الشفهيني











الشفهيني



(...- 725 ه)

الشيخ علاء الدين علي بن الحسين، أبوالحسن المعروف بالشفهيني عالم فاضل وشاعر أديب طويل النفس. وأکثر شعره في أهل البيت عليهم السلام.

والمرجح أنه منسوب إلي (شيفيا) أو (شافيا) وهي قرية علي سبعة فراسخ من واسط ذکرها ياقوت في معجمه،[1] والنسبة إليها (الشيفياني) أو (الشافياني) وانما حرفت من الرواة والنسبة إليها شافيني وشفهيني وما شاکل ذلک.

ولما ابتدأ الخراب في واسط وما جاورها من القري والضواحي علي أثر سقوط الدولة العباسية وغارات التتار علي البلاد هاجر المترجم الي الحلة، لکونها في ذلک العهد محط رجال العلم والأدباء، ويؤکد ذلک حنينه في بعض قصائده إلي بلد کان قد نشأ فيه واستوطنه قبل الحلة.

توفي في حدود عام 725 ه 1325 م، ودفن في الحلة حيث يعرف قبره الآن في محلة (المهدية(.[2] .

له مدائح کثيرة في أميرالمؤمنين وسائر الأئمة عليهم السلام وغديرياته السبع الطوال نقلها الشيخ الأميني رحمه الله في کتابه الغدير وهي:


أجآذرٌ منعت عيونک ترقدُ
بعراص بابل أم حسانٌ خرّدُ؟

[صفحه 242]

حتي يقول:


يا خال وجنتها المخلّد في لظي
ما خلت قبلک في الجحيم يخلّدُ


إلّا الذي جحد الوصيَّ وما حکي
في فضله يوم «الغدير» محمّدُ


إذ قام يصدع خاطباً ويمينه
بيمينه فوق الحدائج تعقدُ


ويقول والأملاک محدقةٌ به
واللَّه مطّلعٌ بذلک يشهدُ


من کنت مولاه فهذا حيدرٌ
مولاه من دون الأنام وسيِّدُ


يا ربّ والِ وليّه واکبت مُعا
ديه وعاند من لحيدر يعندُ


کونوا له عوناً ولا تتخاذلوا
عن نصره واسترشدوه تُرشدوا


قالوا: سمعنا ما تقول وما أتي ال
-رّوح الأمين به عليک يؤکّدُ


هذا «عليُّ» إمامنا ووليّنا
وبه إلي نهج الهدي نترشد


حتّي إذا قبض النبيُّ ولم يکن
من بعده في وسط لحد يلحدُ


خانوا مواثيق النبيِّ وخالفوا
ما قاله خير البريّة أحمدُ


لکنْ شقوا بخلافه أبداً وما
سعدوا به وهو الوصيُّ الأسعدُ


صنو النبيِّ ونفسه وأمينه
ووليّه المتعطّف المتودّدُ


نوران قدسيّان ضمَّ علاهما
من شيبة الحمد بن هاشم محتدُ


من لم يُقم وجهاً إلي صنم ولا
للّات والعزّي قديماً يسجدُ


وبيوم خيبر إذ براية «أحمد»
ولّي عتيق والبريّة تشهدُ


ومضي بها الثاني فآب يجرُّها
ذلّاً يوبّخ نفسه ويفنّدُ


حتّي إذا رجعا تميّز «أحمد»
حرداً وحقّ له بذلک يحردُ


وغدا يحدِّث مُسمعاً مَن حوله
والقول منه موفَّقٌ ومؤيَّدُ

[صفحه 243]

