السيد الحميري
أبوهاشم إسماعيل بن محمد بن يزيد بن وداع الحميري الملقّب بالسيد، شاعرٌ معروف يقال: إن أبويه کانا إباضيّين (بکسر الهمزة)، ولما سئل عن کيفيّة تشيّعه، قال: غاصت عليَّ الرحمة فاستنقذتني. وکان علماء الشيعة يکبرونه ويجلّونه، وکان تلقي إليه وسادة في مسجد الکوفة. کل ذلک تأسّياً بالأئمة الأطهار عليهم السلام وموالاة لأوليائهم، فقد أزلفه الإمام الصادق عليه السلام وأراه من دلائل الإمامة ما حفظ له المجد والکرامة، کحديث انقلاب الخمر لبناً، وحديث القبر، وحديث إطلاق لسانه عند مرضه، وغيره. وکان قد ولد في عمان سنة 105 ه 723 م. وکان الصادق عليه السلام يستمع شعره في الحسين عليه السلام فيبکي حتي يُسمع البکاء من داخل البيت. وقد اهتدي مخالف حينما رأي في المنام رجلاً ينشد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله و سلم قصيدة السيد التي مطلعها: أجدَّ بآل فاطمة البکورُ وکان ثالث ثلاثة اشتهروا بکثره النظم وإجادته، والآخران هما: بشار وأبوالعتاهية. حتي روي عن القوزي قوله: لو أن شعراً يستحق ألّا ينشد إلا في المساجد لحسنه، لکان هذا. فإنه ما ترک منقبه لأمير المؤمنين عليه السلام إلا نظمها شعراً وأذاعها علي الناس، کما عن ابن المعتزّ في طبقاته- مضموناً- وقد خلع [صفحه 39] عليه أحد أمراء الکوفة خلعةً وأرکبه فرساً فجاء إلي الکناسة وقال: من جاءني بمنقبة لأمير المؤمنين عليه السلام ولم أنظم شعراً فيها فله فرسي وما عندي من مال ومتاع. فجعلوا يعددون له ويذکر لهم نظمه في ما ذکروا حتي حدثه أحدهم بحديث الخفّ وهي منقبة عظيمة فوهبه فرسه وما عنده بعد أن ارتجل شعراً فيها مطلعه: ألا ياقوم للعجب العجاب وکان أول عهده کيسانياً، ثم عرف طريق الحق ببرکة أبي عبداللَّه الصادق عليه السلام في مسألة خطابه عليه السلام لمحمد بن الحنفية رضي الله عنه وشهادته له بالإمامة وأنَّه حجة الدهر والزمان. ادرک رحمه الله عشراً من الخلفاء خمساً منهم من بني أمية وخمساً من بني العباس، فقد عاصر هشام بن عبدالملک الذي ولد السيد في أول خلافته، ووليد بن يزيد، ويزيد بن الوليد، وإبراهيم بن الوليد ومروان بن محمد، والسفاح، والمنصور، والمهدي، والهادي، والرشيد. توفي رحمه الله في الرميلة ببغداد عام 173 ه 789 م. وله في الإمام علي عليه السلام قوله: يا بايع الدين بدنياهُ من أين أبغضتَ عليَّ الوصيْ مَن الّذي أحمدُ في بينهم أقامه من بين أصحابه هذا عليُّ بن أبي طالب فوالِ مَنْ والاهُ ياذا العلا [صفحه 40] وله أيضاً في ذات المعني: هلّا وقفت علي المکان المُعشبِ ويقول فيها: وبخمّ إذ قال الإله بعزمةٍ وانصب أباحسن لقومک إنّه فدعاهُ ثمَّ دعاهُمُ فأقامه جعل الولاية بعده لمهذَّبٍ وله مناقبُ لا تُرام متي يُرِدْ وله يخاطب أباه محمداً ويطلب منه الکف عن سبّ الامام علي عليه السلام قوله: خَفْ يا محمَّد فالق الإصباحِ أتسبُّ صنو محمّد ووصيّه؟ أوصي النبيُّ له بخير وصيّةٍ مَن کنت مولاهُ فهذا واعلموا قاضي الديون ومرشدٌ لکُمُ کما وله أيضاً في ذکر تنصيب أميرالمؤمنين عليه السلام: قد أطلتم في العذل والتنقيدِ يقول فيها: يوم قام النبيُّ في ظلِّ دَوحٍ رافعاً کفَّه بيمني يديه أيّها المسلمون هذا خليلي [صفحه 41] وابن عمّي ألا فمن کنت مولا وعليٌّ منّي بمنزل هارو وله في هذا المعني: أجدّ بآل فاطمة البکورُ ويقول فيها: لقد سمعوا مقالته بخمٍّ فمن أولي بکم منکم فقالوا جميعاً: أنت مولانا وأولي فإنَّ وليّکم بعدي عليٌّ وزيري في الحياة وعند موتي فوالي اللَّه من والاه منکم وعادي اللَّه من عاداه منکم وله في المعني نفسه: ألا الْحمد للَّهِ حمداً کثيراً ويقول فيها: لذلک ما اختاره ربّه فقام بخمّ بحيث «الغدير» وقمَّ له الدوح ثمَّ ارتقي ونادي ضحيً باجتماع الحجيج فقال وفي کفِّه حيدرٌ [صفحه 42] ألا إنّ من أنا موليً له فهل أنا بلّغت؟ قالوا: نعم يبلّغ حاضرکم غائباً فقوموا بأمر مليک السما فقال: إلهيَ وال الوليّ وکن خاذلاً للأُلي يخذلون أُحبّک يا ثاني المصطفي وله أيضاً: قف بالديار وحيِّهنَّ ديارا قل للذي عادي وصيَّ محمَّد مَن خاصفٌ نعل النبيِّ محمّد فيقول فيه معلناً خير الوري هذا وصيّي فيکمُ وخليفتي وله بيوم «الدَّوح» أعظم خطبة وله في منقبة الطائر المشوي قوله: لَمّا أتي بالخبر الأنبلِ في خبرٍ جاء أبانٌ به وله في الغدير أيضا قوله: لأمِّ عمرو باللِّوي مربعُ حتي يقول: ثمَّ أتته بعد ذا عزمةٌ [صفحه 43] بلّغ وإلّا لم تکن مُبْلغاً فعندها قام النبيُّ الّذي يخطب مأموراً وفي کفِّه رافعها أکرمْ بکفِّ الّذي يقول والأملاک من حوله مَن کنت مولاه فهذا له حتّي إذا واروه في لحده ما قال بالأمس وأوصي به ومن غديريّاته: هبَّ عليَّ بالملام والعذلْ کفّ عن الشرِّ فقلت: لا تقل إنّي أحبُّ حيدراً مُناصحاً أحبُّ مَن آمن باللَّه ولم ومن غدا نفس الرسول المصطفي وثانيَ النبيِّ في يوم الکسا حتّي إذا صار بخمٍّ جاءه وقُمَّ ذاک الدوح فاستوي علي وقال: هذا فيکُم خليفتي نحن کهاتين وأوما باصبعٍ لا تبتغوا بالطهرِ عنهُ بدلاً ثمَّ أدار کفَّه لکفّه [صفحه 44] فقال: بايعوا له وسلّموا ألست مولاکم؟ فذا موليً لکم يا ربِّ وال مَن يوالي حيدراً وله في ذات المورد قوله: أعلماني أيَّ برهان جلي بعد ما قام خطيباً معلناً أحمد الخير ونادي جاهراً قال: إنَّ اللَّه قد أخبرني إنَّه أکمل ديناً قيّماً وهو مولاکم فويلٌ للّذي وهو سيفي ولساني ويدي وهو صنوي وصفيّي والّذي نوره نوري ونوري نوره وهو فيکم من مقامي بدلٌ قوله قولي فمن يأمره إنَّما مولاکُمُ بعدي إذا إبن عمّي ووصيّي وأخي وهو بابٌ لعلومي فَسُقوا وله في نفس المورد قوله: أشهد باللَّه وآلائِه أنَّ عليَّ بن أبي طالب [صفحه 45] وإنَّه قد کان من أحمد لکن وصيٌّ خازنٌ عنده قد قام يوم «الدوح» خير الوري وقال: مَن قد کنت موليً له وله لاميّةٌ اخري معروفة مطلعها: اقسم باللَّه وآلائهِ وله أيضاً: قام النبيُّ يوم خمٍّ خاطباً فقال: من کنت له موليً فذا قالوا: سمعنا وأطعنا کلّنا وله أيضاً: لمن طللٌ کالوشم لم يتکلّم حتي يقول: عليٌّ وصيُّ المصطفي وابن عمِّه عليٌّ هو الهادي الإمام الّذي به عليٌّ وليُّ الحوض والذائد الذي عليٌّ قسيم النار من قوله لها: فإنّک تلقاه لدي الحوض قائماً يُجيزان مَن والاهما في حياته عليٌّ أميرالمؤمنين وصيّه وزوجته صدّيقةٌ لم يکن لها [صفحه 46] وکان کهارون بن عمران عنده وأوجب يوماً بالغدير ولاءه لدي دوح «خمّ» آخذاً بيمينه وله أيضاً قوله: ألا إنّ الوصيَّة دون شکّ وقال محمَّدٌ بغدير خمٍّ ألا من کنت مولاه فهذا وله أيضاً قوله: نفسي فداء رسول اللَّه يوم أتي إن لم تُبلّغ فما بلّغت فانتصب ال وقال للناس: مَن مولاکُمُ قبلاً هذا وليّکُم بعدي أمرت به هذا له قربةٌ منّي ومنزلةٌ وأيضاً يقول في المقام نفسه: أتي جبرئيلٌ والنبيّ بضحوة وبلّغ وإلّا لم تُبلّغ رسالة وقال: ألا من کنت مولاه منکُمُ وأيضاً قوله: به وصّي النبيُّ غداة «خُمّ» وناداهم: ألستُ لکم بموليً؟ [صفحه 47] فقالوا: أنت مولانا وأولي وقال لهم بصوت جهوريّ فمن أنا کنت مولاهُ فإنّي فعادي اللَّه من عاداه منکم له شهد الکتابُ الا تخروا بتطهيرٍ أماط الرجس عنه وقام محمَّدٌ بغدير خمّ ألا مَن کنت مولاه فهذا إلهي عاد من عادي عليّاً وله في منقبة الخفّ قوله: ألا يا قوم للعجب العجابِ عدوٌّ من عُداة الجنِّ وغدٌ أتي خفّاً له وانساب فيه لينهش خير من رکب المطايا فخرَّ من السماء له عقابٌ فطار به فحلّق ثمّ أهوي فصکَّ بخفِّه وانساب منه ودوفع عن أبي حسن عليٍّ وقال أبوسعيد محَّمد بن رشيد الهروي: إنَّ السيِّد إسودَّ وجهه عند الموت، فقال: هکذا يُفعل بأوليائکم يا أميرالمؤمنين؟ قال: فابيضَّ وجهه کأنَّه [صفحه 48] القمر ليلة البدر فأنشأ يقول: أُحبُّ الذي من مات من أهل ودِّه ومن مات يهوي غيره من عدوّه أباحسن أفديک نفسي وأُسرتي أباحسن إنّي بفضلک عارفٌ وأنت وصيّ المصطفي وابن عمِّه ولاحٍ لحاني في عليٍّ وحزبه مواليک ناجٍ مؤمنٌ بيِّن الهدي وقال الحسين بن عونة: دخلت علي السيِّد الحميري عائداً في علّته التي مات فيها فوجدته يُساق به، ووجدت عنده جماعةً من جيرانه وکانوا عثمانيَّة، وکان السيِّد جميل الصورة رحيب الجبهة عريض ما بين السالفتين فبدت في وجهه نکتة سودآء مثل النقطة من المداد ثمَّ لم تزل تزيد وتنمو حتّي طبقت وجهه يعني اسوداداً؛ فاغتمَّ لذلک مَن حضره من الشيعة وظهر من الناصبة سرورٌ وشماتةٌ. فلم يلبث بذلک إلّا قليلاً حتّي بدت في ذلک المکان من وجهه لمعة بيضاء فلم تزل تزيد بياضاً وتنمو حتّي اسفر وجهه وأشرق، وافترّ ثغر السيِّد ضاحکاً وأنشأ يقول: کذب الزاعمون: أنَّ عليّاً قد وربّي دخلت جنَّة عدن فابشروا اليوم أولياء عليّ ثمَّ من بعده تولّوا بنيه ثمَّ أتبع قوله هذا: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه حقّاً حقّاً، وأشهد أنَّ محمَّداً [صفحه 49] رسول اللَّه حقّاً حقّاً، وأشهد انَّ عليّاً أميرالمؤمنين حقّاً حقّاً. أشهد أن لا إله إلّا اللَّه. ثمَّ غمَّض عينيه لنفسه فکأنّما کانت روحه ذبالة طُفِئت أو حصاة سقطت. وله في ذکر حديث العشيرة قوله: بأبي أنت وأمّي وفدتک النفس منّي وأمين اللَّه والوا ووصيَّ المصطفي أح ووليَّ الحوض والذا أنت أولي الناس بالنا کنت في الدنيا أخاه بين عمّ وابن عمّ فورثت العلم منه طبت کهلاً وغلاماً ولدي الميثاق طيبا کنت مأموناً وجيهاً في حجاب النور حيّاً وله، ويذکر فيها بعض فضائله قوله: من فضله أنَّه قد کان أوَّل من سنين سبعاً وأيّاماً محرَّمة [صفحه 50] ويوم قال له جبريل: قد علموا فقام يدعوهُم من دون أُمَّته فقال: يا قوم إنَّ اللَّه أرسلني فأيُکم يجتبي قولي ويُؤمن بي فقال: تبّاً أتدعونا لتلفتنا مَن الذي قال منهم وهو أحدثهم آمنت باللَّه قد أعطيت نافلة وإنَّ ما قلتَه حقٌّ؟! وإنَّهُم ففاز قدماً بها واللَّه أکرمه وقوله من قصيدة لم توجد بتمامها: عليٌّ عليه رُدَّت الشمس مرَّة ورُدَّت له الأخري ببابل بعدما وقيل له: أنذر عشيرتک الأُلي وقد جئتکم من عند ربّ مهيمن ففاز بها منهم عليٌّ وسادهم وله أيضاً عن حديث العشيرة منها: وأحجمت کلّها عن فيض رحمته إلّا العليّ فنادي دونها: فأنا نادي أن اجلس ثلاثاً وهويعرض دع حتي إذا بات مأيوساً ومنزعجاً [صفحه 51] عنها تولّي إلي حيث العليِّ منوِّ وکان ماسکه من طوق رقبته وقال: هذا أخي ذا وارثي وخلي وقال: فرضٌ عليکم حسن طاعته کذاک حيدرةٌ ماشي النبوّة مذ وشارک المصطفي من يوم أن وضع الأ وله ايضاً قوله: بحقِّ محمّد قولوا بحقٍ أبعد محمّد بأبي وأُمي