اقامة العدل











اقامة العدل



1570- الإمام عليّ عليه السلام- في کتابه لابن عبّاس-: فقد قدم عليَّ رسولک، وذکرتَ ما رأيتَ وبلغک عن أهل البصرة بعد انصرافي، وساُخبرک عن القوم: هم بين مقيم لرغبة يرجوها، أو عقوبة يخشاها، فأرغِبْ راغبَهم بالعدل عليه، والإنصاف له، والإحسان إليه.[1] .

1571- عنه عليه السلام- في عهده إلي مالک الأشتر-: وليکن أحبّ الاُمور إليک أوسطها في الحقّ، وأعمّها في العدل، وأجمعها لرضي الرعيّة... إنّ أفضل قرّة عين الولاة استقامة العدل في البلاد، وظهور مودّة الرعيّة.[2] .

[صفحه 226]

1572- عنه عليه السلام- في کتابه إلي الأسود بن قُطْبة صاحب جند حُلْوان-: أمّا بعد، فإنّ الوالي إذا اختلف هواه منعه ذلک کثيراً من العدل، فليکن أمر الناس عندک في الحقّ سواء؛ فإنّه ليس في الجور عوض من العدل، فاجتنب ما تنکر أمثاله.[3] .

1573- عنه عليه السلام: هذا ما عهد عبداللَّه عليٌّ أميرالمؤمنين إلي محمّد بن أبي بکر حين ولّاه مصر؛ أمَره بتقوي اللَّه والطاعة له في السرّ والعلانية، وخوف اللَّه في الغيب والمَشهد، وباللّين للمسلم، وبالغلظة علي الفاجر، وبالعدل علي أهل الذمّة، وبإنصاف المظلوم، وبالشدّة علي الظالم، وبالعفو عن الناس، وبالإحسان ما استطاع؛ واللَّه يجزي المحسنين ويعذّب المجرمين».[4] .

1574- عنه عليه السلام- في عهده إلي محمّد بن أبي بکر حين قلّده مصر-: فاخفض لهم جناحک، وألِن لهم جانبک، وابسُط لهم وجهک، وآسِ بينهم في اللحظة والنظرة، حتي لا يطمع العظماء في حيفک لهم، ولا ييأس الضعفاء من عدلک عليهم؛ فإنّ اللَّه تعالي يسائلکم- معشرَ عباده- عن الصغيرة من أعمالکم والکبيرة، والظاهرة والمستورة، فإن يعذِّب فأنتم أظلم، وإن يعفُ فهو أکرم.[5] .

1575- عنه عليه السلام- من کلام له لمّا عوتب علي التسوية في العطاء-: أتأمرونّي أن أطلب النصر بالجور فيمن وُلّيت عليه! واللَّه لا أطور به ما سمر سمير،[6] وما أمّ نجم في السماء نجماً! لو کان المال لي لسوّيت بينهم، فکيف وإنّما المال

[صفحه 227]

مال اللَّه؟![7] .

1576- عنه عليه السلام: واللَّه لأن أبيتَ علي حَسَک السَّعدان مسهّداً، أو اُجرّ في الأغلال مصفّداً، أحبّ إليَّ من أن ألقي اللَّه ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد، وغاصباً لشي ء من الحطام. وکيف أظلم أحداً لنفس يسرع إلي البِلي قفولها، ويطول في الثري حلولها؟![8] .

1577- عنه عليه السلام: واللَّه لو اُعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاکها، علي أن أعصي اللَّه في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته، وإنّ دنياکم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها، ما لعليّ ولنعيم يفني، ولذّة لا تبقي![9] .

1578- عنه عليه السلام: اُحاجّ الناس يوم القيامة بتسع: بإقام الصلاة، وإيتاء الزکاة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنکر، والعدل في الرعيّة، والقسم بالسويّة، والجهاد في سبيل اللَّه، وإقامة الحدود، وأشباهه.[10] .

