نماذج من نصوص خطب الوداع











نماذج من نصوص خطب الوداع



ماذا قال صلي الله عليه وآله في خطب الوداع الست؟ في مکة يوم التروية، وفي خطبة عرفات، وفي خطبة مني يوم العيد، وفي خطبة اليوم الثاني، وفي خطبة مسجد الخيف يوم النفر.. وفي خطبة غدير خم؟

مع أن المصادر نقلت القليل من الخطب النبوية الخمس في مکة وعرفات ومني، وخلطت بين مضامينها.. لکنا نجد في رواياتها المتعددة أنه صلي الله عليه وآله طرح کل الأمور المهمة التي تحتاج إليها الأمة من بعده.. وهذه أولاً نماذج من الخطب الشريفة من مصادر الفريقين:

قال ابن شعبة الحراني المتوفي حدود سنة350 في تحف العقول ص:30 خطبته صلي الله عليه وآله في حجة الوداع:

(الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لاإله إلا الله، وحده لاشريک له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.أوصيکم عباد الله بتقوي الله، وأحثکم علي العمل بطاعته، وأستفتح الله بالذي هو خير.

أما بعد: أيها الناس! إسمعوا مني ما أبين لکم، فإني لاأدري لعلي لاألقاکم بعد عامي هذا في موقفي هذا.

أيها الناس: إن دماءکم وأعراضکم عليکم حرام، إلي أن تلقوا ربکم، کحرمة يومکم هذا في بلدکم هذا. ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد.

فمن کانت عنده أمانة فليؤدها إلي من ائتمنه عليها.

وإن ربا الجاهلية موضوع، وإن أول ربا أبدأ به ربا العباس بن عبدالمطلب.

وإن دماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب.

وإن مآثر الجاهلية موضوعة، غير السدانة والسقاية.

والعمد قَوَدٌ، وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجر، وفيه مائة بعير، فمن ازداد فهو من الجاهلية.

أيها الناس: إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضکم هذه، ولکنه قد رضي بأن يطاع فيما سوي ذلک، فيما تحتقرون من أعمالکم.

أيها الناس: إنما النسئ زيادة في الکفر، يضل به الذين کفروا، يحلونه عاماً ويحرمونه عاما، ليواطؤوا عدة ماحرم الله. وإن الزمان قد استدار کهيئته يوم خلق السماوات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في کتاب الله يوم خلق السماوات والأرض، منها أربعة حرم ثلاثة متوالية، وواحد فرد: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب بين جمادي وشعبان. ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد.

أيها الناس: إن لنسائکم عليکم حقاً، ولکم عليهن حقاً، حقکم عليهن أن لايوطئن أحداً فرشکم، ولا يدخلن أحدا تکرهونه بيوتکم، إلا بإذنکم، وألا يأتين بفاحشة، فإن فعلن فإن الله قد أذن لکم أن تعضلوهن وتهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضرباً غير مبرح، فإذا انتهين وأطعنکم فعليکم رزقهن وکسوتهن بالمعروف. أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بکتاب الله، فاتقوا الله في النساء، واستوصوا بهن خيراً.

أيها الناس: إنما المؤمنون إخوة، ولا يحل لمؤمن مال أخيه إلا عن طيب نفس منه. ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد. فلا ترجعن کفاراً يضرب بعضکم رقاب بعض، فإني قد ترکت فيکم ما إن أخذتم به لن تضلوا: کتاب الله وعترتي أهل بيتي. ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد.

أيها الناس: إن ربکم واحد، وإن أباکم واحد، کلکم لآدم وآدم من تراب، إن أکرمکم عند الله أتقاکم. وليس لعربي علي عجمي فضل إلا بالتقوي.

ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم.

قال: فليبلغ الشاهد الغائب.

أيها الناس: إن الله قسم لکل وارث نصيبه من الميراث، ولا تجوز لوارث وصية في أکثر من الثلث، والولد للفراش وللعاهر الحجر.

من ادعي إلي غير أبيه، ومن تولي غير مواليه، فعليه لعنة الله والملائکة والناس أجمعين، ولا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً، والسلام عليکم ورحمة الله).

وفي الکافي:403:1

(عن الحکم بن مسکين، عن رجل من قريش من أهل مکة قال: قال سفيان الثوري: إذهب بنا إلي جعفر بن محمد، قال فذهبت معه إليه، فوجدناه قد رکب دابته، فقال له سفيان: يا أباعبدالله حدثنا بحديث خطبة رسول الله صلي الله عليه وآله في مسجد الخيف.