أليس عليُّ أفضل خلق ربي ولايته هي الإيمان حقّاً وطاعة ربِّنا فيها وفيها عليُّ إمامنا بأبي وأمي إمام هدي أتاه اللَّه علماً ولو أني قتلت النفس حبّاً يحل النار قومٌ أبغضوه ولا واللَّه ما ترکوا صلاة أميرالمؤمنين بک اعتمادي برئت من الذي عادي عليّاً [صفحه 52] وله أيضاً: وخص رجالاً من قريش بأن بَني فقيل له اسدد کل باب فتحته لهم کل باب اشرعوا دون بابه وله أيضاً: وأسکنه في مسجد الطهر وحده فجاوره فيه الوصي و غيره فقال لهم سدّوا عن اللَّه صادقاً وله ايضاً: وخبر المسجد إذ خصّه إن جنُباً کان وإن طاهراً وأخرج الباقين منه معاً [صفحه 53]
(105 ه- 173 ه)
لخفّ أبي الحسين وللحبابِ
ليس بهذا أمر اللَّه
وأحمدٌ قد کان يرضاه
يوم «غدير الخمِّ» ناداه؟
وهم حواليه فسمّاه
مولي لمن قد کنت مولاه
وعادِ مَن قد کان عاداه
بين الطويلع فاللوي من کبکبِ
قم يا محمّد في البريّة فاخطب
هادٍ وما بلّغت إن لم تَنصب
لهُمُ فبين مصدِّق ومکذِّب
ما کان يجعلها لغير مهذَّب
ساعٍ تناول عضها بتذبذب
وأزِلْ فساد الدين بالإصلاحِ
ترجو بذاک الفوز بالإنجاحِ
يوم «الغدير» بأبين الإفصاحِ
مولاهُ قول إشاعة وصراحِ
قد کنت أرشد من هدي وفلاحِ
بهوي السيِّد الإمام السديدِ
والوري في وديقة صيخودِ
بائحاً باسمه بصوت مديدِ
ووزيري ووارثي وعقيدي
ه فهذا مولاه فارعوا عهودي
ن بن عمران من أخيه الودودِ
فدمع العين منهلُّ غزيرُ
غداة يضمّهم وهو الغديرُ
مقالة واحدٍ وهم الکثيرُ
بنا منّا وأنت لنا نذيرُ
ومولاکم هو الهادي الوزيرُ
ومن بعدي الخليفة والأميرُ
وقابله لدي الموت السرورُ
وحلَّ به لدي الموت النشورُ
وليِّ المحامد ربّاً غفورا
لخير الأنام وصيّاً ظهيرا
وحطَّ الرحال وعافَ المسيرا
علي منبر کان رحلاً وکورا
فجاءوا إليه صغيراً کبيرا
يُليح إليه مُبيناً مُشيرا
فمولاه هذا قضاً لن يجورا
فقال: اشهدوا غُيَّباً أو حضورا
وأُشهد ربِّي السميع البصيرا
يبايعْه کلٌّ عليه أميرا
وعاد العدوّ له والکفورا
وکن للأُلي ينصرون نصيرا
ومن أشهد الناس فيک الغديرا
واسقِ الرسوم المدمعَ المدرارا
وأبان لي عن لفظه إنکارا
يُرضي بذاک الواحد الغفّارا
جهراً وما ناجي به إسرارا
لا تجهلوه فترجعوا کفّارا
أدّي بها وحي الإله جهارا
في طائر أهدي إلي المرسلِ
عن أنسٍ في الزمن الأوَّلِ
طامسةٌ أعلامها بلقعُ
من ربِّه ليس لها مدفعُ
واللَّه منهم عاصمٌ يمنعُ
کان بما يؤمر به يصدعُ
کفُّ عليٍّ ظاهرٌ تلمعُ
يرفع والکفُّ الّتي ترفعُ
واللَّه فيهم شاهدٌ يسمعُ
موليً فلم يرضوا ولم يقنعوا
وانصرفوا عن دفنه ضيَّعوا
واشتروا الضرَّ بما ينفعُ
وقال: کم تذکر بالشعر الأوَلْ؟!
