سياسة الرفق











سياسة الرفق



تکمن واحدة من النقاط الأساسيّة في المنهج الاجتماعي للحکم العلوي بمبدأ مداراة الناس، وکيفيّة تعاطي المسؤولين الحکوميين مع الشعب. فعلي عکس الساسة المحترفين الذين يسعَون إلي أن يکون رضا الخاصَة ثمناً لهضم حقوق الجماهير العريضة وسخطها، تقوم سياسة الإمام أميرالمؤمنين علي مبدأ إرضاء القاعدة الشعبيّة العريضة، ولو کان في ذلک سخط الخاصّة وعدم رضاها، حيث يقول عليه السلام: «إنَّ سخط العامّة يُجحِف برضي الخاصّة، وإنّ سخط الخاصّة يغتفر مع رضي العامّة».

في الاتّجاه إلي تحقيق سياسة الرفق وکسب رضا الجمهور، أوصي الإمام ولاته أن يتعاملوا مع الناس بمودّة وعطف، وأن تکون لهم صلة مباشرة بالشعب، بحيث يلتقون مع أفراده وجهاً لوجه، ويُصغون إلي مشکلاتهم مباشرة من دون واسطة، وأن يتحمّلوا منهم سوء الخلق، ويصبروا علي ما يبدر منهم من سوء وتصرّفات غير لائقة.

کما حثَّ عليه السلام ولاته أن لا يُقطبوا بوجه الناس ولا يلقوهم بوجوه مکفهرّة، ولا يسيئوا الظنّ بهم. کما نهاهم عن التجسس فيما يتصل بدائرة الأحوال الشخصيّة، وأن لا يدقّقوا في الذنوب التي اقترفها الأفراد بعيداً عن عيون الآخرين.

من النقاط المهمّة الاُخري التي حرص الإمام علي إيصاء الولاة بها لجهة سياسة الرفق بالناس، ضرورة إدلاء الولاة بالتوضيحات اللازمة في کلّ ما يمکن أن يکون باعثاً لسوء ظنّ الشعب، وسبباً في اتّهام الولاة بغمط حقوق الجمهور والتجاوز عليها؛ ففي منهج الإمام لا يجوز الاستخفاف بحالة سوء الظنّ التي تبرز لدي الجمهور، بل ينبغي للولاة والمسؤولين أن يدلوا إلي الشعب بصدق وتواضع

[صفحه 36]

بدلائل أعمالهم، ويوضّحوا لهم أسباب ما أقدموا عليه.



صفحه 36.