ابوالقاسم الصنوبري











ابوالقاسم الصنوبري



(...- 334 ه)

أبوالقاسم أحمد بن محمّد بن الحسن بن مرار الجزري الرقّي الضبي، المشتهر بالصنوبري. شاعر مجيد، وشعره يجمع بين الرقة والقوة. وقد وصف شعره بالحسن والجودة حتي قال الثعالبي: تشبيهات ابن المعتز، وأوصاف کشاجم، وروضيات الصنوبري؛ متي اجتمعت اجتمع الظرف والطرف.... الخ.

وکانت له صلة وثيقة بکشاجم، کما أنه التقي بالمتنبي.

سکن حلب، ودمشق وبها أنشد شعره.

له من قصيدة:


ما في المنازل حاجةٌ نقضيها
إلّا السَّلام وأدمعٌ نذريها


وتفجّعٌ للعين فيها حيث لا
عيشٌ أوازيه بعيشي فيها


حتي يقول:


حبّ النبيِّ محمَّد ووصيِّه
مع حبِّ فاطمة وحبِّ بنيها


أهل الکساء الخمسة الغرر التي
يبني العلا بعلاهُم بانيها


کم نعمةٍ أوليت يا مولاهُم
في حبِّهم فالحمد للموليها


إنَّ السفاه بشغل مدحي عنهمُ
فيحقُّ لي أن لا أکون سفيها


قُتل ابن من أوصي إليه خير مَن
أوصي الوصايا قطُّ أو يوصيها


رفع النبيُّ يمينه بيمينه
ليري ارتفاع يمينه رائيها


في موضع أضحي عليه منبِّهاً
فيه وفيه يبدئُ التنبيها

[صفحه 81]

آخاه في «خمٍّ» ونوَّه باسمه
لم يأل في خير به تنويها


قد قال: أفضلکم عليٌّ إنَّه
أمضي قضيَّته التي يمضيها


هو لي کهارون لموسي حبَّذا
تشبيه هارون به تشبيها


يوماه يومٌ للعدي يرويهُم
جورا ويومٌ للقني يرويها


يسع الأنام مثوبة وعقوبة
کلتاهما تمضي لما يمضيها


وقال في قصيدة يمدح بها عليّاً أميرالمؤمنين عليه السلام:


آخي حبيبي حبيب اللَّه لا کذب
وابناه للمصطفي المستخلص ابنانِ


صلّي إلي القبلتين المقتدي بهما
والنّاس عن ذاک في صمّ وعميانِ


ما مثل زوجته أُخري يُقاس بها
ولا يُقاس علي سبطيه سبطانِ


فمضمر الحبِّ في نور يخصُّ به
ومضمر البغض مخصوصٌ بنيرانِ


رُدَّت له الشمس في أفلاکها فقضي
صلاته غير ما ساهٍ ولا وانِ


أليس مَن حلَّ منه في أُخوَّته
محلَّ هارون من موسي بن عمرانِ؟!


وشافع الملَک الرّاجي شفاعته
إذ جاءه ملَکٌ في خلق ثعبانِ


قال النبيُّ له: أشقي البريّة يا
عليُّ إذ ذُکر الأشقي شقيّانِ


هذا عصي صالحاً في عقر ناقته
وذاک فيک سيلقاني بعصيانِ


ليخضبنْ هذه مِن ذا أباحسن
في حين يخضبها من أحمر قانِ


ويرثي فيها أميرالمؤمنين وولده السبط الشهيد بقوله:


نعم الشهيدان ربّ العرش يشهد لي
والخلق إنَّهما نعم الشهيدانِ


مَن ذا يُعزّي النبيَّ المصطفي بهما
من ذا يُعزّيه من قاصٍ ومن دانِ؟


مَن ذا لفاطمة اللهفاء ينبئها
عن بعلها وابنها إنباء لهفانِ؟


من قابض النفس في المحراب منتصباً
وقابض النفس في الهيجاء عطشانِ؟

[صفحه 82]

ومن شعره في أهل البيت عليهم السلام:


سقي حلب المزن مغني حلبْ
فکم وکلت طربا بالطربْ


وکم مستطاب من العيش لي
لديها إذا العيش لم يستطب


إذا نشر الزهر أعلامه
بها ومطارده والعذب


غدا وحواشيه من فضة
ترفُّ وأوساطه من ذهب


تلاعبه الريح صدر الضحي
فيجلي علينا جلاء اللعب


متي ما تغنّت مهاريّه
وانشد دبسيّه أو خطب


ندبتُ ونُحتُ بني احمد
ومثلي ناح ومثلي ندب


بني المصطفي المرتضي خاتم
النبييين والمنخب المنتجب


لأسريَ مسراه إلا به
وما مسّه في السري من تعب


أم القمر انشق إلا له
ليقضي ما قد قضي من أرب


ولا يد سبّح فيها الحصي
سوي يده في جميع الحقب


وفي تفلةٍ ردّ عينَ الوصي
إلي حال صحتها إذ أحب


اخوه وزوج احبّ الوري
اليه ومسعده في النوب


له ردّت الشمس حتي قضي
الصلاة وقام بما قد وجب


وزکّي بخاتمه راکعاً
رجاء المجازاة في المنقلب


ابو حسن وحسين الَّذَين
کانا سراجي سراج العرب


هما خير ماشٍ مشي جدّةً
وجداً وأزکاه أماً وأب


أنيخا بنا العيس في کربلا
مناخ البلاء مناخ الکرب


نشمّ ممسّک ذاک الثري
ونلثم کافور تلک الترب


ونقضي زيارة قبر بها
فان زيارته تستحب

[صفحه 83]


صفحه 81، 82، 83.