ابوالقاسم الزاهي
علي بن إسحاق بن خلف القطان البغدادي شاعرٌ فاضل، ولقب الزاهي، نسبة إلي قرية من قري نيسابور اسمها (زاه(. تحيّز في شعره لأهل البيت عليهم السلام، وکان علي مذهبهم ومودّتهم. ولد يوم الاثنين في العشرين من صفر 318 ه 930 م. عُدّ في (معالم العلماء) من الشعراء المجاهرين في شعرهم بحب أهل البيت عليهم السلام وصّافاً، جل شعره في ائمة أهل البيت عليهم السلام مدحاً ورثاءً. فکان لا يدع منقبة لهم ولا آية نزلت فيهم، إلا وصاغها شعراً. منها رد الشمس له وتکليمه إياها، وحديث عين الماء، و (الأذن الواعية) وغيرها مما سيرد ذکره في شعره. توفي ببغداد يوم الأربعاء في العشرين من جمادي الأولي عام 352 ه 963 م. له في موالاة الإمام علي عليه السلام قوله: لا يهتدي إلي الرشاد مَن فَحص ولا يذوق شربةً من حوضه نفس النبيِّ المصطفي والصنو وال مَن قد أجاب سابقاً دعوته ما عرف اللّات ولا العزّي ولا ان [صفحه 86] مَن ارتقي متن النبيِّ صاعداً وطهَّر الکعبة مِن رجسٍ بها مَن قد فدا بنفسه محمَّداً وبات من فوق الفراش دونه مَن کان في بدرٍ ويوم أُحد فقال جبريل ونادي: لا فتي مَن قدَّ عمرو العامريَّ سيفه من أُعطي الراية يوم خيبر وراح فيها مبصراً مستبصراً فاقتلع الباب ونال فتحه مَن کسح البصرة مَن ناکثها وفرَّق المال وقال: خمسةٌ ومَن بصفِّين نضا حسامه وصدَّ عن عمرو وبُسر کرماً ومَن أسال النهروان بالدما ذاک الذي قد جمع القرآن في ذاک الذي آثر في طعامه فأنزل اللَّه تعالي «هل أتي» ذاک الذي استوحش منه أنسٌ إذ قال: مَن يشهد بالغدير لي [صفحه 87] يابن أبي طالب يا مَن هو مِن فضلک لا يُنکر لکن الولا وله في ذکر خلافة أميرالمؤمنين وإنَّها له بنصّ حديث الغدير قوله: قدَّمتُ حيدر لي موليً بتأمير إنَّ الخلافة مِن بعد النبيِّ له مَن قال أحمد في يوم «الغدير» له قم يا عليُّ فکن بعدي لهم علماً مولاهمُ أنت والموفي بأمرهمُ وذاک إنَّ إله العرش قال له فإن عصيت ولم تفعل فإنَّک ما وله قوله يمدح أميرالمؤمنين عليه السلام ويذکر فرض ولائه بحديث الغدير: دع الشناعات أيّها الخدعه مَن وحَّد اللَّه أوَّلاً وأبي مَن قال فيه النبيُّ: کان مع ال مَن هزَم الجيش يوم خيبرهم مَن فرض المصطفي ولاه علي ال أشهد أنَّ الذي تقول به وقال يمدحه صلوات اللَّه عليه: أُقيم بخمٍّ للخلافة حيدرٌ غداة دعاه المصطفي وهو مُزمعٌ [صفحه 88] فقال: أقم عنّي بطيبةَ واعلمن ولَمّا مضي الطهر النبيُّ تظاهرت عليه رجالٌ بالمقال وأجهروا فقالوا: عليٌّ قد قلاه محمَّدٌ فأتبعه دون المعرَّس فانثني ولَمّا أبان القول عمَّن يقوله فقال: أما ترضي تکون خليفتي