الکميت بن زيد الأسدي
أبوالمستهل الکميت بن زيد الأسدي، ينتهي نسبه إلي مضر بن نزار بن عدنان، شاعرٌ شهيرٌ حجّة کان من أشعر شعراء الکوفة المقدمين في عصره، عالماً بلغات العرب خبيراً بأيامها. ولد أيام مقتل سيد الشهداء الحسين عليه السلام سنة 59 ه أو 60 ه، وقتل سنة 126 ه في خلافة مروان بن محمد الحمار، ولم يدرک الدولة العباسية. وکان معروفاً بالتشيع لآل البيت عليهم السلام وبني هاشم، مشهوراً بذلک، قال أبوعبيده: لو لم يکن لبني أسد منقبة غير الکميت لکفاهم. وقال أبوعکرمة الضبّي: لولا شعر الکميت لم يکن للغة ترجمان، ولا للبيان لسان. قيل: وکانت بنو أسد تقول: فينا فضيلة ليست في العالم، ليس منزل منا إلّا وفيه برکة وراثة الکميت؛ لأنه رأي النبي صلي الله عليه و آله و سلم في المنام فقال له: أنشدني: طربت وما شوقاً إلي البيض أطرب، فأنشده، فقال له: بورکت وبورک قومک. وقد دعا له الأئمة الأطهار عليهم السلام ومنهم الإمام السجاد عليه السلام والصادق عليه السلام حيث رفع يديه الشريفتين بالدعاء له قائلاً: اللهم اغفر للکميت ما قدم وأخّر، [صفحه 33] وما أسرّ وأعلن، وأعطه حتي يرضي. کان في صغره ذکياً لوذعياً، يقال: إنه وقف وهو صبيّ علي الفرزدق ينشده، فأُعجب به فلما فرغ قال له: أيسرک أني أبوک؟ قال: أما أبي فلا أُريد به بدلاً، ولکن يسرني أن تکون أمي. فحصر الفرزدق، وقال: ما مر بي مثلها. وقد جمع الکميت من علم العرب ومناقبها ومعرفة أنسابها مالم يجمعه أحد، وکانت في الکميت عشر خصال لم تکن في شاعر: کان خطيب بني أسد، وفقيه الشيعة،وحافظ القرآن، وکاتباً حسن الخط، ونسَّابة، وکان جدلياً وهو أول من ناظر في التشيع مجاهراً بذلک، وکان رامياً لم يکن في بني أسد أرمي منه، وکان فارساً، وکان شجاعاً، وکان سخياً ديّناً، ومن فضائله ما روي أنَّ البني صلي الله عليه و آله و سلم نهي دعبلاً في منام رآه أن يذکره بسوء. قال الجاحظ: ما فتح للشيعة الحِجاج إلّا الکميت الأسدي بقوله: فان هي لم تصلحْ لحيٍّ سواهمُ يقولون لم يُورَث ولولا تراثهُ توفي في خلافة مروان بن محمد الحمار سنة 126 ه 743 م وکان السبب في موته،أنه مدح يوسف بن عمر بعد عزل خالد القسري عن العراق، فلما دخل عليه وانشده مديحه معرّضا بخالد القسري وکان الجند علي رأس يوسف متعصبين