ابن أبي الحديد المعتزلي
عز الدين عبدالحميد بن أبي الحديد المدائني الحکيم الأصولي، مؤلّفٌ فاضل وأديبٌ فحل ومتکلّمٌ معتزلي. وُلِدَ في غرة ذي الحجة سنة 586 ه 1190 م، وتوفي في جمادي الآخرة من 656 ه 1258 م، وعمرُه سبعون سنة، ولد ومات في بغداد. له تصانيف عديدة اهمها: شرح نهج البلاغة في عشرين مجلداً، وقد احتوي هذا الشرح علي مالم يحتوِ عليه کتاب من جنسه، وقد صنفه لخزانة کتب الوزير مؤيد الدين محمد بن العلقمي. وله تصانيف أخري، وأما أشعاره فکثيرة وأجلها وأشهرها: القصائد السبع العلويات، نظمها في صباه وهو في المدائن في سنة 611 ه. وأما ما وليه من الولايات، وتقلب من الخدمات فلا حاجة لذکرها، فقد تقلّب في مناصب عدّة في عهد من عاصر من الأُمراء. ولما احتلت بغداد کان ممن نجي من القتل في دار الوزير مؤيد الدين مع أخيه موفق الدين، ثم حضر بين يدي الشيخ الخواجه نصير الدين الطوسي وفوض إليه أمر خزانة الکتب في بغداد مع أخيه موفق الدين، والشيخ تاج الدين علي بن أنجب، ولم تطل أيامه، حتي توفي رحمه الله في سنة 656 ه 1258 م. [صفحه 216] وهذا ما اقتفينا من قصيدة ابن أبي الحديد في ذکر فتح خيبر والتي بلغت سبعين بيتاً: ألا إن نجدَ المجْدِ أبيضُ مَلحوبُ هُوَ العسلُ المَاذيُّ يَشتارُه امرؤٌ أَلَمْ تخبرِ الأَخبارُ في فتحِ خيبرٍ وَفَوزُ عليِّ بالعُلي فوزُها بهِ حُصُونٌ حصان الفرجِ حيثُ تَبرَّجت وکم کسَّرتْ جَيشاً لِکسري وقصرت فلما أرادَ اللَّه فضَّ خِتامِها رَماها بِجيش يَملَأُ الأرضَ فَوقَه نَهارُ سُيوفٍ في دُجي ليل عِثْير [صفحه 217] عليٌّ أميرُ المؤْمنينَ زعيمهُ فَصبّ عليها مِنه سوطَ بَليةٍ لَقد کانَ فِيها عِبْرةٌ لمجرّب دَعَا قَصبَ العَلْيَاءِ يَمْلِکُها امرؤٌ جوادُ علا ظَهرَ الجِوادِ وأخْشَبٌ وأبْيَضُ مَشْطُوبُ الفرند مُقَلَّدٌ دِماءُ أعاديکَ المدامُ وَغابةُ الرِّ تَجلّي لکَ الجبَّارُ في ملَکُوتِه وللشَّمْسِ عَينٌ عَنْ عُلاکَ کليلةٌ وأصلتَ فِيها مرحبُ القومِ مقضباً [صفحه 218] فأَشْربهُ کأسَ المنيَّة أَحوَساً فَلم أَرَ دَهْراً يَقْتَلُ الدَّهْرَ قَبْلَها فما ماسَ مُوسي في رداءٍ من العُلي أَري لکَ مجداً ليسَ يُجْلَب حمدُهُ لِذَاتِکَ تَقْديسٌ لِرَمْسِکَ طُهْرَةٌ تقَيلتَ أَفعالَ الرّبوبيَّةِ التي وقَد قِيلَ في عيسي نَظيرکَ مثلَه علَيْکَ سَلاَمُ اللَّه يا خَيرَ منْ مَشي ويا خيرَ مَنْ يُغشي لدفع مُلمَّة