وعلّاه خير الخلق قدراً وقدرةً وقال رسول اللَّه هذا إمامکم ولَمّا لم يکن في المعاجم عنايةٌ بشعره المذهبيِّ الراقي فنحن نذکر منه شطراً يمتدح به أميرالمؤمنين عليه السلام: يا سادتي يا آل ياسين فقطْ لولاکُم لم يقبل الفرض ولا أنتم وُلاة العهد في الذرِّ ومَن ما أحدٌ قايسکم بغير کم إلّا کمن ضاهي الجبال بالحصا صنو النبيِّ المصطفي والکاشف ال أوّل مَن صام وصلّي سابقاً مکلّم الشمس ومَن رُدَّت له وراکض الأرض ومن أنبع لل بحرٌ لديه کلُّ بحر جدولٌ [صفحه 89] وليث غابٍ کلُّ ليثٍ عنده باسط علم اللَّه في الأرض ومَن يخطو إلي الحرب به مدَّرعاً وفي هذه القصيدة نجد أن المترجم قد ذکر جملة من مناقبه صلوات اللَّه عليه وهي تکبر عن أن تحدّ وتکثر عن أن تحصي وتعدّ، کما هو الحال في تتمة القصيدة التالية: وهو لکلِّ الأوصياء آخرُ باطن علم الغيب والظاهر في أحيي بحدِّ سيفه الدين کما مفقّه الأُمَّة والقاضي الَّذي والنَّبأ الأعظم والحجَّة وال حبلٌ إلي اللَّه وباب الحطَّة ال والقدم الصَدق الذي سيط به ونهر طالوت وجنب اللَّه وال والأذن الواعية الصمّاء عن حسن مآب عند ذي العرش ومَن وله في مدح مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام قوله: وال عليّاً واستضئ مقباسهُ فمن تولّاه نجا ومن عَدا أوَّل مَن قد وحّد اللَّه وما فدي النبيَّ المصطفي بنفسه [صفحه 90] بات علي فرش النبيِّ آمناً حتّي إذا ما هجم القوم علي ثار إليهم فتولّوا مزقاً مُکسِّر الأصنام في البيت الذي رقي علي الکاهل من خير الوري ونکَّس اللّات وألقي هَبلاً وقام مولايَ علي البيت وقد واقتلع الباب اقتلاعاً معجزاً کأنَّه شرارةٌ لموقد مَن قد ثني عمرو بن ودٍّ ساجياً مَن هبط الجبّ ولم يخش الرَّدي مَن أحرق الجنَّ برجم شهبه حتّي انثنت لأمره مذعنةً وله في مدحه صلوات اللَّه عليه قوله: هذا الَّذي أردي الوليد وعتبة هذا الَّذي هشمت يداه فوارساً في کلِّ منبت شعرة من جسمه وله فيه سلام اللَّه عليه قوله: أباحسن جعلتک لي ملاذاً فکن لي شافعاً في يوم حشري لأنّي لم أکن مِن نعثليٍّ [صفحه 91]
(318 ه- 352 ه)
إلّا إذا والي عليّاً وخلصْ
من غمس الولا عليه وغمصْ
-خليفة الوارث للعلم بنصْ
وهو غلامٌ وإلي اللَّه شخصْ
-ثني إليهما ولا حبَّ ونصْ
وکسّر الأوثان في أولي الفرصْ
ثمَّ هوي للأرض عنها وقمصْ
ولم يکن بنفسه عنه حرصْ
وجاد فيما قد غلا وما رخصْ
قطَّ من الأعناق ما شاء وقصْ
إلّا عليٌّ عمَّ في القول وخصْ
فخرّ کالفيل هوي وما قحصْ
من بعد ما بها أخو الدعوي نکصْ
وکان أرمداً بعينيه الرمصْ
ودکَّ طود مرحبٍ لمّا قعصْ
وقصَّ رجل عسکر بما رقصْ