قال: دعني حتي أذهب في حاجتي فإني قد رکبت، فإذا جئت حدثتک.

فقال: أسألک بقرابتک من رسول الله صلي الله عليه وآله لما حدثتني.

قال: فنزل، فقال له سفيان: مر لي بدواة وقرطاس حتي أثبته، فدعا به ثم قال: أکتب: بسم الله الرحمن الرحيم. خطبة رسول الله صلي الله عليه وآله في مسجد الخيف:

نضر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها وبلغها من لم تبلغه.

يا أيها الناس ليبلغ الشاهد الغائب، فرب حامل فقه ليس بفقيه، ورب حامل فقه إلي من هو أفقه منه.

ثلاثٌ لايغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله، والنصيحة لأئمة المسلمين، واللزوم لجماعتهم، فإن دعوتهم محيطة من ورائهم.

المؤمنون إخوةٌ تتکافي دماؤهم، وهم يد علي من سواهم، يسعي بذمتهم أدناهم.

فکتبه سفيان ثم عرضه عليه، ورکب أبوعبدالله عليه السلام وجئت أنا وسفيان، فلما کنا في بعض الطريق قال لي: کما أنت، حتي أنظر في هذا الحديث. قلت له: قد والله ألزم أبوعبدالله رقبتک شيئاً لايذهب من رقبتک أبداً! فقال: وأي شي ء ذلک؟ فقلت له: ثلاث لايغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله، قد عرفناه. والنصيحة لأئمة المسلمين، من هؤلاء الأئمة الذين يجب علينا نصيحتهم؟ معاوية بن أبي سفيان، ويزيد بن معاوية، ومروان بن الحکم، وکل من لاتجوز الصلاة خلفهم؟ وقوله: واللزوم لجماعتهم، فأي الجماعة؟ مرجي ء يقول: من لم يصل ولم يصم ولم يغتسل من جنابة وهدم الکعبة ونکح أمه فهو علي إيمان جبرئيل وميکائيل؟! أو قدري يقول: لايکون ما شاء الله عزوجل، ويکون ما شاء إبليس؟! أو حروري يتبرأ من علي بن أبي طالب، ويشهد عليه بالکفر؟! أو جهمي يقول: إنما هي معرفة الله وحده، ليس الإيمان شي ء غيرها؟!

قال: ويحک، وأي شي ء يقولون؟!

فقلت: يقولون: إن علي بن أبي طالب والله، الإمام الذي وجب علينا نصيحته. ولزوم جماعتهم: أهل بيته.

قال: فأخذ الکتاب فخرقه، ثم قال: لاتخبر بها أحداً!). انتهي.

وفي تفسير علي بن إبراهيم:171:1

(وحج رسول الله صلي الله عليه وآله حجة الوداع لتمام عشر حجج من مقدمه المدينة، فکان من قوله بمني أن حمد الله وأثني عليه، ثم قال: أيها الناس: إسمعوا قولي واعقلوه عني، فإني لاأدري لاألقاکم بعد عامي هذا. ثم قال: هل تعلمون أي يوم أعظم حرمة؟

قال الناس: هذا اليوم.

قال: فأي شهر؟

قال الناس: هذا.

قال: وأي بلد أعظم حرمة؟

قالوا: بلدنا هذا.

قال: فإن دماءکم وأموالکم وأعراضکم عليکم حرام، کحرمة يومکم هذا في شهرکم هذا في بلدکم هذا، إلي يوم تلقون ربکم، فيسألکم عن أعمالکم. ألا هل بلغت أيها الناس؟ قالوا: نعم. قال: اللهم اشهد.

ثم قال: ألا وکل مأثرة أو بدعة کانت في الجاهلية، أو دم أو مال، فهو تحت قدمي هاتين، ليس أحد أکرم من أحد إلا بالتقوي. ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم.

قال: اللهم اشهد.

ثم قال: ألا وکل ربا کان في الجاهلية فهو موضوع، وأول موضوع منه ربا العباس بن عبدالمطلب. ألا وکل دم کان في الجاهلية فهو موضوع، وأول موضوع دم ربيعة. ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم.

قال: اللهم اشهد.

