العبدي الکوفي
أبومحمد سفيان بن مصعب العبدي الکوفي، شاعر معروف أحد من نظم في أئمة أهل بيت الرحمة عليهم السلام، وأحد المعلنين ولاءهم لهم عليهم السلام. طالما ما استنشده الصادق عليه السلام شعره، وکان عليه السلام يبکي إذا ما مرّ علي ذکر فاجعة السبط الشهيد، سيد شباب أهل الجنة عليه السلام. وکان الشيخ رضي الله عنه يُعدّه من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام، حتي أن الإمام عليه السلام أمر بتعليم شعره لأبناء شيعته، وعلّله عليه السلام: أنه علي دين اللَّه. وقد أمره الإمام عليه السلام بنظم ما تنوح به النساء في مآتم الحسين عليه السلام. وکان ينظم مناقب العترة عليهم السلام شعرا بعد أخذها من الإمام عليه السلام ثم يعرضها عليه. وقد قال السيد الحميري بعد واقعة وقعت له مع شاعرنا: أنا أشعر الناس إلا العبدي. شعره يعجّ بذکر أهل البيت عليهم السلام، وقد شرفَ بذکرهم بعد أن ملأت صفحاته مناقبهم وکراماتهم علي اللَّه. تنويه: ومما يجدر بنا ذکره: أن أحد شعراء الشيعة؛ کان ممن شارک شاعرنا کنية، ولقباً وبيئة ونشأة ومذهبا، وذلک يوقع في کثير من اللبس بينهما والاشتباه، وشبيهه هو يحيي بن بلال، أبومحمد العبدي الکوفي الشيعي. وقد وقع الخلط من کثير من الأدباء بينهما. ولما لم يجدوا للأخير ترجمة سکت عنه [صفحه 30] الأولون ولم يتعرضوا لتعريفه. ولشاعرنا المترجَم في حديث الغدير قوله: هل في سؤالک رسم المنزل الخربِ حتي يقول: وکان أوَّل من أوصي ببيعته حتّي إذا ثالثٌ منهم تقمّصها عادت کما بدئت شوهاء جاهلة وکان عنها لهم في «خمّ» مزدجرٌ وقال والناس من دانٍ إليه ومن قم يا عليُّ فإنّي قد أُمرت بأن إنّي نصبت عليّاً هادياً علماً فبايعوک وکلٌّ باسطٌ يده عافوک لا مانعٌ طولاً ولا حصرٌ وکنت قطب رحي الإسلام دونهم ولا تُماثلهم في الفضل مرتبةً إن تلحظ القرن والعسال في يده وإن هززت قناةً ظلت توردها ولا تسلّ حساماً يوم ملحمة کيوم خيبر إذ لم يمتنع زفرٌ فأغضب المصطفي إذ جرَّ رايته [صفحه 31] فقال: إنّي سأُعطيها غداً لفتيً حتّي غدوت بها جذلان تحملها لک المناقب يعيي الحاسبون بها کرجعة الشمس إذ رمت الصَّلاة وقد رُدَّت عليک کأنَّ الشهب مااتَّضحت وفي براءة أنباء عجائبها وليلة الغار لَمّا بتَّ ممتلئاً ما أنت إلّا أخو الهادي وناصره ومن نماذج شعره: وقد روي عکرمةٌ في خبر مرَّ ابن عبّاس علي قوم وقد وقال مغتاظاً لهم: أيّکُم قالوا: معاذ اللَّه قال: أيّکمْ قالوا: معاذ اللَّه قال: أيّکمْ قالوا: نعم قد کان ذا فقال: قد يقول: من سبَّ عليّاً سبَّني محمَّدٌ وصنوه وابنته ومن شعر العبديِّ يمدح أميرالمؤمنين عليه السلام: وعلّمک الَّذي علم البرايا فزادک في الوري شرفاً وعزّاً لقد اُعطيتَ مالم يُعط خلقٌ إليک اشتاقت الأملاک حتّي هناک بري لها الرَّحمن شخصاً [صفحه 32]
(42 ه- 115 ه)
برءٌ لقلبک من داء الهوي الوصبِ؟!
لک النبيُّ ولکن حال من کثبِ
وقد تبدَّل منها الجدُّ باللعبِ
تجرُّ فيها ذئابٌ أکلة الغلبِ
لَمّا رقي أحمد الهادي علي قتَبِ
ثاوٍ لديه ومن مُصغٍ ومُرتقبِ
أبلّغ الناس والتبليغ أجدر بي
بعدي وإنَّ عليّاً خير منتصبِ
إليک من فوق قلب عنک منقلبِ
قوع ولا لهج بالغش والريبِ
ولا تدور رحيً إلّا علي قطبِ
ولا تُشابههم في البيت والنسبِ
يظلّ مضطرباً في کفِّ مضطربِ
وريد ممتنع في الرَّوع مُجتنبِ
إلّا وتحجبه في راس مُحتجبِ
عن اليهود بغير الفرِّ والهربِ
علي الثري ناکصاً يهوي علي العقبِ
يحبّه اللَّه والمبعوث منتجبِ
تلقاه أرعن من جمع العدي لجبِ
عدّاً ويعجز عنها کلُّ مُکتتبِ
راحت تواري عن الأبصار بالحجبِ
لناظرٍ وکأنَّ الشمس لم تغبِ
لم تطو عن نازح يوماً ومُقتربِ
أمناً وغيرک ملآنٌ من الرعبِ
ومظهر الحقِّ والمنعوت في الکتبِ
ما شکَّ فيه أحدٌ ولا امتري
سبّوا عليّاً فاستراع وبکي
سبَّ إله الخلق جلَّ وعلا؟!
سبّ رسول اللَّه ظلماً واجترا؟!
سبّ عليّاً خير من وطي الحصا؟!
سمعت واللَّه النبيَّ المجتبي
وسُبَّتي سبُّ الإله واکتفي
وابناه خير من تحفّي واحتذي
وألهمک الَّذي لا يعلمونا
ومجداً فوق وصف الواصفينا
هنيئاً يا أمير المؤمنينا
تحنَّت من تشوُّقها حنينا
کشبهک لا يُغادره يقينا
صفحه 30، 31، 32.