ولا تخَلْ أکفُّ عن خير العملْ
لمن قفا مُواثباً لمن نکلْ
يشرک به طرفة عين في الأزلْ
صلّي عليه اللَّه عند المبتهلْ
إذ طهَّر اللَّه به مَن اشتملْ
جبريلُ بالتبليغ فيهم فنزلْ
رحلٍ ونادي بعليٍّ فارتحلْ
ومَن عليه في الأمور المتَّکلْ
مِن کفِّه عن اصبعٍ لم تنفصلْ
فليس فيکم لعليٍّ مِن بدلْ
يرفعها منه إلي أعلي محلْ
الأمر إليه واسلموا من الزَّللْ
واللَّه شاهدٌ بذا عزَّ وجلّ
وعاد من عاداه واخذل منْ خذلْ
فتقولان بتفضيل عليْ؟
يوم «خمّ» باجتماع المحفلِ
بمقال منه لم يفتعلِ
في معاريض الکتاب المنزلِ
بعليٍّ بعد أن لم يکملِ
يتولّي غير مولاه الولي
ونصيري أبداً لم يزلِ
حبّه في الحشر خيرُ العملِ
وهو بي متَّصلٌ لم يفصلِ
ويلَ من بدَّل عهد البدلِ
فليُطعه فيه وليمتثلِ
حان موتي ودنا مُرتحلي
ومجيبي في الرَّعيل الأوَّلِ
ماءَ صبرٍ بنقيع الحنظلِ
والمرء عمّا قاله يُسْألُ
خليفة اللَّه الذي يعدلُ
کمثل هارون ولا مُرسلُ
علمٌ من اللَّه به يعملُ
بوجهه للنَّاس يستقبلُ
فذا له موليً لکم موئلُ
والمرءُ عمّا قال مسؤولُ
بجانب الدوحات أو حيالها
مولاه، ربّي اشهد مراراً قالها
وأسرعوا بالألسن اشتغالها
ونأيٌ وآثارٌ کترقيش معجمِ؟
وأوَّل مَن صلّي ووحَّدَ فاعلمِ
أنار لنا من ديننا کلَّ مظلمِ
يُذبِّب عن أرجائه کلَّ مجرمِ
ذري ذا وهذا فاشربي منه واطعمي
مع المصطفي الهادي النبيِّ المعظَّمِ
إلي الروح والظل الظليل المکمَّمِ
وأشرکه في کلِّ في ءٍ ومغنمِ
مقارنةٌ غير البتولة مريمِ
من المصطفي موسي النجيب المکلّم
علي کلِّ برٍّ من فصيحٍ وأعجمِ
يُنادي مبيناً باسمه لم يُجمجمِ
لخير الخلق من سامٍ وحامِ
عن الرَّحمن ينطق باعتزامِ
أخي مولاه فاستمعوا کلامي
جبريل يأمر بالتبليغ إعلانا
-نبيُّ ممتثلاً أمراً لمن دانا
يوم الغدير؟ فقالوا: أنت مولانا
حتماً فکونوا له حزباً وأعوانا
کانت لهارون من موسي بن عمرانا
فقال: أقم والناس في الوخد تمحنُ
فحطَّ وحطَّ الناس ثَمَّ ووطَّنوا
فمولاه من بعدي عليٌّ فأذعنوا
جميع الناس لو حفظوا النَّبيا
عباد اللَّه فاستمعوا إليا
بنا منّا فضمَّ له عليا
وأسمع صوته من کان حيا
جعلت له أباحسنٍ وليا
وکان بمن تولّاه حفيا
علي آياته صماً عميا
وسمي مؤمناً فيها زکيا
فنادي معلناً صوتاً نديا
له مولي وکان به حفيا
وکن لوليِّه ربّي وليا[1] .