ثم قال: ألا وإن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضکم هذه، ولکنه راض بما تحتقرون من أعمالکم، ألا وإنه إذا أطيع فقد عبد! ألا أيها الناس: إن المسلم أخو المسلم حقاً، لايحل لامري ء مسلم دم امري ء مسلم وماله إلا ما أعطاه بطيبة نفس منه. وإني أمرت أن أقاتل الناس حتي يقولوا لاإله إلا الله، فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحقها، وحسابهم علي الله. ألا هل بلغت أيها الناس؟ قالوا: نعم.

قال: اللهم اشهد.

ثم قال: أيها الناس: إحفظوا قولي تنتفعوا به بعدي، وافهموه تنعشوا. ألا لاترجعوا بعدي کفاراً يضرب بعضکم رقاب بعض بالسيف علي الدنيا، فإن فعلتم ذلک- ولتفعلن- لتجدوني في کتيبة بين جبرئيل وميکائيل أضرب وجوهکم بالسيف ثم التفت عن يمينه فسکت ساعة، ثم قال: إن شاء الله، أو علي بن أبي طالب. ثم قال: ألا وإني قد ترکت فيکم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلوا: کتاب الله، وعترتي أهل بيتي، فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض. ألا فمن اعتصم بهما فقد نجا، ومن خالفهما فقد هلک. ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم.

قال: اللهم اشهد.

ثم قال: ألا وإنه سيرد علي الحوض منکم رجال فيدفعون عني، فأقول: رب أصحابي؟ فيقول: يا محمد إنهم أحدثوا بعدک وغيروا سنتک، أقول: سحقاً سحقاً.

فلما کان آخر يوم من أيام التشريق أنزل الله: إذا جاء نصر الله والفتح، فقال رسول الله صلي الله عليه وآله: نعيت إلي نفسي، ثم نادي الصلاة جامعة في مسجد الخيف، فاجتمع الناس فحمد الله، وأثني عليه، ثم قال: نضر الله امرء سمع مقالتي فوعاها، وبلغها من لم يسمعها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلي من هو أفقه منه. ثلاث لايغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله، والنصيحة لأئمة المسلمين، ولزم جماعتهم، فإن دعوتهم محيطة من ورائهم. المؤمنون إخوة تتکافأ دماؤهم، يسعي بذمتهم أدناهم، وهم يد علي من سواهم. أيها الناس: إني تارک فيکم الثقلين. قالوا: يا رسول الله وما الثقلان؟

قال: کتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض، کإصبعي هاتين- وجمع بين سبابتيه- ولا أقول کهاتين وجمع سبابته والوسطي، فتفضل هذه علي هذه.

فاجتمع قوم من أصحابه وقالوا يريد محمد أن يجعل الإمامة في أهل بيته، فخرج أربعة نفر منهم إلي مکة ودخلوا الکعبة، وتعاهدوا وتعاقدوا وکتبوا فيما بينهم کتاباً: إن مات محمد أو قتل أن لايردوا هذا الأمر في أهل بيته أبداً! فأنزل الله علي نبيه في ذلک: أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون. أم يحسبون أنا لانسمع سرهم ونجواهم، بلي ورسلنا لديهم يکتبون... انتهي.

وفي صحيح البخاري:126:5:

عن أبي بکرة عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: الزمان قد استدار کهيئة يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادي وشعبان.

أي شهر هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم.

فسکت حتي ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال: أليس ذا الحجة؟

قلنا: بلي.

قال: فأي بلد هذا؟

قلنا: الله ورسوله أعلم، فسکت حتي ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال: أليس البلدة؟ قلنا: بلي.

قال: فأي يوم هذا؟

قلنا: الله ورسوله أعلم، فسکت حتي ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال: أليس يوم النحر؟ قلنا: بلي.

قال: فإن دماءکم وأموالکم- قال محمد وأحسبه قال وأعراضکم- عليکم حرام کحرمة يومکم هذا في بلدکم هذا في شهرکم هذا، وستلقون ربکم فسيسألکم عن أعمالکم.

ألا فلا ترجعوا بعدي ضلالاً يضرب بعضکم رقاب بعض. ألا ليبلغ الشاهد الغائب، فلعل بعض من يبلغه أن يکون أوعي له من بعض من سمعه. انتهي.

ويلاحظ أن في هذا النص کلمة (ضلالاً) بدل (کفاراً) في غيره.

