العبدي الكوفي











العبدي الکوفي



(42 ه- 115 ه)

أبومحمد سفيان بن مصعب العبدي الکوفي، شاعر معروف أحد من نظم في أئمة أهل بيت الرحمة عليهم السلام، وأحد المعلنين ولاءهم لهم عليهم السلام. طالما ما استنشده الصادق عليه السلام شعره، وکان عليه السلام يبکي إذا ما مرّ علي ذکر فاجعة السبط الشهيد، سيد شباب أهل الجنة عليه السلام.

وکان الشيخ رضي الله عنه يُعدّه من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام، حتي أن الإمام عليه السلام أمر بتعليم شعره لأبناء شيعته، وعلّله عليه السلام: أنه علي دين اللَّه. وقد أمره الإمام عليه السلام بنظم ما تنوح به النساء في مآتم الحسين عليه السلام. وکان ينظم مناقب العترة عليهم السلام شعرا بعد أخذها من الإمام عليه السلام ثم يعرضها عليه.

وقد قال السيد الحميري بعد واقعة وقعت له مع شاعرنا: أنا أشعر الناس إلا العبدي.

شعره يعجّ بذکر أهل البيت عليهم السلام، وقد شرفَ بذکرهم بعد أن ملأت صفحاته مناقبهم وکراماتهم علي اللَّه.

تنويه:

ومما يجدر بنا ذکره: أن أحد شعراء الشيعة؛ کان ممن شارک شاعرنا کنية، ولقباً وبيئة ونشأة ومذهبا، وذلک يوقع في کثير من اللبس بينهما والاشتباه، وشبيهه هو يحيي بن بلال، أبومحمد العبدي الکوفي الشيعي. وقد وقع الخلط من کثير من الأدباء بينهما. ولما لم يجدوا للأخير ترجمة سکت عنه

[صفحه 30]

الأولون ولم يتعرضوا لتعريفه.

ولشاعرنا المترجَم في حديث الغدير قوله:


هل في سؤالک رسم المنزل الخربِ
برءٌ لقلبک من داء الهوي الوصبِ؟!


حتي يقول:


وکان أوَّل من أوصي ببيعته
لک النبيُّ ولکن حال من کثبِ


حتّي إذا ثالثٌ منهم تقمّصها
وقد تبدَّل منها الجدُّ باللعبِ


عادت کما بدئت شوهاء جاهلة
تجرُّ فيها ذئابٌ أکلة الغلبِ


وکان عنها لهم في «خمّ» مزدجرٌ
لَمّا رقي أحمد الهادي علي قتَبِ


وقال والناس من دانٍ إليه ومن
ثاوٍ لديه ومن مُصغٍ ومُرتقبِ


قم يا عليُّ فإنّي قد أُمرت بأن
أبلّغ الناس والتبليغ أجدر بي


إنّي نصبت عليّاً هادياً علماً
بعدي وإنَّ عليّاً خير منتصبِ


فبايعوک وکلٌّ باسطٌ يده
إليک من فوق قلب عنک منقلبِ


عافوک لا مانعٌ طولاً ولا حصرٌ
قوع ولا لهج بالغش والريبِ


وکنت قطب رحي الإسلام دونهم
ولا تدور رحيً إلّا علي قطبِ


ولا تُماثلهم في الفضل مرتبةً
ولا تُشابههم في البيت والنسبِ


إن تلحظ القرن والعسال في يده
يظلّ مضطرباً في کفِّ مضطربِ


وإن هززت قناةً ظلت توردها
وريد ممتنع في الرَّوع مُجتنبِ


ولا تسلّ حساماً يوم ملحمة
إلّا وتحجبه في راس مُحتجبِ


کيوم خيبر إذ لم يمتنع زفرٌ
عن اليهود بغير الفرِّ والهربِ


فأغضب المصطفي إذ جرَّ رايته
علي الثري ناکصاً يهوي علي العقبِ

[صفحه 31]

فقال: إنّي سأُعطيها غداً لفتيً
يحبّه اللَّه والمبعوث منتجبِ


حتّي غدوت بها جذلان تحملها
تلقاه أرعن من جمع العدي لجبِ


لک المناقب يعيي الحاسبون بها
عدّاً ويعجز عنها کلُّ مُکتتبِ


کرجعة الشمس إذ رمت الصَّلاة وقد
راحت تواري عن الأبصار بالحجبِ


رُدَّت عليک کأنَّ الشهب مااتَّضحت
لناظرٍ وکأنَّ الشمس لم تغبِ


وفي براءة أنباء عجائبها
لم تطو عن نازح يوماً ومُقتربِ


وليلة الغار لَمّا بتَّ ممتلئاً
أمناً وغيرک ملآنٌ من الرعبِ


ما أنت إلّا أخو الهادي وناصره
ومظهر الحقِّ والمنعوت في الکتبِ


ومن نماذج شعره:


وقد روي عکرمةٌ في خبر
ما شکَّ فيه أحدٌ ولا امتري


مرَّ ابن عبّاس علي قوم وقد
سبّوا عليّاً فاستراع وبکي


وقال مغتاظاً لهم: أيّکُم
سبَّ إله الخلق جلَّ وعلا؟!


قالوا: معاذ اللَّه قال: أيّکمْ
سبّ رسول اللَّه ظلماً واجترا؟!


قالوا: معاذ اللَّه قال: أيّکمْ
سبّ عليّاً خير من وطي الحصا؟!


قالوا: نعم قد کان ذا فقال: قد
سمعت واللَّه النبيَّ المجتبي


يقول: من سبَّ عليّاً سبَّني
وسُبَّتي سبُّ الإله واکتفي


محمَّدٌ وصنوه وابنته
وابناه خير من تحفّي واحتذي


ومن شعر العبديِّ يمدح أميرالمؤمنين عليه السلام:


وعلّمک الَّذي علم البرايا
وألهمک الَّذي لا يعلمونا


فزادک في الوري شرفاً وعزّاً
ومجداً فوق وصف الواصفينا


لقد اُعطيتَ مالم يُعط خلقٌ
هنيئاً يا أمير المؤمنينا


إليک اشتاقت الأملاک حتّي
تحنَّت من تشوُّقها حنينا


هناک بري لها الرَّحمن شخصاً
کشبهک لا يُغادره يقينا

[صفحه 32]


صفحه 30، 31، 32.