دعبل الخزاعي
أبوعلي دعبل بن علي بن رزين الخزاعي، ولد في عام 148 ه 765 م. شاعرٌ شهيرٌ معروف. بيته بيت علم وفضل وأدب، وقد روي: أن رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قد دعا لجدّه الأعلي بديل بن ورقاء إذ قال فيه: «زادک اللَّه جمالاً وسؤدداً وأمتعک وولدک». کما ورد في أمالي الشيخ وکتاب الإصابة. أبوه يُعدّ من شعراء عصره کما ترجم له المرزبانيّ في معجمه، وکذا جده رزين، وعمه عبداللَّه بن رزين، وابن عمه محمد بن عبداللَّه بن رزين، وأخوه عليّ بن عليّ الذي رافق شاعرنا إلي فيض النبوّة، الإمام الرضا عليه السلام ليتبرّکا بمشاهدته ويتشرفا بالمثول بين يديه، حيث خَلَعَ أبوالحسن عليه السلام علي المترجم قميصاً من قمصه وخاتما من خواتمه بفص عقيق ودراهم رضويّة. وعن ابن أخيه إسماعيل: إن اسمه عبدالرحمن، وانما لقبته دايته بهذا اللقب (دعبل) لدعابة کانت فيه. أما أصله فالکوفة، وقيل من قرقيسيا غير أن اکثر إقامته في بغداد التي فرّ إليها خوفاً من المعتصم. دخل مصر بعدها في ولاية المطلب بن عبداللَّه الذي ولاه أسوان، وما إن بلغه هجاؤه فيه حتي عزله وهرب إلي بني تغلب في المغرب. کان کثير الأسفار، يخرج فيغيب سنين يدور الدنيا، وقد سافر إلي الري [صفحه 60] والحجاز وخراسان فضلاً عما مرّ، والي دمشق والبصرة وقم. وامتاز في حياته بخصالٍ أربع: تهالکه في حب أهل بيت الرحمة عليهم السلام، ونبوغه في الشعر والأدب والتأريخ وما کتب في ذلک، وروايته للحديث وقد روي عنه، وعلاقته بالخلفاء والخلافة مداً وجزراً، مع ما في ذلک من تندّره بالنکتة والطرفة. اغتيل في الأهواز بأمر مالک بن طوق في قرية من نواحي السوس بعد صلاة العشاء وکان يومها ابن ثمان وتسعين رحمه الله. وله في التمسک بوصية رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بابن عمه عليه السلام قوله: تَجاوبْنَ بالأرنان والزفراتِ يخبِّرن بالانفاس عن سرِّ أنفسٍ حتي يقول: رزايا أرتنا خضرة الأفق حمرةً وما سهلت تلک المذاهب فيهمُ وما قيل أصحاب السقيفة جهرةً ولو قلَّدوا المُوصي إليه أُمورها أخي خاتمِ الرسل المصفّي من القذي فإن جحدوا کان «الغدير» شهيده وآيٌ من القرآن تُتلي بفضله وغرُّ خلال أدرکته بسبقها ويذکر نزول قوله تعالي: «إنَّما وليّکم اللَّه ورسوله والَّذين آمنوا الَّذين يُقيمون الصَّلاة ويُؤتون الزکاة وهم راکعون» فيه بقوله: [صفحه 61] نطق القران بفضل آل محمَّد بولاية المختار من خير الّذي إذ جاءه المسکين حال صلاته فتناول المسکين منه خاتماً فاختصَّه الرَّحمن في تنزيله إنَّ الإله وليّکم ورسوله يکن الإله خصيمه فيها غداً وله يمدح أميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه: سقياً لبيعة أحمد ووصيِّه أعني الذي نصر النبيَّ محمَّداً أعني الذي کشف الکروب ولم يکن أعني الموحِّد قبل کل موحِّد [صفحه 62]
(148 ه- 246 ه)
نوائحُ عجم اللفظ والنطقاتِ
أساري هويً ماضٍ وآخر آتِ
وردّت أجاجاً طعم کلِّ فراتِ
علي الناس إلّا بيعة الفلتاتِ
بدعوي تراتٍ في الضلال نتاتِ
لزمَّت بمأمون عن العثراتِ
ومفترس الأبطال في الغمراتِ
وبدرٌ وأُحدٌ شامخ الهضباتِ
وإيثاره بالقوت في اللّزباتِ
مناقب کانت فيه مؤتنفاتِ
وولايةٍ لعليِّه لم تُجحدِ
بعد النبيِّ الصادق المتودّد
فامتدَّ طوعاً بالذراع وباليدِ
هبة الکريم الأجود بن الأجودِ
مَن حاز مثل فخاره فليعددِ
والمؤمنين فمن يشأ فليجحدِ
واللَّه ليس بمخلف في الموعدِ
أعني الإمامَ وليَّنا المحسودا
قبل البريَّة ناشئاً ووليدا
في الحرب عند لقائه رعديدا
لا عابداً وثناً ولا جلمودا
صفحه 60، 61، 62.