القول في نسبة التطيّر إلي الإمام











القول في نسبة التطيّر إلي الإمام



في ضوء ما تقدّم کان طلحة أوّل من بايع الإمام عليه السلام. وکانت يده شلّاء، لذلک تطيّروا بعدم دوام بيعته. وقد تضاربت المصادر فيمن أنطق الألسن بهذا التطيّر؛ فبعضها عزاه إلي شخص يُدعي حبيب بن ذؤيب، وبعضها الآخر ذکر أنّ المتطيّر رجل من بني أسد، وقال: «أوّل من بدأ بالبيعة يدٌ شلّاء! لا يتمّ هذا الأمر».

بَيْد أنّ روايات نسبت هذا التطيّر إلي الإمام عليه السلام، وذکرت أنّه عليه السلام قال عند بيعته: «ما أخلَقَها أن تنکث!»

لکنّ هذه النسبة لاتستقيم ولا تثبت علي أيّ حال، ويمکن الاستناد إلي العقل والنقل في إثبات وهنها وهشاشتها. إذ لا ريب أنّ العقل لا يُجيز التطيّر والتشاؤم حين يُجمع الناس قاطبةً علي حلف وعهد معيّنين. من هنا يأبي کلّ عاقل ذلک ولا يقول به ولا يفعله، فکيف يعلن الإمام عليه السلام- وهو اللبيب الذي لا ندّ له- في اليوم الأوّل للبيعة أمام الناس عن نکث بيعة رجل کان من أبرز الوجوه السياسيّة آنذاک، ويفعل ذلک توکّؤاً علي «التطيّر» و«التفأُّل»؟!

إنّ هذا الضرب من الکلام يثير الإشاعة لإضعاف أرکان الدولة ودعائمها من جهة، ويشجّع علي نکث العهود ونقضها من جهة اُخري، فلا شکّ أنّه مفتريً علي الإمام.

يضاف إلي ذلک أنّ روايات کثيرة ذمّت التطيّر، ونهت الناس عنه، وأکّدت أنّ أهل البيت عليهم السلام لا يتطيّرون...[1] فمن الممتنع جدّاً أن يتفوّه الإمام عليه السلام بکلام غير مقبول أو يقوم بعمل واهٍ غير محکم.

[صفحه 74]



صفحه 74.





  1. راجع: بحارالأنوار: 312:58:الباب 11 وکنز العمّال: 111:10.