الخليعي











الخليعي



(...- 750 ه)

الشيخ علي بن عبدالعزيز بن أبي محمد، أبوالحسن جمال الدين الخليعي لقباً والموصلي أصلاً والحلي مسکناً ومدفناً.

ولد من أبوين کانا مجاهرين بالنصب والعداء لآل رسول اللَّه صلي الله عليه و آله و سلم، ونشأ هو علي مذهبهما، لکنه تشيع أخيراً واهتدي إلي سبيل الرشاد. وخلاصة تشيعه ونبذه لمذهب أبويه، أن أمه کانت قد نذرت إن رُزقت ولداً تبعثه لقطع سبيل زائري المشهد الحسيني، وقتل من يظفر به منهم. فولد لها المترجم، ولما بلغ مبلغ الرجال أرسلته للوفاء بنذرها، فلما بلغ ضواحي المسيب نزل للاستراحة فاستولي عليه النوم واجتازت عليه قوافل الزائرين، فوقع عليه الغبار الثائر من مسير الدواب والزوار، فرأي في نومه کأن القيامة قد قامت، وأمر به إلي النار، لکن النار لم تمسسه لما غشيه من ذلک الغبار، فانتبه مرعوباً وعدل عما کان ينويه من ذلک العمل، وهبط کربلاء واعتنق ولاء أهل البيت عليهم السلام.

ومما نظم في تلک الحادثة؛ البيتان المشهوران:


إذا شئت النجاة فزر حسيناً
لکي تلقي الإله قرير عين


فإنّ النار ليس تمس جسماً
عليه غبار زوار الحسين


والقصة أوردها کل من القاضي نور اللَّه المرعشي الشهيد سنة 1019 ه في

[صفحه 252]

مجالسه، والمحدث النوري الطبرسي المتوفي سنة 1320 ه في دار السلام.

نقل الأميني في الغدير أن وفاته کانت سنة 750 ه 1349 م، وهناک رأي آخر يؤرّخها عام 850 ه.

عارض قصيدة ابن هاني الأندلسي التي مطلعها:


أليلتنا إذ أرسلت وارداً وحفا
فبتنا نري الجوزاء في أذنها شنفا


وقد نظم علي رويها قصيدة يمدح بها أميرالمؤمنين علياً عليه السلام أولها:


أکفکف دمعي وهو لا يسأم الوکفا
وأخفي غرامي والصبابة لاتخفي


وأعجم داء الحب والوجد معرب
وأطوي حديثي والضني ينشر الصحفا


وبت وعفت خلوتي وضمائري
ولا غرو للحر الکريم إذا عفا


ومنها في المديح:


ألم يشهدوا بدراً وخيبر بعدها
ويوم حنين والقنا يخرق الزغفا


ألم يعلموا إحياءک الميت دونهم
وتکليمک الثعبان والشمس والکهفا


فلله ما أعمي عيوناً عن الهدي
وللَّه ما أقسي قلوباً وما أجفي


ولا عجب أن يفسدوا دين أحمد
وأن يلحدوا فيه وقد أسلموا عنفا[1] .


وله أيضاً في قصيدة مطلعها:


فاح أريج الرياض والشجرِ
ونبّه الورق راقد السحرِ


قوله:


في فتية ينشر البليغ لهم
وتراً فيهدي تمراً الي هجر


من کل من يشرف الجليس له
معطر الذکر طيب الخبر

[صفحه 253]

يورد ما جاء في «الغدير» وما
حدّث فيه عن خاتم النذر


مما روته الثقات في صحة ال
-نقل وما أسندوا الي عمر


لقد رقي المصطفي بخمّ علي ال
أقتاب لا بالوني والحصر


أن عاد من حجة الوداع الي
منزله وهي آخر السفر


وقال يا قوم إن ربي قد
عاودني وحيه علي خطر


إن لم أبلّغ ما قد أُمرتُ به
وکنت من خلقکم علي حذر


وقال ان لم تفعل محوتک من
محکم النبيين فأخش واعتبر


إن خفت من کيدهم عصمتک فاس
-تبشر فإني لخير منتصر


أقم علياً عليهم علماً
فقد تخيّرته من البشر


ثم تلي آية البلاغ لهم
والسمع يعنو لها من البصر


وقال قد آن أن أجيب إلي
داعي المنايا وقد مضي عمري


ألست أولي منکم بأنفسکم
قلنا: بلي فاقض حاکماً ومُر


فقال والناس محدقون به
ما بين مصغ وبين منتظر


من کنتُ موليً له فحيدرة
مولاه يقفو به علي أثري


يا رب فانصر من کان ناصره
واخذل عداه کخذل مقتدر


فقمت لما عرفت موضعه
من ربه وهو خيرة الخير


فقلت يا خيرة الأنام بخٍ
جاءتک منقادة علي قدر


أصبحتَ مولي لنا وکنت أخاً
فافخر فقد حزت خير مفتخر


ومنها يقول:


أنکر قوم عيد الغدير وما
فيه علي المؤمنين من نکر

[صفحه 254]

حکّمک اللَّه في العباد به
وسرت فيهم بأحسن السير


وأکمل اللَّه فيه دينهُم
کما أتانا في محکم السور


نعتک في محکم الکتاب وفي ال
-توراة باد والسفر والزبر


عليک عرض العباد تقض علي
من شئت منهم بالنفع والضرر


تظمئ قوماً عند الورود کما
تروي اناساً بالورد والصدر


يا ملجأ الخائف اللهيف ويا
کنز الموالي وخير مدخر


لقبت بالرفض وهو أشرف لي
من ناصبي بالکفر مشتهر

[صفحه 255]


صفحه 252، 253، 254، 255.








  1. البابليات: 136:1.