وفي صحيح البخاري:24:1:

عن عبدالرحمن بن أبي بکرة، عن أبيه ذکر النبي صلي الله عليه وسلم قعد علي بعيره وأمسک إنسان بخطامه أو بزمامه، ثم قال: أي يوم هذا؟

فسکتنا حتي ظننا أنه سيسميه سوي اسمه. قال: أليس يوم النحر؟

قلنا: بلي.

قال: فأي شهر هذا؟ فسکتنا حتي ظننا أنه سيسميه بغير اسمه.

فقال: أليس بذي الحجة؟ قلنا: بلي.

قال: فإن دماءکم وأموالکم وأعراضکم بينکم حرام کحرمة يومکم هذا في شهرکم هذا في بلدکم هذا. ليبلغ الشاهد الغائب، فإن الشاهد عسي أن يبلغ من هو أوعي له منه.

وفي صحيح مسلم:41:4:

فأجاز رسول الله صلي الله عليه وسلم حتي أتي عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها حتي إذا زاغت الشمس، أمر بالقصواء فرحلت له، فأتي بطن الوادي فخطب الناس، وقال:

إن دماءکم وأموالکم حرام عليکم کحرمة يومکم هذا في شهرکم هذا في بلدکم هذا. ألا کل شي ء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث، کان مسترضعاً في بني سعد فقتلته هذيل. وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع ربانا ربا عباس بن عبدالمطلب، فإنه موضوع کله.

فاتقوا الله في النساء، فإنکم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بکلمة الله، ولکم عليهن أن لايوطئن فرشکم أحداً تکرهونه، فإن فعلن ذلک فاضربوهن ضرباً غير مبرح، ولهن عليکم رزقهن وکسوتهن بالمعروف. وقد ترکت فيکم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: کتاب الله. وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون؟

قالوا: نشهد أنک قد بلغت وأديت ونصحت.

فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلي السماء وينکتها إلي الناس: اللهم اشهد، اللهم اشهد، ثلاث مرات.

ورواه ابن ماجة:1024:2 وفيه:ثم أذن بلال، ثم أقام فصلي الظهر، ثم أقام فصلي العصر، ولم يصل بينهما شيئاً. ثم رکب رسول الله صلي الله عليه وسلم حتي أتي الموقف..

وفي مستدرک الحاکم:77:1:

وخطب رسول الله صلي الله عليه وآله فقال: يا أيها الناس إني فرط لکم علي الحوض، وإن سعته ما بين الکوفة إلي الحجر الأسود، وآنيته کعدد النجوم، وإني رأيت أناساً من أمتي لما دنوا مني، خرج عليهم رجل فمال بهم عني، ثم أقبلت زمرة أخري ففعل بهم کذلک، فلم يفلت إلا کمثل همل النعم! فقال أبوبکر: لعلي منهم يا نبي الله؟! قال: لا، ولکنهم قوم يخرجون بعدکم ويمشون القهقري! هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين وقد حدث به الحجاج بن محمد أيضاً عن الليث ولم يخرجاه. انتهي.

ويلاحظ أن الحديث يريدأن ينفي التهمة عن أبي بکر أنه من المعنيين بکلام النبي عن منافقي أصحابه المطرودين عن الحوض!! فمن الذي اتهمه يومذاک؟!!

وفي سنن ابن ماجة:1016:2:

حدثنا إسماعيل بن توبة، ثنا زافر بن سليمان، عن أبي سنان، عن عمرو بن مرة، عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو علي ناقته المخضرمة بعرفات، فقال:

أتدرون أي يوم هذا، وأي شهر هذا، وأي بلد هذا؟

قالوا: هذا بلد حرام وشهر حرم ويوم حرام.

قال: ألا وإن أموالکم ودماءکم عليکم حرام، کحرمة شهرکم هذا، في بلدکم هذا، في يومکم هذا.

ألا وإني فرطکم علي الحوض، وأکاثر بکم الأمم، فلا تسودوا وجهي.

ألا وإني مستنقذ أناساً، ومستنقذ مني أناس، فأقول: يا رب أصيحابي؟ فيقول: إنک لاتدري ما أحدثوا بعدک! في الزوائد: إسناده صحيح.

وفي سنن ابن ماجة:1300:2:

باب لاترجعوا بعدي کفاراً يضرب بعضکم رقاب بعض: عن جرير بن عبدالله، أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال في حجة الوداع استنصت الناس فقال: لاترجعوا بعدي کفاراً يضرب بعضکم رقاب بعض.

