كاظم الأزري البغدادي











کاظم الأزري البغدادي



(1143 ه- 1212 ه)

الشيخ کاظم ابن الحاج محمد ابن الحاج مراد التميمي البغدادي، شاعر معروف واديب فاضل.

ولد في بغداد سنة 1143 ه 1730 م وتوفي سنة 1212 ه 1797 م.

غير أن الحجر الذي وجد داخل السرداب في داره يدل علي أن تاريخ وفاته سنة 1201 ه، درس العلوم العربية ومقداراً من الفقه والأصول علي فضلاء عصره، لکنه انقطع عن الدرس لولعه بالأدب وقد نظم الشعر لما بلغ العشرين. وقد درس الفلسفة وعرف دقائقها علي حدّ قول العلامة المظفر ثم يستشهد علي ذلک بأبياته التي يقول فيها مادحاً النبي الأکرم صلي الله عليه و آله:


هو طاووس روضة الملک بل نا
موسها الأکبر الذي يرعاها


وهو الجوهر المجرد منه
کل نفس مليکها زکاها


لم تکن هذه العناصر إلّا
من هيولاه حيث کان أباها


وکان علي اتصال بالوالي سليمان باشا الکبير وببعض البيوتات العالية والشخصيات المعروفة.

وقال مادحاً أميرالمؤمنين عليّاً عليه السلام وطالباً شفاعته إلي اللَّه عز وجل في دفع الوباء الذي حل ببغداد، من قصيدة مطلعها:


جَللٌ عرا فارتاع کلُّ فؤادِ
فمن المجيرُ من الزمان العادي

[صفحه 355]

حتي قال:


أين المفرُّ وللمنايا غارةٌ
ثارت عجاجتُها بکلِّ بلادِ


هُنَّ الرَّواجف لا يُقيم قناتَها
إلَّا الوليُّ أخو النبيِّ الهادي


المنقعُ الأيام من غُلل الأسي
بروائحٍ من غوثه وغوادي


والمجتلي کرب العُفاة بنائلٍ
مسح القذي عن طرف کلِّ (هواد)


والکاشفُ الجلل الأحمّ بمعوزٍ
شمسَ الضحي منه إلي استمدادِ


کهفُ الطريدة من مجامع روعها
أمنُ المسالم خوفُ کلِّ مُعادِ


المثقبُ الزَّندين يوم سماحة
يُحيي بها ويُميت يوم جلادِ


طلَّاع کلِّ ثنيَّة من حکمةٍ
يفترُّ عنها ثغرُ کلِّ رشادِ


حامي حمي الثَّقلين أنت وليُّها
في حالَيِ الإشقاءِ والإسعادِ


إن کنت ترضي أن يطولَ وبالُها
فرضاک نعم الرَّوض للمرتادِ


نزلت بک الآمالُ وهي مُطاشةٌ
فأفِضْ عليها منک فيض سدادِ


تشکو إليک قطيعةَ الزَّمن الذي
جعل القيود قلائد الأجيادِ


أمن المروءَة ترکُ مثلِک مثلَهم
متفرِّقين تفرُّق الأضدادِ


يا محيي الأموات ها مَلَکُ الرَّدي
وافي يجرُّ مساحبَ الأجنادِ


لو شامَ منک وميض لاراضٍ بها
لأتاک يحجلُ في قيود قيادِ


أولست داحي بابِها ومزلزلاً
من کلّ أرضٍ أعظم الأطوادِ


أولست رائع جنِّها ومبيدَها
بشهاب کوکب عزمک الوقَّادِ


أولست معطي کلِّ نفسٍ أمْنها
يوم القيامة من أذي الميعادِ


أولست ساقيها غداً من کوثرٍ
والماءُ ممتنعٌ علي الورَّادِ

[صفحه 356]

يامن شذاه يقي النُّفوس من الأذي
ويخلِّد الأرواح في الأجسادِ


حسب المؤمِّل منک أنَّک منقذٌ
ما کان بين نواجذ الآسادِ


ولئن وهبتَ لها الحياة فربَّما
فجَّرت بالأمواه قلبَ جمادِ


وله من قصيدةٍ في مدح أميرالمؤمنين علي عليه السلام والأصل لأبي الحسن التهامي:


وذي مرقد شمسُ العُلي کقبابهِ
وجبهةُ دار الملک دون تُرابهِ


ألم تره مع عظم وسع رحابهِ
تَزاحمُ تيجانُ الملوک ببابهِ


ويکثر عند الإستلام ازدحامُها

بباطنه آياتُ وحيٍّ تنزَّلت
ورسلٌ وأملاکٌ به قد توسَّلت


لذاک سلاطينٌ لديه تذلَّلت
إذا ما رأته من بعيدٍ ترجَّلت


وإن هيَ لم تفعل ترجَّل هامها

وهذه مقتطفات من قصيدته البالغة الف بيت وقد أکلت الأرضة منها أکثر من أربعمائة بيت؛ بعد ان احتفظ بها صاحبها في طومار ولم يبق منها إلّا 578 بيتاً نأخذ منها محل الحاجة:


أسد اللَّه ما رأت مقلتاه
نار حرب تشب إلّا اصطلاها


فارس المؤمنين في کل حرب
قطبُ محرابها إمام وغاها


لم يخض في الهياج إلّا وابدي
عزمة يتقي الردي إياها


ذاک رأس الموحدين وحامي
بيضة الدين من أکفّ عداها


من تري مثله إذا صرّت الحر
ب ودارت علي الکماة رحاها


ذاک قمقامها الذي لا يروّي
غير صمصامه أوام صداها

[صفحه 357]