لخالد فوضعوا سيوفهم في بطنه، فلم يزل ينزف الدم وهو يجود بنفسه ثم فتح عينيه، وقال: اللهم آل محمد. قالها ثلاثاً ومات رحمه الله. وقد بلغ شعره حين مات، خمسة آلاف ومائتين وتسعة وثمانين بيتاً (5289(. وهذه الأبيات من قصيدةٍ له تربو علي المائة بيتٍ، وهي من غرر شعره، [صفحه 34] ومطلعها: مَنْ لِقَلبٍ مُتَيَّمٍ مُستَهامِ طَارِقَاتٍ وَلَا ادِّکَارِ غَوَانٍ بَلْ هَوَايَ الَّذِي أَجُنُّ وأُبْدِي لِلْقَرِيبينَ مِنْ نَدَيً وَالْبَعِيدِي وَالْحُمَاةِ الْکُفَاةِ في الْحَرْبِ إِنْ لَ وَالْغُيُوثِ الَّذِينَ إنْ أَمْحَلَ النَّا رَاجِحِي الوَزْنِ کَامِلي الْعَدْلِ في السِّي وَإِذَا الْحَرْبُ أوْمَضَتْ بِسَنا الْحَرْ فَهُمُ الْأُسْدُ في الْوَغَي لَا اللَّوَاتِي أُسْدُ حَرْبٍ غُيُوثُ جَدْبٍ بَهَالِي فَهُمُ الْأَقْرَبُونَ مِنْ کُلِّ خَيْرٍ بَسَطُوا أَيْدِيَ النَّوَالِ وَکَفُّوا أُسْرَةُ الصّادِقِ الحَدِيثِ أَبِي الْقَا أَبْطِحِيٌّ بِمَکَّةَ اسْتَثْقَبَ اللَّهُ وَإِلَي يَثْرِبَ التَّحَوُّلُ عَنْهَا وَالْوَصِيُّ الَّذي أمَالَ الْتُّجُوبِيُّ کَانَ أَهْلَ الْعَفَافِ وَالَْمجْدِ وَالْخَيْ وَالْوَصِيَّ الوَلِيَّ وَالفَارِسَ المُعْ کَمْ لَهُ ثُمَّ کَمْ لَهُ مِنْ قَتِيلٍ وَخَمِيسٍ يَلُفُّهُ بِخَمِيسٍ [صفحه 35] وَعَمِيدٍ مَتَوَّجٍ حَلَّ عَنْهُ قَتَلُوا يَوْمَ ذَاکَ إذْ قَتَلُوهُ رَاعِياً کانَ مُسْجِحاً فَفَقَدْنَا نَالَنَا فَقْدُهُ وَنَالَ سِوَانَا وَأَشَتَّتْ بِنَا مَصَادِرُ شَتَّي جَرَّدَ الْسَّيْفَ تَارَتَيْنِ مِنَ الدَّهْ فِي مُرِيدِينَ مُخْطِئِينَ هُدَي اللَّ ووصيّ الوصيّ ذي الخطة الفص وَقَتِيلٌ بالطَّفِّ غُودِرَ مِنْهُ قَتَلَ الْأدْعِيَاءُ إذْ قَتَلُوهُ واقتطفنا هذه الأبيات من قصيدته التي بلغت حوالي المِائة وأربعين بيتاً ومطلعها: طَرِبْتُ وَمَا شَوْقاً إِلَي الْبِيضِ أَطْرَبُ وَلَمْ يُلْهِنِي دَارٌ وَلَا رَسْمُ مَنْزِلٍ وَلکِنْ إِلي أَهْلِ الْفَضَائِلِ وَالنُّهَي إِلَي النَّفَرِ البِيضِ الَّذِينَ بِحُبِّهِمْ بَنِي هَاشِمٍ رَهْطِ النَّبِيِّ فَإنَّنِي خَفَضْتُ لَهُمْ مِنِّي جَنَاحَي مَوَدَّةٍ فَمَا سَاءَنِي قَوْلُ امْرِئٍ ذِي عَدَاوةٍ بِأَيِّ کِتَابٍ أمْ بِأَيَّةِ سُنَّةٍ يُشِيرُونَ بِالْأَيْدي إِلَيَّ وَقَوْلُهُمْ [صفحه 36] فَمَا سَاءَنِي تَکْفِيرُ هَاتِيکَ مَنْهُمُ وَقَالُوا تُرَابِيٌّ هَوَاهُ وَرَأْيُهُ وَجَدْنَا لَکُمْ فِي آلِ حَامِيمَ آيَةً حَيَاتُکَ کَانَتْ مَجْدَنَا وَسَنَاءَنَا وَأَنْتَ أَمِينُ اللَّهِ في النَّاسِ کُلِّهِمْ إِذَا شَرعُوا يَوْماً عَلي الْغَيِّ فِتْنَةً رَضُوا بِخِلَافِ الْمُهْتَدِين وَفِيهِمُ قَتِيل التَّجُوبِيِّ الَّذِي اسْتَوْأَرَتْ بِهِ مَحَاسِن مِنْ دُنْيَا وَدِينٍ کَأنَّما فَنِعْمَ طَبِيبُ الدَّاءِ مِنْ أمْرِ أُمَّةٍ وَنِعْمَ وَلِيُّ الْأَمْرِ بَعْدَ وَلِيِّهِ سَقَي جُرَعَ الْمَوْتِ ابْنَ عُثَْمانَ بَعْدَمَا وَشَيْبَةَ قَدْ أَثْوَي بِبَدْرٍ يَنُوشُهُ لَهُ عُوَّدٌ لَا رَأْفَةٌ يَکْتَنِفْنَهُ لَهُ سُتْرَتَا بَسْطٍ فَکَفٌّ بِهَذِهِ وهذه الأبيات من قصيدته العينية ومطلعها: نَفَي عَنْ عَيْنِکَ الْأَرَقُ الهُجُوعَا لِفِقْدَانِ الْخَضَارِمِ مِنْ قُرَيْشٍ لَدي الرَّحْمَنِ يَصْدَعُ بِالْمَثَانِي وَأصْفَاهُ الْنَّبِيُّ عَلي اخْتِيَارٍ [صفحه 37] وَيَوْمَ الدَّوْح دَوْحِ غَدِيرِ خُمِّ وَلَکِنَّ الرِّجَالَ تَبَايَعُوهَا أَضَاعُوا أَمْرَ قَائِدِهِمْ فَضَلُّوا تَنَاسَوْا حَقَّهُ وَبغَوْا عَلَيْهِ وله من قصيدة في الغدير قوله: عليٌّ أميرالمؤمنين وحقه وإنَّ رسول اللَّه أوصي بحقّه وردّم أبواب الذين بني لهم وأوجب يوما بالغدير ولاية [صفحه 38]
(60 ه- 126 ه)
فإنَّ ذوي القربي أحق وأوجبُ
لقد شرکت فيها بکيلٌ وأرحبُ
غَير مَا صَبوةٍ وَلَا أحلامِ
وَاضِحَاتِ الخُدُودِ کَالارآمِ
لِبَنِي هَاشِمٍ فُرُوعِ الأَنامِ
-نَ مِنَ الْجَوْرِ فِي عُرَي الأَحْکام
-فَّ ضِرَامٌ وَقُودَهُ بِضِرَامِ
سُ فَمَأوَي حَوَاضِنِ الأيْتَامِ
-رَةِ طَبِّينَ بالْأُمُورِ العِظَامِ
بِ وَسَارَ الْهُمَامُ نَحْوَ الْهُمَامِ
بَيْنَ خِيْسِ الْعَرِينِ وَالْآجَامِ
-لُ مَقَاوِيلُ غَيْرَ مَا أَفْدَامِ
وَهُمُ الْأَبْعَدُونَ مِنْ کُلِّ ذَامِ
أَيْدِيَ البَغْيِ عَنْهُمُ والعُرَامِ
سِمِ فَرْعِ الْقُدَامِسِ القُدَّامِ
ضِيَاءَ الْعَمَي بِهِ وَالظَّلَامِ
لِمُقَامٍ مِنْ غَيْرِ دَارِ مُقَامِ
بِهِ عَرْشَ أُمَّةٍ لانْهِدَامِ
-رِ وَنَقْضِ الْأُمُورِ وَالْإِبْرَامِ
-لِمَ تَحْتَ الْعَجَاجِ غَيْرَ الْکَهَامِ
