دعبل الخزاعي











دعبل الخزاعي



(148 ه- 246 ه)

أبوعلي دعبل بن علي بن رزين الخزاعي، ولد في عام 148 ه 765 م. شاعرٌ شهيرٌ معروف. بيته بيت علم وفضل وأدب، وقد روي: أن رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قد دعا لجدّه الأعلي بديل بن ورقاء إذ قال فيه: «زادک اللَّه جمالاً وسؤدداً وأمتعک وولدک». کما ورد في أمالي الشيخ وکتاب الإصابة.

أبوه يُعدّ من شعراء عصره کما ترجم له المرزبانيّ في معجمه، وکذا جده رزين، وعمه عبداللَّه بن رزين، وابن عمه محمد بن عبداللَّه بن رزين، وأخوه عليّ بن عليّ الذي رافق شاعرنا إلي فيض النبوّة، الإمام الرضا عليه السلام ليتبرّکا بمشاهدته ويتشرفا بالمثول بين يديه، حيث خَلَعَ أبوالحسن عليه السلام علي المترجم قميصاً من قمصه وخاتما من خواتمه بفص عقيق ودراهم رضويّة.

وعن ابن أخيه إسماعيل: إن اسمه عبدالرحمن، وانما لقبته دايته بهذا اللقب (دعبل) لدعابة کانت فيه. أما أصله فالکوفة، وقيل من قرقيسيا غير أن اکثر إقامته في بغداد التي فرّ إليها خوفاً من المعتصم. دخل مصر بعدها في ولاية المطلب بن عبداللَّه الذي ولاه أسوان، وما إن بلغه هجاؤه فيه حتي عزله وهرب إلي بني تغلب في المغرب.

کان کثير الأسفار، يخرج فيغيب سنين يدور الدنيا، وقد سافر إلي الري

[صفحه 60]

والحجاز وخراسان فضلاً عما مرّ، والي دمشق والبصرة وقم.

وامتاز في حياته بخصالٍ أربع: تهالکه في حب أهل بيت الرحمة عليهم السلام، ونبوغه في الشعر والأدب والتأريخ وما کتب في ذلک، وروايته للحديث وقد روي عنه، وعلاقته بالخلفاء والخلافة مداً وجزراً، مع ما في ذلک من تندّره بالنکتة والطرفة.

اغتيل في الأهواز بأمر مالک بن طوق في قرية من نواحي السوس بعد صلاة العشاء وکان يومها ابن ثمان وتسعين رحمه الله.

وله في التمسک بوصية رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بابن عمه عليه السلام قوله:


تَجاوبْنَ بالأرنان والزفراتِ
نوائحُ عجم اللفظ والنطقاتِ


يخبِّرن بالانفاس عن سرِّ أنفسٍ
أساري هويً ماضٍ وآخر آتِ


حتي يقول:


رزايا أرتنا خضرة الأفق حمرةً
وردّت أجاجاً طعم کلِّ فراتِ


وما سهلت تلک المذاهب فيهمُ
علي الناس إلّا بيعة الفلتاتِ


وما قيل أصحاب السقيفة جهرةً
بدعوي تراتٍ في الضلال نتاتِ


ولو قلَّدوا المُوصي إليه أُمورها
لزمَّت بمأمون عن العثراتِ


أخي خاتمِ الرسل المصفّي من القذي
ومفترس الأبطال في الغمراتِ


فإن جحدوا کان «الغدير» شهيده
وبدرٌ وأُحدٌ شامخ الهضباتِ


وآيٌ من القرآن تُتلي بفضله
وإيثاره بالقوت في اللّزباتِ


وغرُّ خلال أدرکته بسبقها
مناقب کانت فيه مؤتنفاتِ


ويذکر نزول قوله تعالي: «إنَّما وليّکم اللَّه ورسوله والَّذين آمنوا الَّذين يُقيمون الصَّلاة ويُؤتون الزکاة وهم راکعون» فيه بقوله:

[صفحه 61]

نطق القران بفضل آل محمَّد
وولايةٍ لعليِّه لم تُجحدِ


بولاية المختار من خير الّذي
بعد النبيِّ الصادق المتودّد


إذ جاءه المسکين حال صلاته
فامتدَّ طوعاً بالذراع وباليدِ


فتناول المسکين منه خاتماً
هبة الکريم الأجود بن الأجودِ


فاختصَّه الرَّحمن في تنزيله
مَن حاز مثل فخاره فليعددِ


إنَّ الإله وليّکم ورسوله
والمؤمنين فمن يشأ فليجحدِ


يکن الإله خصيمه فيها غداً
واللَّه ليس بمخلف في الموعدِ


وله يمدح أميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه:


سقياً لبيعة أحمد ووصيِّه
أعني الإمامَ وليَّنا المحسودا


أعني الذي نصر النبيَّ محمَّداً
قبل البريَّة ناشئاً ووليدا


أعني الذي کشف الکروب ولم يکن
في الحرب عند لقائه رعديدا


أعني الموحِّد قبل کل موحِّد
لا عابداً وثناً ولا جلمودا

[صفحه 62]


صفحه 60، 61، 62.