ويا ثاوياً حَصْباءُ مثواهُ جوهَرٌ [صفحه 219] ويا عِلَّة الدُّنيا ومَنْ بدو خلْقها ظَنَنْتُ مديحي في سِواکَ هِجاءه وهذه القصيدة في ذکر فتح مکة والتي تربو علي الخمسين بيتاً اقتطفنا منها هذه الابيات، ومطلعها: جلَلْتَ فلما دَقَّ في عَيْنک الوري وسُقْتَ اليها کُلَّ أَسوَق لوْ بَدَتْ يدبِّره رأيُ النَّبي وصارمٌ واظهرتَ نُورَ اللَّه بَينَ قَبائلٍ وَکسَّرْتَ أصْناماً طعنتَ حُماتها رَقَيْتَ بَأسْمي غارب أَحْدقت به بغاربِ خيرِ المرسلينَ واشرف الأ فَسَبَّحَ جبريلٌ وقَدَّسَ هَيبةً فَيا رُتبةً لو شئتَ أنْ تَلمسَ السُّها ويا قدَميْهِ أيَّ قُدْسٍ وطِئتما بحيثُ أفاءتْ سِدْرَةُ العرش ظلَّها صدَمتَ قُريشاً والرِماحُ شواجِرٌ فلولا اناةٌ في ابنِ عمِّکِ جَعْجَعَتْ ولکنَّ سِرَّ اللَّه شُطِّرَ فيکما وردتَ حُنيناً والمنايا شواخِصٌ [صفحه 220] فَکم مِنْ دم أضحي بسيفِکَ قاطِراً وکم فاجِرٍ فَجَّرْتَ ينبوع قَلبهِ وکمْ مِنْ رُؤوسٍ في الرِّماح عقدتَها فَتَيً لَمْ تُعرِّق فيه تيمُ بن مُرَّةٍ ولا کانَ يَومَ الغارِ يهفو جنانهُ إمام هُديً بالقرْصِ آثر فاقتضي يزاحمهُ جِبريلُ تحتَ عباءةٍ حَلفتُ بِمثواهُ الشريفِ وتُربةٍ لأستنفدنَّ العمر في مِدَحي لهُ وهذه القصيدة نظمها ابن أبي الحديد في ذکري وقعة الجمل قد بلغت ثمانية وثلاثين بيتاً اخترنا منها هذه الأبيات ومطلعها: بزغت لکم شمس الکُنسْ الي قوله: فافرغ إلي مدح الوص ربُّ السلاهب والقوا والبَيْضِ والبيض القوا والجامحات الشامسا من کل موار العنا للشرک منها مأتم عفت رسومَ العسکر ال [صفحه 221] وثنت أعنَّتها إلي رفع المصاحف يستجي خاف الحسام العندميّ فانصاع ذا عين مسه وسرت بأرض النهروا اللون برق مختلسْ فغدت سنابکها علي يَرْمي بها بحرالوغي الزاهد الورع التقيُّ صلي عليه اللَّه ما واقتطفنا هذه الابيات من قصيدة له في مناقب الإمام علي عليه السلام وهي أربعة وستون بيتاً ومطلعها: لِمنْ ظعنٌ بين الغميم فحاجر تنوءُ بأعباءِ الحليّ وإنها تميل کما مال النزيف وتَنْثني لها مَحضُ ودي في الهوي وتحنني [صفحه 222] فيا جنَّة فيها العذاب ولم أخف لقدْ فاز عبدللوصي ولاؤه وخاب معاديه ولو حلَّقتْ به هوَ النَّبأ المکْنون والجوهر الذي وذُو المعْجزاتِ الواضحاتِ أقلها الظ ووَارِث علمِ المصْطفي وَشقيقُه ألا إِنَّما الاسلام لولا حسامه ألا إِنَّما التوحيد لولا علومُه ألا إِنما الأقدَارُ طوع يمينه [صفحه 223] فلو رکب الصُّمَّ الجلامد واطِئاً ولَو رام کسْف الشمسِ کوَّرَ نورها هو الآية العظمي ومُسْتنبط الهدي رَمي اللَّه منه يوم بدرٍ خصومه فکان وکانوا کالقُطاميِّ ناهض ال سري نَحوهم رسلاً فسارت قُلوبهم فَلا تحسبن الرعد رِجْس غَمامَةٍ وَلا تَحسبن البرق ناراً فإنَّه تعاليْت عنْ مدحٍ فأبْلَغُ خاطب [صفحه 224] صِفاتک أسماء وذَاتکَ جوهرٌ يجلُّ عن الأعراض والأيْن والمتي إذا طاف قومٌ بالمشاعِرِ والصَّفا وإنْ ذَخَرَ الأقوامُ نُسکَ عِبادة وإن صامَ ناسٌ في الهواجر حسْبَةً وأعلمُ أنِّي إن أطعْتُ غوايَتي إذا کُنتَ للنيران في الحشر قاسماً نَصَرْتکَ في الدُّنيا بما أستطيعه ومن أروع ما قال ابن أبي الحديد من الشعر هذه القصيدة التي بلغت ثمانين بيتاً اقتطفنا منها هذه الابيات ومطلعها: يا رسمُ لا رسمتک ريح زَعزع [صفحه 225] لم أُلفِ صدْري من فؤادي بلقعا الي أن يقول: قد قلت للبرق الذي شق الدجي يا برق إن جئتَ الغريَّ فقل له فيک ابن عمران الکليم وبعدهُ بل فيک جبريلٌ وميکالٌ وإس بل فيک نورُ اللَّه جلَّ جلالُه فيک الإمام المرْتضي فيک الوصيّ الضَّارب الهامِ المقنع في الوَغي والمترعُ الحوْضِ المدَعْدِعِ حيثُ لا ومبدِّدُ الأبطال حيث تألَّبوا متجلبباً ثوباً من الدّم قانياً زهدُ المسيح وفتکةُ الدَّهر الذي هذا هو النور الذي عذباته وشهابُ موسي حيثُ أظلم ليله يا منْ لهُ ردت ذکاءُ ولمْ يَفزْ يا هازم الأحزاب لا يثنيه عن يا قالع الباب التي عن هزِّها لولا حدُوثک قلتُ إنک جاعل ال لولا مماتک قلت إنک باسطُ ال [صفحه 226] ما العالمُ العلويّ إلَّا تربةٌ ما الدهرُ إلَّا عَبدُکَ القِنُّ الذي أنا في مديحک ألکنٌ لا أهتدي أأقول فيک سُمَيْدَعٌ کلا ولا بل أنت في يوم القيامة حاکمٌ ولَقد جهلت وکنت أحذق عالمٍ وفَقدْتُ معرفتي فلستُ بعارفٍ لي فيک معتقدٌ سأکشفُ سِرَّه هي نفثةُ المصدور يطفئ بردُها واللَّه لولا حيدرٌ ما کانتِ الد من أجله خُلقَ الزمان وضوّئِتْ وإليه في يوم المعاد حسابنا هذا اعتقادي قد کشفت غطاءه يا من لهُ في أرْض قلبي منزلٌ أهْواکَ حتي في حشاشة مُهجتي وتکادُ نفسي أن تذوب صبابةً وهذه من روائع شعر ابن أبي الحديد في مدح الامام عليه السلام وقد بلغت ستة وستين بيتاً اقتطفنا منها هذه الأبيات، ومطلعها: ألصبر إلا في فراقک يجمل الي أن يقول: عُجْ بالغريّ علي ضريح حوله [صفحه 227] فَمسبِّحٌ ومقدِّس