احترام الحقوق المتبادلة بين الدولة والاُمّة











احترام الحقوق المتبادلة بين الدولة والاُمّة



في منطق الإمام لا يمکن أن يدوم بقاء الدول في المجتمعات إلّا إذا احترم النظام الحاکم حقوق الشعب، وفي الطرف الآخر أبدي الشعب احترامه لحقوق النظام الحاکم عليه. وإلّا فمن دون رعاية الحقوق المتبادلة بين الدولة والشعب لا يمکن تحقّق العدالة الاجتماعيّة.

وطبيعي أنّ رعاية هذا الأمر هي عمليّة شاقّة، ففي دائرة الکلام يحترم الجميع الحقّ، لکن في دائرة العمل يتضاءل أهل الحقّ وينحسر عددهم «أَکْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ کَرِهُونَ» وبتعبير جميل للإمام أميرالمؤمنين نفسه: «الحقّ أوسع الأشياء في التواصف، وأضيقها في التناصف». لهذا کلّه لم تتخطّ العدالة الاجتماعيّة واحترام حقوق الإنسان علي مرّ التأريخ کلّه تخوم الشعار، بل تحوّل هذا الشعار- أيضاً- إلي أداة لابتزاز حقوق الناس والاعتداء عليها أکثر.

وعلي مدي عصور التاريخ الإسلامي بعد عهد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله سنحت فرصة استثنائيّة واحدة لجهة استقرار العدالة الاجتماعيّة تمثّلت في العهد القصير الذي أمضاه الإمام عليّ في الحکم، بيد أن الاُمة لم تغتنم هذه الفرصة، بل وقع الظلم علي حکم الإمام من قِبل الرعيّة ذاتها، حتي قال عليه السلام: «إن کانت الرعايا قبل

[صفحه 34]

لتشکو حيف رعاتها، فإنني اليوم لأشکو حيف رعيّتي».

وهکذا مضي عليّ وقد اصطحب العدالة معه، وهذه هي مسؤوليتنا حاضراً في أن نتعلّم من اُولئک ونأخذ العبرة منهم، ونوطّئ الأرضيّة المطلوبة لاستقرار العدالة الاجتماعيّة.



صفحه 34.