وَصَرِيعٍ تَحْتَ الْسَّنَابِکَ دامِي
وَفِئَامٍ حَوَاهُ بَعْدَ فِئَامِ
عِقَدَ التَّاجِ بِالصَّنِيعِ الْحُسَامِ
حَکَماً لَا کَغَابِرِ الْحُکَّامِ
هُ وَفَقْدُ الْمُسِيمِ هَلْکُ الّسَّوَامِ
بِاجْتِدَاعٍ مِنَ الأُنُوفِ اصْطِلاَمِ
بَعْدَ نَهْجِ السَّبِيلِ ذِي الْآرَام
-رِ عَلي حِينَ دِرَّةٍ مِنْ صَرَامِ
-هِ وَمُسْتَقْسِمِينَ بِالْأَزْلَامِ
-لِ ومردي الخصوم يوم الخصام
بَيْنَ غَوْغَاءِ أُمَّةٍ وَطَغَامِ
أکْرَمَ الشَّارِبينَ صَوْبَ الْغَمَامِ
وَلاَ لَعِباً مِنِّي وَذُو الشَّيب يَلْعَبُ
وَلَمْ يَتَطَرَّبنِي بَنَانٌ مُخَضَّبُ
وَخَيْرِ بَنِي حَوَّاءَ وَالخَيْرُ يُطْلَبُ
إِلَي اللَّهِ فِيَما نَالَنِي أَتَقَرَّبُ
بِهِمْ وَلَهُمْ أَرْضَي مِرَاراً وَأَغْضَبُ
إِلَي کَنَفٍ عِطْفَاهُ أَهْلٌ وَمَرْحَبُ
بِعَوْرَاءَ فِيهِمْ يَجْتَدِيني فَأجْذَبُ
تَرَي حُبَّهُمْ عَاراً عَلَيَّ وَتَحْسِبُ
أَلا خَابَ هذَا وَالْمُشِيرُونَ أَخْيَبُ
وَلَا عَيْبُ هَاتِيکَ الَّتِي هِيَ أَعْيَبُ
بِذَلِکَ أُدْعَي فِيهِمُ وَأُلقَّبُ
تَأَوَّلَهَا مِنَّا تَقِيٌّ وَمُعْرِبُ
وَمَوْتُکَ جَدْعٌ لِلْعَرَانِين مُوْعِبُ
وَنُعْتِبُ لَوْ کُنَّا عَلَي الْحَقِّ نُعْتَبُ
طَرِيقُهُمْ فِيها عَنِ الْحقِّ أَنْکَبُ
مُخَبَّأَةٌ أُخْرَي تُصَانُ وَتُحْجَبُ
يُسَاقُ بِهِ سَوْقاً عَنِيفاً وَيُجْنَبُ
بِهَا حَلَّقَتْ بِالْأَمْسِ عَنْقَاءُ مُغْرِبُ
تَوَاکَلَهَا ذُو الْطِّبِّ وَالْمُتَطَبِّبُ
وَمُنتَجَعُ الْتَّقْوَي وَنِعْمَ الْمُؤَدِّبُ
تَعَاوَرَهَا مِنْهُ وَلِيدٌ وَمَرْحَبُ
غُدَافٌ مِنَ الْشُّهْبِ الْقَشَاعِم أَهْدَبُ
وَلاَ شَفَقاً مِنْها خَوَامِعُ تَعْتِبُ
يَکُفُّ وَبِالأُخْرَي الْعَوَالِي تَخَضَّبُ
وَهَمٌّ يَمْتَرِي مِنْهَا الدُّمُوعَا
وَخَيْرِ الْشَّافِعِينَ مَعاً شَفِيعا
وَکَانَ لَهُ أَبُو حَسَنٍ قَرِيعَا
بِمَا أعْيي الرَّفُوضَ لَهُ الْمُذِيعَا
أبَانَ لَهُ الْوِلَايَةَ لَوْ أُطِيعَا
فَلَمْ أَرَ مِثْلَهَا خَطَراً مَبِيعاً
وَأَقْوَمِهِمْ لَدَي الْحَدَثَانِ ريعَا
بِلاَ تِرَةٍ وَکَانَ لَهُمْ قَرِيعَا
من اللَّه مفروضٌ علي کل مسلمِ
وأشرکه في کلّ حقّ مقسّمِ
بيوتاً سوي أبوابه لم يردّمِ
علي کل برٍّ من فصيح وأعجمِ
صفحه 33، 34، 35، 36، 37، 38.