وبه استفتح الهدي يوم (بدر)
من طغاة أبت سوي طغواها


صب صوب الردي عليهم همام
ليس يخشي عقبي التي سوّاها


يوم جاءت وفي القلوب غليل
فسقاها حسامه ما سقاها


مَن تلقّي يد (الوليد) بضرب
حيدري برْيَ اليراع براها


وسقي منه (عتبة) کأس بؤس
کان صرفا إلي المعاد احتساها


ورأي تيه «ذي الخمار» فردّا
ه من الذل بردة ما ارتداها


ظهرت منه في الوغي سطوات
ما أتي القوم کلهم مأتاها


وعلي يلقي الألوف بقلب
صوّر اللَّه فيه شکل فناها


إنما تفضل النفوس بجد
وعلي قدره مقام علاها


وتخطي إلي المدينة فرداً
بسرايا عزائم ساراها


فدعاهم وهم ألوف ولکن
ينظرون الذي يشب لظاها


فابتدي المصطفي يحدّث عما
تؤجر الصابرون في أخراها


قائلاً إن للجليل جناناً
ليس غير المجاهدين يراها


من لعمرو وقد ضمنت علي اللّ
-هِ له من جنانه أعلاها


فالتووا عن جوابه کسوام
لا تراها مجيبة من دعاها


واذا هم بفارس قرشي
ترجف الأرض خيفة إذ يطاها


قائلاً مالها سواي کفيل
هذه ذمةٌ عَليَّ وفاها


ومشي يطلب الصفوف کما تم
-شي خماص الحشا إلي مرعاها


فانتضي مشرفيه فتلقّي
ساق عمرو بضربة فبراها


وإلي الحشر رنة السيف منه
يملأ الخافقين رجع صداها

[صفحه 358]

يا لها ضربة حوت مکرمات
لم يزن ثقل أجرها ثقلاها


هذه من علاه إحدي المعالي
وعلي هذه فقس ما سواها


و (بأحد) کم فل آحاد شوس
کلما أوقدوا الوغي أطفاها


يوم دارت بلا ثوابت إلّا
أسد اللَّه کان قطب رحاها


يوم خانت نبالة القوم عهداً
لنبي الهدي فخاب رجاها


وتراءت لها غنائم شتي
فاقتفي الأکثرون إثر ثراها


وله يوم (خيبر) فتکات
کبرت منظراً علي من رآها


يوم قال النبي إني لأعطي
رايتي ليثها وحامي حماها


فاستطالت أعناق کل فريق
ليروا أي ماجد يعطاها


فدعا أين وارث العلم والحلم
مجير الأيام من بأساها


أين ذو النجدة الذي لو دعته
في الثريا مروعة لبّاها


فأتاه الوصي أرمد عين
فسقاه من ريقه فشفاها


ومضي يطلب الصفوف فولت
عنه علماً بأنه أمضاها


وبري (مرحباً) بکف اقتدار
أقوياء الأقدار من ضعفاها


ودحا بابها بقوة بأس
لو حمتها الأفلاک منه دحاها


عائد للمؤمّلين مجيب
سامع ما تسر من نجواها


صادق الفعل والمقالة يحوي
غرة مثل حسنه حسناها


لم تفه ملة من الشرک إلّا
فضّ بالصارم الإلهيّ فاها


وطواها طيَّ السجل همام
نشر الحرب علمه وطواها


کم عرا مشکل فحلّ عراه
ليس للمشکلات إلّا فتاها

[صفحه 359]

واسأل الأعصر القديمة عنه
کيف کانت يداه روح غذاها


أيّ نفس لا تهتدي بهداه
وهو من کل صورة مقلتاها


«وبخم» ماذا جري يوم خم
تلک أکرومة أبت أن تضاهي


ذاک يوم من الزمان أبانت
ملة الحق فيه عن مقتداها


کم حوي ذلک «الغدير» نجوماً
ما جرت أنجم الدجي مجراها


إذ رقي منبر الحدايج هاد
طاول السبعة العلي برقاها


موقفاً للأنام في فلوات
وعرات بالقيظ يشوي شواها


أيها الناس حدثوا اليوم عني
وليبلغ أدني الوري أقصاها


کل نفس کانت تراني موليً
فلتر اليوم حيدراً مولاها


رب هذي أمانة لک عندي
وإليک الأمين قد اداها


وال من لا يري الولاية إلّا
لعلي وعاد من عاداها


أيها الراکب المجد رويداً
بقلوب تقلبت في جواها


إن تراءت أرض الغريين فاخضع
واخلع النعل دون وادي طواها


وإذا شمت قبة العالم الأع
-لي وأنوار ربها تغشاها


فتواضع فثمّ دارة قدس
تتمني الأفلاک لثم ثراها


قل له والدموع سفح عقيق
والجوي تصطلي بنار غضاها


يابن عم النبي أنت يد اللّ
-ه التي عم کل شي ء نداها


حسبک اللَّه في مآثر شتي
هي مثل الأعداد لا تتناهي


ليت عيناً بغير روضک ترعي
قذيت واستمر فيها قذاها[1] .

[صفحه 360]


صفحه 355، 356، 357، 358، 359، 360.








  1. أثبت السيد الأمين رحمه الله في أعيان الشيعة: 17:9 منها (148) بيتاً.