لواحد فساوت الجند الحصصْ
ففلق الهام وفرَّق القصصْ
إذ لقيا بالسوأتين من شخصْ
وقطَّع العرق الذي بها رهصْ
أحکامه للواجبات والرُّخصْ
علي صيامه وجاد بالقُرَصْ
وذَکر الجزاء في ذاک وقصْ
أن يشهد الحقَّ فشاهد البرصْ
فبادَرَ السامعُ وهو قد نکصْ
خاتم الانبياء في الحکمة فُصْ
قد ساغه بعضٌ وبعضٌ فيه غصْ
لَمّا علمت بتنقيبي وتنقيري
کانت بأمر من الرَّحمن مقدورِ
بالنقل في خبرٍ بالصِّدق مأثورِ
واسعد بمنقلبٍ في البعث محبورِ
نصٌّ بوحي علي الأفهام مسطورِ
بلّغ وکن عند أمري خير مأمورِ
بلّغت أمري ولم تصدع بتذکيري
وارکن إلي الحقِّ واغدُ متَّبعه
إلّا النبيَّ الأميَّ واتَّبعه
-حقِّ عليٌّ والحقُّ کان معه
وهزَّ باب القموص فاقتلعه
-خلق بيوم «الغدير» إذ رفعه
يعلم بطلانه الذي سمعه
ومِن قبلُ قال الطّهر ما ليس يُنکرُ
لقصد تبوک وهو للسير مضمرُ
بأنَّک لِلفُجّار بالحقِّ تقهرُ
وذاک مِن الأعداء إفکٌ ومنکرُ
وقالوا: عليٌّ قد أتي فتأخَّروا
وأبدي له ما کان يبدي ويضمرُ
کهارون من موسي؟ وشأنک أکبر
وذاک من اللَّه العليّ مقدَّرُ
له اللَّه ناجي أيّها المتحيِّرُ
عليکم الوحي من اللَّه هبطْ
رحنا لبحر العفو من أکرم شطْ
هواهمُ اللَّه علينا قد شرطْ
ومازج السلسل بالشرب اللمطْ
أو قايس الأبحر جهلاً بالنُقطْ
-غمّاء عنه والحسام المخترطْ
إلي المعالي وعلي السبق غُبطْ
ببابل والغرب منها قد قبطْ
-عسکر ماء العين في الوادي القحطْ
يغرف من تيّاره إذا اغتمطْ
ينظره العقل صغيراً إذ قلطْ
بحبِّه الرَّحمن لِلرِّزق بسطْ
فکم به قد قدَّ مِن رجسٍ وقطْ
بضبطه التوحيد في الخلق انضبطْ
کشف الإشارات وقطب المغتبطْ
أمات ما أبدع أرباب اللغطْ
أحاط من علم الهدي ما لم يُحطْ
-محنة والمصباح في الخطب الورطْ
-فاتح بالرُّشد مغاليق الخططْ
قلب امرئ بالخطوات لم يسطْ
-عين التي بنورها العقل خبطْ
کلِّ خنا يغلط فيه من غلطْ
لولا أياديه لکنّا نختبطْ
تدخلْ جناناً ولتسقي کاسهُ
ما عرف الدِّين ولا أساسهُ
ثني إلي الأوثان يوماً رأسهُ
إذ ضيَّقت أعداؤه أنفاسهُ
والليل قد طافت به أحراسهُ
مُستيقظٍ بنصله أشماسهُ
يمنعهم عن قربه حماسهُ
أزيح عن وجه الهدي غماسهُ
والدين مقرونٌ به أنباسهُ
مُهشّماً يقلبه انتکاسهُ
طهَّره إذ قد رمي أرجاسهُ
يسمع في دويِّه ارتجاسهُ
أخرجها من ناره مقباسهُ
إذ جزع الخندق ثمَّ جاسهُ
والماء منحلّ السقا فجاسهُ
أشواظه يقدمها نُحاسهُ
ومنهمُ بالعوذ احتراسهُ
والعامريَّ وذا الخمار ومرحبا
قسراً ولم يک خائفاً مترقِّبا
أسدٌ يمدُّ إلي الفريسة مخلبا
ألوذ به ويشملني الزِّماما
وتجعل دار قدسک لي مقاما
ولا أهوي عتيق ولا دماما
صفحه 86، 87، 88، 89، 90، 91.