وممجِّد والثم ثراه المسکَ طيباً واستلم وانظر إلي الدَّعوات تسعد عندهُ والنور يلمعُ والنواظر شُخَّصٌ واغْضضْ وغُضَّ فَثمَّ سِرٌّ أعجمٌ وقلِ السلام عليک يا مولي الوري وَخِلَافَةً ما إنْ لها لو لم تکن عجباً لقوم أخروک وکعبک ال إن تُمسِ محسوداً فسؤددک الذي عضبٌ تحزُّ به الرقاب يمده وعلومُ غيبٍ لا تنال وحکمةٌ عَجباً لهذي الأرض يضمر تُربُها عَجباً لأملاک السماء يفوتها يا أيها النبأ العظيم فمهتدٍ يا أيها النار التي شبَّ السنا يا فُلْکَ نوحٍ حيث کل بسيطة يا وارثَ التوراةِ والإنجيل وال لولاک ما خلقَ الزمانُ ولا دجي يا قاتِلَ الأبطال مجدک للعدي بذباب سيفک قَرَّ قارعُ طَوده إن کانَ دينُ محمدٍ فيه الهدي لولاک أصبح ثلمة لا تُتقي کم جَحفلٍ للجزء من أجزائِه أثوابهُ الزردُ المضاعفُ نَسجه يحيي المنيةَ منهُ طعنٌ أنجلٌ نَهنهتَ سَورتَهُ بِقلب قلَّبٍ صلي عليک اللَّهُ من متسربلٍ وجزاک خيراً عن نبيکَ إنهُ سمعاً أميرَ المؤمنينَ قَصائداً الدُّرُّ من ألفاظِها لکنهُ هي دونَ مدح اللَّه فيکَ وفوق ما [صفحه 228]
(586 ه- 656 ه)
وَلکنَّهُ جمُّ المهالِکِ مَرْهوبُ
بَغَاهُ وَاطرافُ الرِّماحِ يَعَاسِيبُ
ففيها لذي اللبِّ الملبِّ أعاجيب
فکلُّ إلي کلِّ مُضافٌ ومنسوبُ
وما کلّ ممتطّ الجزَارة مَرکوبُ
يَدَي قيصرٍ تِلک القِنانُ الشَّناخيبُ
وکلُّ عزيزٍ غَالَبَ اللَّهَ مغلوبُ
رِواقٌ مِنَ النَّصرِ الالهيِّ مضروبُ
فأبيضُ وضَّاحٌ وأسودُ غربيبُ
وَقائدُه نَسرُ المفازةِ والذِّيبُ
علي کلِّ مصبوبِ الإساءةِ مَصبوبُ
وإن شابَ ضرّاً بالمنافعِ تجريبُ
بغيرِ افاعِيلِ الدَّناءةِ مقْضُوب
تَزَلزَلُ مِنْهُ في النزالِ الأخاشِيبُ
به أبيضٌ ماضي العزيمةِ مَشْطُوبُ
ماحِ ظلالٌ والنِّصالُ أکاويبُ
ولِلحَتْف تصعيدٌ إليکَ وتصويبُ
وللدَّهرِ قَلْبٌ خافقٌ منکَ مرعوبُ
جُرازاً بِه حبلُ الأمانيِّ مقضوبُ
مِنَ الدَّم طعّيمٌ وللدَّم شرِّيبُ
ولا حَتْفَ عضبٍ وهْوَ بالحتفِ مَعْضُوبُ
ولا آب ذکراً بَعدَ ذِکرِک أَيُّوبُ
بمدْحٍ وکلّ الحمْدِ بالمدّحِ مجلوبُ
لِوَجْهِکَ تعظيمٌ لمجْدِکَ تَرْجيبُ
عذرتُ بها منْ شک أَنکَ مربوبُ
فخسرٌ لمنْ عادي عُلاک وتَتْبيبُ
به بازلٌ عبر المهامِه خُرعُوبُ
فيأمنَ مرعوبٌ ويُترف قرضوبُ
وعيدانُه عُودٌ وتُربَتُه طيبُ
له وسيتلو البدو في الحشر تعقيبُ
وخِلْتُ مديحي أنَّه فيکَ تَشْبيبُ
نَهَضْتَ إِلي أُمّ القري أيِّدَ القِري
