ابومحمد العوني











ابومحمد العوني



(توفي في النصف الثاني من القرن الرابع)

ابن عبيداللَّه بن أبي عون الغساني العوني. شاعر، صاحب طرفة ونکتة. متشيع، ومتفانٍ في ولاء الأئمة سلام اللَّه عليهم. وکان شعره يتلي في الأندية والمجتمعات بعد أن تسير به الرکبان إلي أماکن قصية، خصوصاً ذاک الذي في حب أهل البيت عليهم السلام. ومن هؤلاء الشاعر منير، فقد کان ينشد شعر العوني في أسواق طرابلس. نظم أکثر مناقب أهل البيت عليهم السلام وبلغ عدّهم في شعره اثني عشر إماماً، والمظنون أنه توفي في النصف الثاني من القرن الرابع.

وله في يوم الغدير قوله:


إمامي له يوم «الغدير» أقامه
نبيُّ الهدي ما بين من أنکر الأمرا


وقام خطيباً فيهمُ إذ أقامه
ومن بعد حمد اللَّه قال لهم جهرا


ألا إنَّ هذا المرتضي بعلُ فاطمٍ
عليُّ الرضا صهري فأکرم به صهرا


ووارث علمي والخليفة فيکمُ
إلي اللَّه من أعدائه کلّهم أبرا


سمعتم؟ أطعتم ؟ هل وعيتم مقالتي؟
فقالوا جميعاً: ليس نعدو له أمرا


وفي خبر صحَّت روايته لهم
عن المصطفي لا شکَّ فيه فيستبرا


بأن قال: لمّا أن عرجت إلي السَّما
رأيت بها الأملاک ناظرة شزرا


إلي نحو شخصٍ حيل بيني وبينه
لعظم الذي عاينته منه لي خيرا


فقلت: حبيبي جبرئيل مَن الذي
تُلاحظه الأملاک؟ قال: لک البُشري

[صفحه 144]

فقلت: وما من ذاک؟ قال: عليّ الر
ضا خصَّه الرَّحمن من نِعَم فخرا


وأيضاً قوله:


أليس قام رسول اللَّه يخطبهم
يوم «الغدير» وجمع الناس محتفلُ؟!


وقال: مَن کنت مولاه فذاک له
من بعدُ موليً فواخاهُ وما فعلوا


لو سلّموها إلي الهادي أبي حسن
کفي البرايا ولم تستوحش السبلُ


وأيضاً:


فقال رسول اللَّه: هذا لأمَّتي
هو اليوم موليً ربّ ما قلت فاسمعِ


فقام جحودٌ ذو شقاقٌ منافقٌ
يُنادي رسول اللَّه من قلب موجعِ


أعن ربِّنا هذا؟ أم انت اخترعته؟
فقال: معاذ اللَّه لست بمُبدعِ


فقال عدوُّ اللَّه: لا همَّ إن يکن
کما قال حقّاً بي عذاباً فأوقعِ


فعوجل من أفق السَّماء بکفره
بجندلةٍ فانکبَّ ثاوٍ بمصرعِ


وله من قصيدة طويلة يمدح بها أميرالمؤمنين عليه السلام:


إنّ رسول اللَّه مصباح الهدي
وحجَّة اللَّه علي کلِّ البشرْ


فکان مَن أوَّل من صدَّقه
وصيّه وهو بسنِّ ما ثغرْ


ولم يکن أشرک باللَّه ولا
دُنِّس يوماً بسجودٍ لحَجَرْ


فذاکمُ أوَّل مَن آمن بال
-لَّه ومَن جاهد فيه ونصرْ


أوَّل مَن صلّي مِن القوم ومَن
طاف ومَن حجَّ بنسک واعتمرْ


من شارک الطاهر في يوم العبا
في نفسه من شکَّ في ذاک کفرْ


مَن جاد بالنَّفس ومَن ضنّ بها
في ليلةٍ عند الفراش المشتهرْ


مَن صاحب الدار الذي انقضَّ بها
نجمٌ من الجوِّ نهاراً فانکدرْ


مَن صاحب الراية لَمّا ردَّها
بالأمس بالذلِّ قبيع وزفرْ

[صفحه 145]