لخفِّ أبي الحسين ولِلحُبابِ
بعيدُ في المرادة من صوابِ
لينهش رجله منه بنابِ
أميرالمؤمنين أباترابِ
من العقبان أو شبه العقابِ
به للأرض من دون السحابِ
وولّي هارباً حذر الحصابِ
نقيع سمامه بعد انسيابِ
تلقّاه بالبشري لدي الموت يضحکُ
فليس له إلّا إلي النَّار مسلکُ
ومالي وما أصبحت في الأرض أملکُ
وإنّي بحبل من هواک الممسّکُ
فإنّا نُعادي مبغضيک ونترکُ
فقلت: لحاک اللَّه إنَّک أعفکُ
وقاليک معروف الضَّلالة مشرکُ
لن يُنجّي محبَّه من هناتِ
وعفي لي الإله عن سيّئاتي
وتولّوا عليَّ حتّي المماتِ
واحداً بعد واحد بالصِّفاتِ
يا أمير المؤمنينا
يا إمام المتَّقينا
رث علم الأوَّلينا
-مد خير المرسلينا
ئد عنه المحدثينا
س وخير الناس دينا
يوم يدعو الأقربينا
حوله کانوا عرينا
والکتاب المستبينا
ورضيعاً وجنينا
يوم کان الخلق طينا
عند ذي العرش مکينا
طيِّباً للطاهرينا[2] .
صلّي وآمن بالرَّحمن إذ کفروا
مع النبيِّ علي خوف وماشعروا
أنذر عشيرتک الأدنين إن بصروا
فما تخلّف عنه منهمُ بشرُ
إليکمُ فأجيبوا اللَّه وادّکروا
إنّي نبيُّ رسولٌ فانبري غدِرُ
عن ديننا؟ ثمَّ قام القوم فاشتمروا
سناً وخيرهم في الذکر إذ سطروا
لم يُعطها أحدٌ جنٌّ ولا بشرُ
إن لم يجيبوا فقد خانوا وقد خسروا
وکان سبّاق غايات إذا ابتدروا
بطيبة يوم الوحي بعد مغيبِ
عفت وتدلَّت عينها لغروبِ
وهم من شباب أربعين وشيبِ
جزيل العطايا للجزيل وهوبِ
وما ذاک من عاداته بغريبِ
معْ يُمنِ دعوته فالکلُّ آبيها
نعماک يا هادي الأکوان باغيها
-واهُ علي القوم يبغي مُستجيبيها
من الهواشم مُعياً عن ترضِّيها
هاً به بين ذاک الجمع تنويها
يقول: هذا لها واللَّه يحميها
-فتي علي أمَّتي يحمي مراعيها
بعدي وإمرته ويلٌ لعاصيها
نادي بها المصطفي لبّي مُناديها
ساس حتّي انتهت عليا مبانيها
فإنَّ الأفک من شيّم اللئامِ
رسول اللَّه ذي الشرف الهمام
وأشرف عند تحصيل الأنام
فذرني من أباطيل الکلام
شفاء للقلوب من السقام
أبوالحسن المطهر من حرام
به عرف الحلال من الحرام
له ما کان فيها من أثام
وإنْ صاموا وصلوا ألف عام
بغير ولاية العدل الإمام
وبالغرر الميامين اعتصامي
وحاربه من اولاد الحرام[3] .
لهم حجراً فيه وکان مسدّدا
سوي باب ذي التقوي عليّ فسددا
وقد کان منفوساً عليه محسّدا
وزوجته واللَّه من شاء يرفعُ
وأبوابهم في مسجد الطهر شرَّع
فضنّوا بها عن سدّه وتمنّعوا
مجلّلاً من عرصة الدارِ
في کل اعلانٍ واسرارِ
بالوحي من انزال جبار
صفحه 39، 40، 41، 42، 43، 44، 45، 46، 47، 48، 49، 50، 51، 52، 53.