له معْفر ظنَّتهُ بالرَّملِ جُؤْذرا
بِکفِّکَ أهدي في الرَّؤوس منَ الکري
مِنَ الناسِ لم يبرح بها الشِّرْکُ نَيِّرا
بسُمرِ الْوَشيجِ اللدنِ حَتي تکسَّرا
مَلائِکُ يَتلونَ الکتاب المسطَّرا
نام وأزکي ناعِلٍ وَطِئ الثَّري
وهَلَّلَ إِسْرافيلُ رُعباً وکبرا
بها لَم يَکنْ ما رُمتَه متعذِّرا
وأيَّ مَقامٍ قمتما فيهِ أنورا
بضوْجَيه فاعْتدَّت بذلک مَفْخرا
فَقطَّعتَ مِنْ أرْحامِها ماتَشَجَّرا
بِعَضْبک أجْري مِنْ دَمِ القومِ أبحرا
فکنتَ لتسطو ثمَّ کان ليغفرا
فذلَّلت مِنْ ارکانها ما توعَّرا
بِها من کميِّ قَدْ تَرکتَ مُقطَّرا
وکمْ کافرٍ في التّرْب أضحي مُکفَّرا
هُناکَ لأَجْسامٍ مُحلَّلةِ العُرا
ولا عَبدَ اللاتَ الخبيثةَ اعصرا
حِذاراً ولا يَومَ العريش تستَّرا
لهُ القُرصُ ردَّ القرص أبيضَ أَزهرا
لها قيل: کل الصيد في جانب الْفرا
أحالَ ثرَاها طيب ريَّاهُ عَنبرا
وإن لامني فيه العذولُ فأکثرا
وبدت لکم روح القدسْ
-يّ ففيه تطهير النجسْ
ضب والمقانب والخمسْ
طع والغطارفة الحمسْ
ت وفوقها الصيد الشمسْ
ن مطهم صعب سلسْ
والطيرُ منها في عُرسْ
-جَمَلِيّ قدماً فاندرسْ
حرب ابن حرب فارتکسْ
-رُ من الحمام ويبتئسْ
وحاذر الرمح الورسْ
-دةٍ وقلب مختلَسْ
ن فزعزعت رکنيْ قدسْ
والصوت رعد مرتجسْ
هام الخوارج کالقبسْ
أسدُ الملاحِم والوُطسْ
العالم الحبر الندسْ
غار الحجيج وما جلسْ
بزغْن شُموساً في ظلام الدياجرِ
لتَضْعف عَنْ لمحِ العُيونِ النواظرِ
تثنّيَ منصور الکتيبة ظافر
وخالص اضماري وصفْوُ سرائري
حلول عذاب في الجِنان النَّواضِر
وإن شابه بالموبقات الکَبائر
قوادم فتْخاء الجناحين کاسر
تجسد مِنْ نُورٍ مِنَ القدْس زاهر
-هورُ علي مستوْدِعات السرائر
أخاً ونَظيراً في العلي والأواصر
کعفْطةِ عَنزٍ أو قلامةِ حافِر
کعُرْضة ضلّيلٍ کنَهبة کافر
فبُورِکَ من وتر مُطاع وقادر
لفجَّرها بالمترَعات الزواخِر
وعطَّلَ من أفلاکها کل دَائر
وحَيرة أرباب النُّهي والبصائر
بذي فذذٍ في آل بدر مبادر
-بغاث فَصرَّي شِلوَهُ في الأظافر
من الخوْف وخداً نحوه في الحناجر
ولکنَّه من بعض تلک الزَّماجر
وَمِيض أتي من ذي الفقار بفاقر
بمدْحکَ بين الناس أقصرُ قاصر
بَري ء المعاني من صفات الجواهر
ويَکْبرُ عَنْ تَشْبيهِهِ بالعَناصِر
فقبرک رُکني طَائِفاً ومشاعِري
فحبک أوفي عُدتي وذخائري
فَمدحک أسني من صيام الهواجر
فحبُّکَ أُنسي في بطون الحفائر
أطعْت الهوي والغيَّ غير محاذر