مَن خُصّ بالتبليغ في براءَة
فتلک للعاقل من إحدي العِبَرْ


مَن کان في المسجد طلقاً بابه
خلّي وأبواب اُناس لم تُذرْ


مَن حاز في «خمَّ» بأمر اللَّه ذا
ک الفضل واستولي عليهم واقتدرْ


مَن فاز بالدَّعوة يوم الطاير الم
-شويِّ من خصّ بذاک المفتخرْ


مَن ذا الذي أسري به حتّي رأي
القدرة في حندس ليل معتکرْ


مَن خاصف النَّعل ومن خبّرکم
عنه رسول اللَّه أنواع الخبرْ


کليم شمس اللَّه والرّاجعها
من بعدما انجاب ضياها واستترْ


کليم أهل الکهف إذ کلّمهم
في ليلة المسح فسل عنها الخبرْ


وقصَّة الثعبان إذ کلّمه
وهو علي المنبر والقوم زُمرْ


والأسد العابس إذ کلّمه
معرّفا بالفضل منه وأقرْ


بأنَّه مستخلف اللَّه علي الأُ
مّة والرَّحمن ما شاء قَدَرْ


عيبة علم اللَّه والباب الذي
يُؤتي رسول اللَّه منه المشتهرْ


وله من قصيدة يمدح بها أميرالمؤمنين عليه السلام:


واللَّه ألبسه المهابة والحجي
وربا به أن يعبد الأصناما


أم من سواه يقول فيه أحمد
يوم «الغدير» وغيره أيّاما


هذا أخي مولاکمُ وإمامکم
وهو الخليفة إن لقيت حماما؟!


منّي کما هارون من موسي فلا
تألوا لحقِّ إمامکم إعظاما


إن کان هارون النبيّ لقومه
ما غاب موسي سيِّداً وإماما


فهو الخليفة والإمام وخير مَن
أمضي القضاء وخفَّف الآلاما


غصنٌ رسول اللَّه أثبت غرسه
فعلا الغصون نضارة ونظاما


وله من قصيدة يقول فيها:

[صفحه 146]

يا آل أحمد لولاکم لما طلعت
شمس ولا ضحکت أرضٌ من العشبِ


أبوکمُ خير من يُدعي لحادثة
فيستجيب بکشف الخطب والکربِ


عدل القران وصيُّ المصطفي وأبو
السبطين أکرمْ به من والدٍ وأبِ


بعلُ المطهَّرة الزَّهراء ذو الحسب ال
-طهر الذي ضمَّه شفعاً إلي النسبِ


مَن قال أحمد في يوم «الغدير» له
مَن کنت موليً له في العجم والعرب


فإنَّ هذا له موليً ومنذره
يا حبّذا هو من مولي ويا بأبي


مَن مثله؟ وهو مولي الخلق أجمعها
بأمرِ ربِّ الوري في نصِّ خير نبي


يأتي غداً ولواء الحمد في يده
والناس قد سفروا من أوجهٍ قطبِ


ومن قصيدته المذهبة المشهورة نقتطف ما يلي:


وسائلٍ عن العليِّ الشانِ
هل نصَّ فيه اللَّه بالقرآنِ


بأنَّه الوصيُّ دون ثانِ
لأحمد المطهَّر العدناني؟!


فاذکر لنا نصّاً به جليّا

أجبت يکفي «خم» في النصوص
من آية التبليغ بالمخصوصِ


وجملة الأخبار والنصوصِ
غير الذي انتاشت يد اللصوص


وکتمته ترتضي اُميّا

أما سمعت يا بعيد الذهنِ
ما قاله أحمد کالمهنّي


أنت کهارون لموسي منّي
إذ قال موسي لأخيه اخلفني؟!


فاسألهمُ لِمْ خالفوا الوصيّا؟!

فقال هل من آيةٍ تدلُّ
علي عليِّ الطّهر لا تعلُّ؟!


بحيث فيها الطّهر يستقلُ
تدنيه للفضل فيقصي کلّ


ويغتدي من دونه مقصيّا

[صفحه 147]

فقلتُ: إنَّ اللَّه جلَّ قالا
إذ شرَّف الآباء والأنسالا


وآل إبراهيم فازوا آلا
إنّا وهبنا لهمُ إفضالا


لسان صدق منهمُ عليّا

إنَّ عليّاً عند أهل العلمِ
أوّل من سُمّي بهذا الاسمِ


قد ناله من ربِّه في الحکمِ
علي يدي أخيه وابن العمّ


وحياً قديم الفضل عُد مليّا

وهو الذي سُمِّي في التوراةِ
عند الأولي هادٍ من الهداةِ


بالنصِّ والتصريح في البراةِ
برغم مَن سي ء من العداةِ


من کلِّ عيبٍ في الوري بريّا

وهو الذي يُعرف عند الکهنه
إذ جمعوا التوراة في الممتحنه


فأخذوا من کلِّ شي ء حسنه
وهم لتوراة الکليم الخزنه


ليؤدوُا الحقَّ لهم بوريّا

وهو الذي يُعرف في الإنجيلِ
برتبة الإعظام والتَّبجيل


وميزة الغرَّة والتحجيل
وفوزة الرَّقيب للمجيلِ


وکان يُدعي عندهم أليّا

وهو الذي يُعرف بالزَّبورِ
ژزبور داود حليف النورِ


وذي العلا والعلَم المنشورِ
في اسم الهزبر الأسد الهصورِ


ليث الوغا أعني به آريّا

وهو الذي تدعوه ما بين الوري
أکابر الهند وأشياخ القري


ذووا العلوم منهمُ بکنکرا
لأنَّه کان عظيماً خطرا


وکنکرا کان له سميّا

[صفحه 148]