عن ابن عمر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: ويحکم أو ويلکم، لاترجعوا بعدي کفاراً يضرب بعضکم رقاب بعض.

عن الصنابح الأحمسي قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ألا إني فرطکم علي الحوض، وإني مکاثر بکم الأمم، فلا تقتتلن بعدي! في الزوائد إسناده صحيح، ورجاله ثقات.

وفي سنن الترمذي:62:2:

سليم بن عامر قال: سمعت أباأمامة يقول: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع فقال: إتقوا الله ربکم، وصلوا خمسکم، وصوموا شهرکم، وأدوا زکاة أموالکم، وأطيعوا ذا أمرکم، تدخلوا جنة ربکم. قال: قلت لأبي أمامة: منذ کم سمعت هذا الحديث؟ قال: سمعت وأنا ابن ثلاثين سنة. قال أبوعيسي: هذا حديث حسن صحيح.

وفي مسند أحمد412:5:

عن مرة قال: حدثني رجل من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم قال: قام فينا رسول الله صلي الله عليه وسلم علي ناقة حمراء مخضرمة، فقال: أتدرون أي يومکم هذا؟ قال: قلنا: يوم النحر.

قال: صدقتم يوم الحج الأکبر.

أتدرون أي شهرکم هذا؟ قلنا: ذو الحجة.

قال: صدقتم شهر الله الأصم.

أتدرون أي بلد بلدکم هذا؟ قال: قلنا: المشعر الحرام.

فقال: صدقتم، قال فإن دماءکم وأموالکم عليکم حرام کحرمة يومکم هذا في شهرکم هذا في بلدکم هذا، أو قال کحرمة يومکم هذا وشهرکم هذا وبلدکم هذا، ألا وإني فرطکم علي الحوض أنظرکم وإني مکاثرٌ بکم الأمم، فلا تسودوا وجهي! ألا وقد رأيتموني وسمعتم مني وستسألون عني، فمن کذب علي فليتبوأ مقعده من النار. ألا وإني مستنقذٌ رجالاً أو أناساً، ومستنقذٌ مني آخرون، فأقول: يا رب أصحابي! فيقال: إنک لاتدري ما أحدثوا بعدک!!

وفي مجمع الزوائد:265:3 باب: الخطب في الحج: عن أبي حرة الرقاشي عن عمه قال: کنت آخذاً بزمام ناقة رسول الله صليالله عليه وسلم في وسط أيام التشريق أذود عنه الناس، فقال: يا أيها الناس هل تدرون في أي شهر أنتم، وفي أي يوم أنتم، وفي أي بلد أنتم؟

قالوا: في يوم حرام وبلد حرام وشهر حرام.

قال: فإن دماءکم وأموالکم وأعراضکم عليکم حرام، کحرمة يومکم هذا في شهرکم هذا في بلدکم هذا، إلي يوم تلقونه.

ثم قال: إسمعوا مني تعيشوا، ألا لاتظلموا، ألا لاتظلموا، ألا لاتظلموا، إنه لايحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه.

ألا وإن کل دم وماء ومال کانت في الجاهلية تحت قدمي هذه إلي يوم القيامة، وإن أول دم يوضع دم ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب، کان مسترضعاً في بني ليث فقتلته هذيل.

ألا وإن کل ربا في الجاهلية موضوع، وإن الله عزوجل قضي أن أول ربا يوضع ربا العباس بن عبدالمطلب. لکم رؤوس أموالکم لاتظلمون ولا تظلمون. ألا وإن الزمان قد استدار کهيئته يوم خلق السموات والأرض، ثم قرأ: إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في کتاب الله يوم خلق السموات والأرض، منها أربعة حرم ذلک الدين القيم، فلا تظلموا فيهن أنفسکم. ألا لاترجعوا بعدي کفارا يضرب بعضکم رقاب بعض.

ألا إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون، ولکنه في التحريش بينکم.

واتقوا الله في النساء فإنهن عندکم عوان لايملکن لأنفسهن شيئاً، وإن لهن عليکم حقاً، ولکم عليهن حقاً أن لايوطئن فرشکم أحداً غيرکم، ولا يأذنن في بيوتکم لأحد تکرهونه، فإن خفتم نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح- قال حميد قلت للحسن: ما المبرح؟ قال: المؤثر- ولهن رزقهن وکسوتهن بالمعروف، وإنما أخذتموهن بأمانة بالله، واستحللتم فروجهن بکلمة الله عزوجل. ألا ومن کانت عنده أمانة فليؤدها إلي من ائتمنه عليها. وبسط يده، وقال: ألا هل بلغت، ألا هل بلغت؟

ثم قال ليبلغ الشاهد الغائب، فإنه رب مبلغ أسعد من سامع.