فکن شافعي يوم المعادِ وناصري
وسرتْ بليل في عراصک خروعُ
إلا وأنتَ منَ الأحبَّةِ بلقَعُ
فَکأنَّ زنجياً هناک يجدَّعُ
أتراک تعلم من بأرضک مودع
عيسي يُقَفِّيهِ وأحمد يتبع
-رافيل والملأُ المقدَّس أجْمعُ
لذوي البصائر يُستشفُّ ويُلمعُ
المجتبي فيک البطين الانزع
بالخوْف للبهم الکماة يُقنِّع
وادٍ يفيض ولا قليب يُترعُ
ومفرق الأحزاب حيث تجمَّعُ
يعلوه من نَقع الملاحم برقع
أودي بها کسري وفوَّز تُبَّع؟
کانت بجبْهة آدمٍ تتطلَّع
رُفعتْ له لألاؤه تتشعشعُ
بِنظيرها من قبل إلَّا يوشع
خوْض الحمام مدجج ومدرّع
عجزتْ أکفٌّ أربعون وأربع
أرّواح في الأشباح والمستنزع
أرزاق تَقدِرُ في العطاءِ وتوسع
فيها لجثَّتِک الشريفة مضجعُ
بنفوذ أمرک في البريَّةِ مولعُ
وأنا الخطيب الهزبريُّ المصقع
حاشا لمثلک أن يقال سُمَيْدع
في العالمين وشافعٌ ومُشَفّع
أغرار عزمک أم حسامک أقطعُ
هل فضل علمک أم جَنابُک أوسَعُ
فليصغ أربابُ النُّهي وليسمعوا
حرَّ الصبابة فاعذلوني أو دَعوا
نيا ولا جمع البرية مجمعُ
شهبٌ کنسنَ وجَنَّ ليلٌ أدرع
وهو الملاذ لنا غداً والمفزع
سيضرُّ معتقداً له أو ينفعُ
نعم المراد الرَّحب والمستربعُ
نار تَشبُّ علي هواک وتلذع
خُلقاً وطبعاً لا کمن يتطبعُ
والصعب إلا عن ملالک يسهلُ
نادٍ لأملاک السماء ومحفل
ومعظِّمٌ ومکبِّرٌ ومهلِّلُ
عيدانه قُبلاً فهن المندَل
جنود وحي اللَّه کيف تنزَّل
واللسن خرْسٌ والبصائر ذُهَّل
دقَّتْ معانِيهِ وأمرٌ مشکل
نصّاً به نطق الکتابُ المنزلُ
منصوصة عن جيد مجدک معدل
-عالي وخدُّ سواک أضرَعُ أسفلُ
أعطيت محسود المحل مبجَّلُ
رأيٌ بعزمته يُحزُّ المفصل
فصل وحکم في القضية فيصلُ
أطوادَ مجدک کيف لا تتزلزلُ
نظرٌ لوجهکَ کيف لا تتهيَّلُ
في حبه وغواة قوم ضلّل
منها لموسي والظلام مجلِّل
بحر يمور وکل بحرٍ جدولُ
-فرقان والحکم التي لا تعقلُ
غِبَّ ابتلاج الفجر ليلٌ أليلُ
من غرب مخذمک المهنَّد أقتل
بعد التأوُّد واستقام الأميل
حَقاً فحبکَ بابُهُ والمدْخلُ
أطرافها ونقيصةٌ لا تکمل
يومَ النزالِ يقلُّ قولَکَ جحفل
لکنهُ بالزَّاغبية مخملُ
برْجٌ محاجرهُ وضرب أهذل
ثبتٍ يحالفه صقيلٌ مصقل
قمصاً بهنَّ سواکَ لا يتسربل
ألفاکَ ناصرَهُ الذي لا يُخذلُ
يَعنو لها بِشراً ويخضعُ جرول
دُرٌّ له إِبنُ الحديد يفصِّلُ
مدح الوري وعلاک منها أکمل
صفحه 216، 217، 218، 219، 220، 221، 222، 223، 224، 225، 226، 227، 228.