا حديث حسن صحيح غريب). وقال عنه في ص: 243 (هذا حديث حسن صحيح). ثم روي عدة أحاديث بمضمونه، منها: عن العباس بن عبدالمطلب قال: قلت يا رسول الله إن قريشاً جلسوا فتذاکروا أحسابهم بينهم، فجعلوا مثلک مثل نخلة في کبوة من الأرض.

(والکبوة المزبلة!) فقال النبي صلي الله عليه وسلم: إن الله خلق الخلق فجعلني من خير فرقهم، وخير الفريقين، ثم خير القبائل فجعلني من خير القبيلة، ثم خير البيوت فجعلني من خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفساً، وخيرهم بيتاً. هذا حديث حسن. وروي نحوه بعده بسند آخر، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب. انتهي.

وفي صحيح البخاري:138:4 باب قول الله تعالي: وإذ کر في الکتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مکاناً شرقياً. وإذ قالت الملائکة يا مريم إن الله يبشرک بکلمة. إن الله اصطفي آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران علي العالمين، إلي قوله يرزق من يشاء بغير حساب. قال ابن عباس: وآل عمران المؤمنون من آل إبراهيم، وآل عمران وآل ياسين، وآل محمد، صلي الله عليه وسلم. انتهي.

ويطول الکلام لو أردنا أن نستعرض ما ورد من القرآن والسنة في اختيار الله تعالي لبني هاشم، واصطفائهم، وتفضيلهم، وحقهم علي الأمة. وليس ذلک إلا بسبب أن النبي صلي الله عليه وآله وعترته منهم، فهم جوهرة معدن هاشم، بل هم جوهرة کل بني آدم.

ويمکن للباحث هنا أن يصل بمعادلة بسيطة، بشهادة البخاري، إلي أن هؤلاء الأئمة الإثني عشر هم آل محمد صلي الله عليه وآله.. فالأئمة بنص الحديث اثنا عشر اختارهم الله من قريش، وآل محمد بنص هذا الحديث اصطفاهم الله تعالي کآل إبراهيم. فالأئمة المبشر بهم إذن.. هم آل محمد المصطفون، المطهرون. ويؤيد ذلک ما رواه البخاري من أن علياً أول شاکٍ من هذه الأمة يوم القيامة! فهذا يعني أنه صاحب قضية هامة أعطاها الله الأولوية في محکمته الکبري علي کل قضايا الأمة، بل علي قضايا الأمم قاتبة.. لأنها أعظم ظلامة في تاريخ النبوات والأمم علي الاطلاق!!

قال البخاري في صحيحه:6:5 (عن قيس بن عبادة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة)!! انتهي.

وبهذا يمکننا أن نفهم قول علي عليه السلام في نهج البلاغة:82:1:

والله ما تنقم منا قريش إلا أن الله اختارنا عليهم، فأدخلناهم في حيزنا، فکانوا کما قال الأول:


أدمت لعمري شُرْبَک المحضَ صابحاً
و أکلک بالزُّبد المقشرة البُجْرَا


ونحن هبناک لعلاء ولم تکن
علياً وحُطْنَا حولک الجُرد والسمرا