1579- تاريخ دمشق عن عليّ بن ربيعة: جاء جَعْدة بن هُبيرة إلي عليّ فقال: يا أميرالمؤمنين، يأتيک الرجلان إن أنت أحبّ إلي أحدهما من نفسه- أو من أهله وماله- والآخر لو يستطيع أن يذبحک لذبحک، فتقضي لهذا علي هذا؟ قال:

[صفحه 228]

فلَهَزَه[11] عليّ وقال: إنّ هذا شي ء لو کان لي فعلت، ولکن إنّما ذا شي ء للَّه.[12] .

1580- الکامل في التاريخ- في ذکر عبيد اللَّه بن الحرّ الجعفي-:[13] لمّا قُتل

[صفحه 229]

عثمان ووقعت الحرب بين عليّ ومعاوية قصد معاوية، فکان معه لمحبّته عثمان، وشهد معه صفّين هو ومالک بن مسمع، وأقام عبيد اللَّه عند معاوية، وکان له زوجة بالکوفة، فلمّا طالت غيبته زوّجها أخوها رجلاً يقال له: عِکرمة بن الخبيص، وبلغ ذلک عبيد اللَّه فأقبل من الشام فخاصم عکرمة إلي عليّ، فقال له: ظاهرتَ علينا عدوّنا فغُلْتَ؟ فقال له: أيمنعني ذلک من عدلک؟ قال: لا. فقصّ عليه قصّته، فردّ عليه امرأته، وکانت حبلي، فوضعها عند من يثق إليه حتي وضعت، فألحق الولد بعکرمة، ودفع المرأة إلي عبيد اللَّه، وعاد إلي الشام فأقام به حتي قُتل عليّ.[14] .

1581- تاريخ اليعقوبي عن الزهري: دخلت إلي عمر [بن عبدالعزيز] يوماً، فبينا أنا عنده، إذ أتاه کتاب من عامل له يخبره أنّ مدينتهم قد احتاجت إلي مَرَمّة، فقلت له: إنّ بعض عمّال عليّ بن أبي طالب کتب بمثل هذا، وکتب إليه: أمّا بعد، فحصّنها بالعدل، ونقِّ طرقها من الجور. فکتب بذلک عمر إلي عامله.[15] .

راجع: بيعة النور/دوافع الإمام لقبول الحکومة.

[صفحه 230]



صفحه 226، 227، 228، 229، 230.





  1. وقعة صفّين: 105، نثر الدرّ: 322:1 نحوه.
  2. نهج البلاغة: الکتاب 53، تحف العقول: 128 وص 133 نحوه وراجع دعائم الإسلام: 355:1 وص 358.
  3. نهج البلاغة: الکتاب 59، بحارالأنوار: 708:511:33.
  4. تحف العقول: 176، الغارات: 224:1 نحوه.
  5. نهج البلاغة: الکتاب 27 و 46، تحف العقول: 177 کلاهما إلي «عدلک عليهم».
  6. السَّمير: الدهر، أي لا أفعله ما بقي الدهر (النهاية: 400:2).
  7. نهج البلاغة: الخطبة 126، تحف العقول: 185 وفيه «أموالهم» بدل «مال اللَّه».
  8. نهج البلاغة: الخطبة 224، عيون الحکم والمواعظ: 9285:506، الصراط المستقيم: 163:1؛ ينابيع المودة: 6:442:1 وفيه إلي «الحطام» وراجع الأمالي للصدوق: 988:719.
  9. نهج البلاغة: الخطبة 224، الصراط المستقيم: 163:1؛ ينابيع المودّة: 6:442:1 وراجع الأمالي للصدوق: 988:722.
  10. فضائل الصحابة لابن حنبل: 898:538:1؛ الخصال: 53:363 عن عباية بن ربعي وفيه «بسبع» بدل «بتسع» وليس فيه «والجهاد في سبيل اللَّه» و«أشباهه».
  11. اللَّهْز: الضرب بجُمْع الکفّ في الصدر (النهاية: 281:4).
  12. تاريخ دمشق: 488:42، البداية والنهاية: 5:8؛ المناقب للکوفي: 545:57:2 نحوه.
  13. عبيد اللَّه بن الحرّ الجعفي: کان من الشجعان الأبطال ومن أصحاب عثمان، فلمّا قتل عثمان انحاز إلي معاوية وقال: أما إنّ اللَّه ليعلم أنّي اُحبّ عثمان، ولأنصرنّه ميّتاً. فخرج إلي الشام وشهد مع معاوية صفّين، ولم يزل معه حتي قتل عليّ عليه السلام (تاريخ الطبري: 128:6، الکامل في التاريخ:25:3).