قال حميد قال الحسن حين بلغ هذه الکلمة: قد والله بلغوا أقواماً کانوا أسعد به. قلت: روي أبوداود منه ضرب النساء فقط. رواه أحمد وأبوحرة الرقاشي ووثقه أبوداود وضعفه ابن معين. وفيه علي بن زيد وفيه کلام.

وعن أبي نضرة قال حدثني من سمع خطبة النبي صلي الله عليه وسلم في وسط أيام التشريق فقال: يا أيها الناس إن ربکم واحد وأباکم واحد، ألا لافضل لعربي علي عجمي ولا لعجمي علي عربي، ولا أسود علي أحمر ولا أحمر علي أسود، إلا بالتقوي. أبلغت؟ قالوا: بلغ رسول الله صلي الله عليه وسلم.

ثم قال: أي يوم هذا؟ قالوا: يوم حرام.

ثم قال: أي بلد هذا؟ قالوا: بلد حرام.

قال: فإن الله عزوجل قد حرم بينکم دماءکم وأموالکم- قال: ولا أدري قال: وأعراضکم، أم لا- کحرمة يومکم هذا في شهرکم هذا في بلدکم هذا. أبلغت؟ قالوا: بلغ رسول الله صلي الله عليه وسلم.

قال: ليبلغ الشاهد الغائب. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (أحمد:72:5).

وعن ابن عمر قال: نزلت هذه السورة علي رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو بمني في أوسط أيام التشريق فعرف أنه الموت، فأمر براحلته القصواء فرحلت له فرکب فوقف للناس بالعقبة، واجتمع له ما شاء الله من المسلمين فحمد الله وأثني عليه بما هو أهله ثم قال:

أما بعد أيها الناس، فإن کل دم کان في الجاهلية فهو هدر، وإن أول دمائکم أهدر دم ربيعة بن الحارث، کان مسترضعاً في بني ليث فقتلته هذيل. وکل ربا کان في الجاهلية فهو موضوع، وإن أول رباکم أضع ربا العباس بن عبدالمطلب.

أيها الناس إن الزمان قد استدار کهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، وإن عدة الشهور اثنا عشر شهراً، منها أربعة حرم، رجب مضر الذي بين جمادي وشعبان وذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ذلک الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسکم، إنما النسي ء زيادة في الکفر يضل به الذين کفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً، ليواطئوا عدة ما حرم الله. کانوا يحلون صفر عاماً ويحرمون المحرم عاماً فذلک النسي ء.

يا أيها الناس: من کانت عنده وديعة فليؤدها إلي من ائتمنه عليها.

أيها الناس: إن الشيطان أيس أن يعبد ببلادکم آخر الزمان، وقد رضي منکم بمحقرات الأعمال، فاحذروا علي دينکم محقرات الأعمال.

أيها الناس: إن النساء عندکم عوان، أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بکلمة الله، لکم عليهن حق ولهن عليکم حق، ومن حقکم عليهن أن لايوطئن فرشکم غيرکم، ولا يعصينکم في معروف، فإن فعلن ذلک فليس لکم عليهن سبيل، ولهن رزقهن وکسوتهن بالمعروف، فإن ضربتم فاضربوا ضرباً غير مبرح. لا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما طابت به نفسه. أيها الناس: إني ترکت فيکم ما إن تمسکتم به لن تضلوا: کتاب الله فاعملوا به.

أيها الناس: أي يوم هذا؟ قالوا: يوم حرام.

قال: فأي بلد هذا؟ قالوا: بلد حرام.

قال: فأي شهر هذا؟ قالوا: شهر حرام.

قال: فإن الله تبارک وتعالي حرم دماءکم وأموالکم وأعراضکم کحرمة هذا اليوم وهذا الشهر وهذا البلد. ألا ليبلغ شاهدکم غائبکم، لانبي بعدي ولا أمة بعدکم. ثم رفع يديه فقال: اللهم اشهد. قلت: في الصحيح وغيره طرف منه، رواه البزار وفيه موسي بن عبيدة وهو ضعيف.