وهو الذي يُعرف عند الرّومِ
ببطرس القوّة والعلومِ


وصاحب الستر لها المکتومِ
ومالک المنطوق والمفهومِ


ومَن يکن ذا يُدع بطرسيّا

وهو الذي يُعرف عند الفرسِ
لدي التعاليم وعند الدَّرسِ


بغرسنا وذاک إسمٌ قُدسي
معناه قابضٌ بکلِّ نفسِ


کما دعوه عندهم باريّا

وهو الذي يُعرف عند الترکِ
تيراً وذاک مشبهُ الَمحَکّ


وانَّه يرفع کلَّ شکٍّ
عن کلِّ حاکٍ قوله ومحکي


إذا عرفت المنطق الترکيّا

وهو الذي يدعونه في الحبشِ
بتريک أي مدبِّرٌ لا يختشي


لِقدرةٍ به وبطشٍ مدهشِ
وينعتونه بأقوي قرشي


فاسأل به مَن يعرف الحبشيّا

وهو الذي يُعرف عند الزَّنجِ
بحنبني أي مُهلکٌ ومُنج


وقاطع الطريق في المحجِّ
إلّا باذنٍ في سلوک النهجِ


فإن أردتَ فاسأل الزَّنجيّا

وهو فريقٌ بلسان الأرمنِ
فاروقه الحقّ لِکلِّ مؤمن


تعرفه أعلامهم في الزّمنِ
فاسأل به إن کنتَ ممَّن يعتني


تحقيقه من کان أرمنيّا

وله يمدح أميرالمؤمنين عليه السلام:


أنا مولّيً لمن يقول رسول ال
-لَّه فيه ما بين جمٍّ غفيرِ


سوف يأتي يوم القيامة رکبٌ
خمسةٌ ما لغيرنا من ظهورِ

[صفحه 149]

أنا منهم علي البراق وبعدي
بضعتي فاطمٌ تسير مسيري


وأبي إبراهيم فوق ذلولٍ
عزَّ قدراً بنا علي الجمهورِ


وأخي صالحٌ علي ناقة ال
-لَّه أمامي في العالم المحشورِ


وعليٌّ علي أغرّ من الج
-نَّة ما خطبُ نعتِه باليسيرِ


في يديه من فوق رأسي لواءُ الح
-مد للواحد الحميد الشَّکور


وعليه تاجٌ بديعٌ من النّو
رِ يُزاهي بإکليله المستديرِ


قد أضاءت من نوره عرصة الحش
-ر فيا حسن ذاک من منظورِ


ولتاج الوصيِّ سبعون رکناً
کلُّ رکنٍ کالکوکبِ المستنيرِ


فلربّي الحمد الکثير علي ما
قد حباني من حبِّه بالکثيرِ


وله من قصيدةٍ اُخري:


وقلت: «براثا» کان بيتاً لمريمٍ
وذاک ضعيف في الأسانيد أعوجُ


ولکنّه بيت لعيسي بن مريمٍ
وللأنبياء الزُّهر مثويً ومدرجُ


وللأوصياء الطاهرين مقامهم
علي غابر الأيّام والحقُّ أبلجُ


بسبعين موصيً بعد سبعين مرسلٍ
جباههمُ فيها سجودٌ تشجّجُ


وآخرهم فيها صلاةُ إمامنا
عليٍّ بذا جاء الحديث المنهَّجُ

[صفحه 150]

وقال أيضاً:


زوَّجک اللَّه يا إمامي
فاطمة البرَّة الزکيّة


وردَّ من رامها جميعاً
بأوجه کرّه خزيّة


أليس قد نافقوا وإلّا
لم ردَّها القوم جاهليّة[1] .


وقال أيضاً:


وهل يقاس حيدرٌ بحبتر
وهل تقاس الأرض جهلاً بالسما


هل يستوي المؤمن والمشرک
والمعصوم عن معصية ومن عصي


هل يستوي من کسّر الأصنام وال
-ساجد للأصنام کلا لا سوي


هل يستوي الفاضل والمفضول أم
هل تستوي شمس النهار والدجي[2] .

[صفحه 151]


صفحه 144، 145، 146، 147، 148، 149، 150، 151.








  1. اللؤلؤة البيضاء ص86.
  2. اللؤلة البيضاء: ص197.