    وبعد قيام الإمام الحسين عليه السلام خرج من الکوفة کراهة أن يدخلها الإمام عليه السلام وهو بها وقال: واللَّه ما اُريد أن أراه ولا يراني (تاريخ الطبري: 407:5).

    ولمّا نزل الإمام عليه السلام قصر بني مقاتل ورأي فسطاطه أرسل بعض أصحابه إليه ليدعوه إلي نصره، فلم يجب دعوته (الأمالي للصدوق: 219) فأخذ الإمام عليه السلام نعليه فانتعل، ثمّ قام فجاءه حتي دخل عليه فسلّم وجلس، ثمّ دعاه إلي الخروج فلم يجبه (تاريخ الطبري: 407:5).

    وبعد قتل الإمام عليه السلام دخل علي ابن زياد فعاتبه لعدم نصرة جيش يزيد علي الإمام عليه السلام، فغاض وخرج حتي أتي کربلاء، فنظر إلي مصارع القوم فاستغفر لهم وقال في ذلک:


    يقولُ أميرٌ غادرٌ حقّ غادرٍ
    ألا کنت قاتلت الشهيدَ ابن فاطمهْ!


    فيا ندمي ألّا أکون نصرتُهُ
    ألا کلُّ نفس لا تُسدّد نادمه


    وإنّي لأنّي لم أکن من حماته
    لذو حسرةٍ ما إن تفارقُ لازمه


    سقي اللَّه أرواح الذين تأزّروا
    علي نصره سقياً من الغيث دائمه


    وقفت علي أجداثهم ومجالهم
    فکاد الحشا ينفضُّ والعين ساجمه


    لعمري لقد کانوا مصاليت في الوغي
    سراعاً إلي الهيجا حماةً خضارمه


    تآسوا علي نصر ابن بنت نبيّهم
    بأسيافهم آسادِ غيلٍ ضراغمه


    فإن يقتلوا فکلّ نفسٍ تقيّةٍ
    علي الأرض قد أضحت لذلک واجمه


    وما إن رأي الراؤون أفضل منهمُ
    لدي الموت ساداتٍ وزهراً قماقمه


    أتقتلهم ظلماً وترجو ودادَنا
    فدع خطّةً ليست لنا بملائمه!


    لعمري لقد راغمتمونا بقتلهم
    فکم ناقمٍ منّا عليکم وناقمه


    أهُمّ مراراً أن أسير بجحفلٍ
    إلي فئةٍ زاغت عن الحقّ ظالمه


    فکفّوا وإلّا ذدتکم في کتائبٍ
    أشدَّ عليکم من زحوف الديالمه


    (تاريخ الطبري: 470:5).

    ثمّ ثار هو وأولاده فقتل ونهب، ولم يقتصر علي نهب الأموال الشخصيّة بل نهب الأموال العامة. واستمرّ في ثورته زمان المختار ومصعب، وانتهي به الأمر إلي مؤازرة عبدالملک بن مروان، وقتل في الحرب مع جيش مصعب (تاريخ الطبري: 138 -128:6).

  14. الکامل في التاريخ: 25:3.
  15. تاريخ اليعقوبي: 306:2.