وفي مجمع الزوائد:272:3:

وعن فهد بن البحيري بن شعيب بن عمرو بن الأزرق، قال: خرجت إلي مکة فلما صرت بالصحرية، قال لي بعض إخواني: هل لک في رجل له صحبة من رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ قلت: نعم، قال صاحب القبة المضروبة في موضع کذا وکذا، فقلت لأصحابي: قوموا بنا إليه، فقمنا فانتهينا إلي صاحب القبة، فسلمنا فرد السلام. فقال: مَنِ القوم؟ قلنا: قوم من أهل البصرة بلغنا أن لک صحبة من رسول الله صلي الله عليه وسلم.

قال: نعم، صحبت رسول الله صلي الله عليه وسلم وقعدت تحت منبره يوم حجة الوداع، فصعد المنبر فحمد الله وأثني عليه وقال: إن الله يقول: يا أيها الناس إنا خلقناکم من ذکر وأنثي وجعلناکم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أکرمکم عند الله أتقاکم، فليس لعربي علي عجمي فضل، ولا لعجمي علي عربي فضل، ولا لأسود علي أحمر فضل، ولا لأحمر علي أسود فضل، إلا بالتقوي.

يا معشر قريش لاتجيئوا بالدنيا تحملونها علي رقابکم وتجي ء الناس بالآخرة، فإني لاأغني عنکم من الله شيئاً.

قلنا: ما اسمک؟ قال: أنا العداء بن خالد بن عمرو بن عامر، فارس الضحياء في الجاهلية. رواه الطبراني في الکبير بأسانيد. هذا ضعيف، وتقدم له إسناد صحيح في الخطبة يوم عرفة.

وعن أبي قبيلة: أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قام في الناس في حجة الوداع فقال: لانبي بعدي، ولا أمة بعدکم، فاعبدوا ربکم، وأقيموا خمسکم، وصوموا شهرکم، وأطيعوا ولاة أمرکم، ثم ادخلوا جنة ربکم. رواه الطبراني في الکبير، وفيه بقية وهو ثقة ولکنه مدلس، وبقية رجاله ثقات.وفي سنن الدارمي:47:2: فلما کان يوم التروية وجه إلي مني فأهللنا بالحج، ورکب رسول الله صلي الله عليه وسلم فصلي بمني الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح، ثم مکث قليلاً حتي إذا طلعت الشمس، أمر بقبة من الشعر تضرب له بنمرة، ثم رکب رسول الله صلي الله عليه وسلم فسار، لاتشک قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام کما کانت قريش تصنع في الجاهلية في المزدلفة، فسار رسول الله صلي الله عليه وسلم حتي أتي عرفة، فوجد القبة قد ضربت بنمرة فنزلها، حتي إذا زاغت يعني الشمس أمر بالقصواء فرحلت له، فأتي بطن الوادي فخطب الناس، وقال:

إن دماء کم وأموالکم حرام کحرمة يومکم هذا في شهرکم هذا في بلدکم هذا، ألا إن کل شي ء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وأول دم أضع دماؤنا دم ربيعة بن الحارث کان مسترضعاً في بني سعد فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضعه ربا عباس بن عبدالمطلب، فإنه موضوع کله. فاتقوا الله في النساء، فإنما أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بکلمة الله، وإن لکم عليهن أن لايؤطين فرشکم أحداً تکرهونه، فإن فعلن ذلک فاضربوهن ضرباً غير مبرح، ولهن عليکم رزقهن وکسوتهن بالمعروف، وأنتم مسؤلون عني فما أنتم قائلون؟

قالوا: نشهد أنک قد بلغت وأديت ونصحت.

فقال بإصبعه السبابة فرفعها إلي السماء وينکتها إلي الناس: اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد. ثم أذن بلال بنداء واحد وإقامة فصلي الظهر، ثم أقام فصلي العصر، لم يصل بينهما شيئاً، ثم رکب حتي وقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلي الصخيرات...

وفي سنن الدارمي:67:2:

عن عبدالرحمن بن أبي بکرة عن أبيه قال: لما کان ذلک اليوم قعد النبي صلي الله عليه وسلم علي بعير، لاأدري جمل أو ناقة، وأخذ إنسان بخطامه، أو قال بزمامه. فقال: أي يوم هذا؟ قال فسکتنا حتي ظننا أنه سيسميه سوي اسمه.

فقال: أليس يوم النحر؟ قلنا: بلي.

قال فأي شهر هذا... إلخ.