إنّي لأعطي رايةً رجلاً وفي
بطلٌ بمختلس النفوس معوّدُ


رجلٌ يحبُّ اللَّه ثمَّ رسوله
ويحبّه اللَّه العليُّ وأحمدُ


قال: ائت يا سلمان لي بأخي فقا
ل الطهر سلمانٌ: عليٌ أرمدُ


فجلا قذاهُ بتفلة وکساه سا
بغةً بها الزرد الحديد منضَّدُ


فيدٌ تناوله اللواء وکفّه
الاُخري تُزرِّد درعه وتُبنِّدُ


وهوي بحدِّ السيف هامة مرحب
فبراه وهو الکافر المتمرِّدُ


ودنا من الحصن الحصين وبابه
مستغلق حذر المنيَّة موصدُ


فدحاه مقتلعاً له فغدا له
حسّان ثابت في المحافل ينشدُ


واسأل حنيناً حين بادر جرولٌ
شاکي السِّلاح لفرصة يترصَّدُ


وتفرَّقت أنصاره من حوله
جزعاً کأنّهم النعام الشرَّدُ


کلٌّ له فقد النبيُّ سوي أبي
حسن عليّ حاضرٌ لا يفقدُ


ومسيره فوق البساط مخاطباً
أهل الرقيم فضيلةٌ لا تُجحدُ


وعليه قد ردَّت ذکاء وأحمد
من فوق رکبته اليمين موسَّد


وعليه ثانية بساحة بابل
رجعت کذا ورد الحديث المسندُ


إذ قال: إنّک وارثي وخليفتي
ومغسِّلٌ لي دونهم وملحّدُ


أم هل سواه تصدَّق المتفضّل ال
-متمسِّک المتنسِّک المتزهِّدُ


وله من إحدي مطولاته قوله:


يا عين ما سفحت غروب دماک
إلا بما ألهمتُ حب دُماک[3] .


أولاک حبَّ محمَّد ووصيِّه
خير الأنام فنعم ما أولاکِ

[صفحه 244]

فهما لعمرک علّماک الدين في
الأولي وفي الاُخري هما عَلماکِ


وهما أُمانک يوم بعثکِ في غدٍ
وهما إذا انقطع الرجاء رجاکِ


وإذا الصحائف في القيامة نُشرت
سترا عيوبکِ عند کشف غطاکِ


وإذا وقفت علي الصِّراط تبادرا
فتقدّماک لم تزلْ قدماکِ


وإذا انتهيت إلي الجنان تلقَّيا
کِ وبشَّراکِ بها فيا بشراکِ


هذا رسول اللَّه حسبک في غدٍ
يوم الحساب إذا الخليل جفاکِ


ووصيّه الهادي أبوحسن إذا
أقبلتِ ظامية إليه سقاک


فهو المشفّع في المعاد وخير من
علقت به بعد النبيِّ يداکِ


وهو الذي للدِّين بعد خموله
حقّاً أراکِ فهذَّبت آراکِ


لولاه ما عُرف الهدي ونجوت من
متضايق الأشراک والإشراکِ


هو فُلک نوح بين ممتسک به
ناجٍ ومطّرح مع الهلّاکِ


سل عنه بدراً حين بادر قاصم ال
أملاک قائد موکب الأملاکِ


يا أُمّة نقضت عهود نبيّها
أفمن إلي نقض العهود دعاکِ؟


وصّاکِ خيراً بالوصيِّ کأنَّما
متعمّداً في بغضه وصّاکِ


أوَ لم يقل فيه النبيُّ مبلّغاً
هذا عليّک في العلي أعلاکِ


وأمين وحي اللَّه بعدي وهو في
إدراک کلِّ قضيّة أدراکِ


والمؤثر المتصدِّق الوهَّاب إِذ
ألهاکِ في دنياکِ جمع لُهاکِ


إيّاک أن تتقدَّميه فإنَّه
في حکم کلِّ قضيّةٍ أقضاکِ


فأطعته لک باللسان مخافةً
من بأسه والغدر حشو حشاکِ


حتَّي إذا قُبض النبيُّ ولم يطل
يوماً مَداک له سننت مُداکِ

[صفحه 245]

وأيضاً قوله:


لي فيه مزدجرٌ بما أخلصته
في المصطفي وأخيه من عقد الولا


فهما لعمرک علّة الأشياء في ال
-علل الحقيقة إن عرفت الأمثلا


ألأوَّلان الآخران الباطنان
الظاهران الشّاکران لذي العلا


ألزاهدان العابدان الراکعان
السّاجدان الشاهدان علي الملا


خُلقا وما خُلق الوجود کلاهما
نوران من نور العليِّ تفصّلا


واسأل عن الکلمات لمّا انَّها
حقّاً تلقّي آدم فتقبّلا


حتّي استقرَّ النور نوراً واحداً
في شيبة الحمد بن هاشم يجتلي


قُسما لحکم إرتضاه فکان ذا
نعم الوصيُّ وذاک أشرف مرسلا


فعليُّ نفس محمّد ووصيّه
وأمينه وسواه مأمونٌ فلا


وشقيق نبعته وخير من اقتفي
منهاجه وبه اقتدي وله تلا


موليً به قَبل المهيمن آدماً
لمّا دعا وبه توسّل أوَّلا


وبه استقرَّ الفلک في طوفانه
لمّا دعا نوحٌ به وتوسّلا


وبه خبت نار الخليل وأصبحت
برداً وقد أذکت حريقاً مشعلا


وبه دعا يعقوب حين أصابه
من فقد يوسف ما شجاه وأثقلا


وبه دعا الصدِّيق يوسف إذ هوي
في جبّه وأقام أسفل أسفلا


وبه أماط اللَّه ضرَّ نبيِّه
أيّوب وهو المستکين المبتلي


وبه دعا عيسي فأحيا ميِّتاً
من قبره وأهال عنه الجندلا


وبه دعا موسي فأوضحت العصا
طرقاً ولجّة بحره طامٍ مِلا


وبه دعا داود حين غشاهُم
جالوت مقتحماً يقود الجحفلا

[صفحه 246]

وبه سليمانٌ دعا فتسخّرت
ريح الرَّخاء لأجله ولها علا


وبه توسّل آصفٌ لمّا دعا
بسرير بلقيس فجاء معجّلا


ومکسِّر الأصنام لم يسجد لها
متعفّراً فوق الثري متذلّلا


تلک الفضيلة لم يفز شرفاً بها
إلّا الخليل أبوه في عصر خلا


وبيوم بعث الطائر المشويِّ إذ
وافي النبيّ فکان أطيب مأکلا


إذ قال أحمد: آتني بأحبِّ من
تهوي ومن أهواه يا ربَّ العلي


وکسدِّ أبواب الصَّحابة غيره
لمميّز عرف الهدي مُتوصّلا


يا علّة الأشياء والسبب الذي
معنيً دقيقُ صفاته لن يُعقلا


يکفيک فخراً أنَّ دين محمَّد
لولا کمالک نقصه لن يکملا


إحياؤک الموتي ونطقک مخبراً
بالغائبات عذرتُ فيک لمن غلا


وبردِّک الشمس المنيرة بعدما
أفلت وقد شهدت برجعتها الملا


ونفوذ أمرک في الفرات وقد طما
مدّاً فأصبح ماؤه مستسفلا


وبليلة نحو المداين قاصداً
فيها لسلمان بُعثت مغسِّلا


وقضيّة الثعبان حين أتاک في
إيضاح کشف قضيّة لن تعقلا


وعلوت من فوق البساط مخاطباً
أهل الرقيم فخاطبوک معجّلا


وأيضاً قوله:


من معشرٍ عدلوا عن عهد حيدرة
وقابلوه بعدوانٍ وما قبلوا


وبدّلوا قولهم يوم «الغدير» له
غدراً وما عدلوا في الحب بل عدلوا


حتّي إذا فيهم الهادي البشير قضي
وما تهيّا له لحدٌ ولا غسلُ


وأُخرج المرتضي عن عقر منزله
بين الأراذل محتفٌّ بهم وکَلُ


وصاحب الأمر والمنصوص فيه بإذ
ن اللَّه عن حکمه ناءٍ ومعتزلُ


أخو الرسول وخير الأوصياء ومن
بزهده في البرايا يُضرب المثلُ


وأقدم القوم في الإسلام سابقةً
والناس باللّات والعزي لهم شغلُ


ورافع الحق بعد الخفض حين قنا
ة الدين واهيةٌ في نصبها مَيلُ


ألأورع الماجد المقدام إذ نکصوا
والليث ليث الشري والفارس البطلُ

[صفحه 247]


صفحه 242، 243، 244، 245، 246، 247.








  1. معجم البلدان: 385:3.
  2. الغدير: 356:6.
  3. البابليات: 93:1، الغدير: 378:6.