التقشّف والاحتياط في النفقة من بيت المال











التقشّف والاحتياط في النفقة من بيت المال



1559- الإمام عليّ عليه السلام- في کتابه إلي عمّاله-: أدِقّوا أقلامکم، وقاربوا بين

[صفحه 221]

سطورکم، واحذفوا عنّي فضولکم، واقصدوا قصد المعاني، وإيّاکم والإکثار؛ فإنّ أموال المسلمين لا تحتمل الإضرار.[1] .

1560- إحقاق الحقّ: کان أميرالمؤمنين عليّ دخل ليلة في بيت المال يکتب قسمة الأموال، فورد عليه طلحة والزبير، فأطفأ عليه السلام السراج الذي بين يديه، وأمر بإحضار سراج آخر من بيته، فسألاه عن ذلک، فقال: کان زيته من بيت المال، لا ينبغي أن نصاحبکم في ضوئه.[2] .

1561- مکارم الأخلاق عن عقيل بن عبدالرحمن الخولاني: کانت عمّتي تحت عقيل بن أبي طالب، فدخلت علي عليّ عليه السلام بالکوفة وهو جالس علي بَرْذَعة[3] حمار مُبَتَّلة،[4] قالت: فدخلتْ علي عليّ عليه السلام امرأة له من بني تميم فقلت لها: ويحک! إن بيتک ممتلئ متاعاً وأميرالمؤمنين عليه السلام جالس علي بَرذعة حمار مبتَّلة! فقالت: لا تلوميني، فواللَّه ما يري شيئاً ينکره إلّا أخذه فطرحه في بيت المال.[5] .

1562- فضائل الصحابة عن الأعمش: کان عليّ يُغدّي ويُعشّي، ويأکل هو من شي ء يجيؤه من المدينة.[6] .

[صفحه 222]

1563- الغارات عن بکر بن عيسي: کان عليّ عليه السلام يقول: يا أهل الکوفة! إذا أنا خرجت من عندکم بغير رحلي وراحلتي وغلامي فأنا خائن. وکانت نفقته تأتيه من غلّته بالمدينة من يَنْبُع.[7] .

1564- الجمل عن أبي مخنف لوط بن يحيي عن رجاله: لمّا أراد أميرالمؤمنين عليه السلام التوجّه إلي الکوفة قام في أهل البصرة فقال: ما تنقمون عليَّ يا أهل البصرة؟ وأشار إلي قميصه وردائه فقال: واللَّه إنّهما لمن غزل أهلي.

ما تنقمون منّي يا أهل البصرة؟ وأشار إلي صُرّة في يده فيها نفقته فقال: واللَّه ما هي إلّا من غلّتي بالمدينة؛ فإن أنا خرجت من عندکم بأکثر ممّا ترون فأنا عند اللَّه من الخائنين.[8] .

1565- تاريخ دمشق عن عنترة: دخلت علي عليّ بالخَوَرْنَق[9] وعليه سَمَل[10] قطيفة وهو يُرعَد فيها، فقلت: يا أمير المؤمنين، إنّ اللَّه قد جعل لک ولأهل بيتک في هذا المال نصيباً وأنت تفعل هذا بنفسک! قال: فقال: إنّي واللَّه ما أرزؤکم شيئاً، وما هي إلّا قطيفتي التي أخرجتها[11] من بيتي- أو قال: من المدينة-.[12] .

[صفحه 223]

1566- الغارات عن زاذان: انطلقت مع قنبر إلي عليّ عليه السلام فقال: قم يا أميرالمؤمنين، فقد خبّأت لک خبيئة. قال: فما هو؟[13] قال: قم معي. فقام وانطلق إلي بيته، فإذا بَاسِنة[14] مملوءة جامات[15] من ذهب وفضّة، فقال: يا أميرالمؤمنين، إنّک لا تترک شيئاً إلّا قسمته، فادّخرتُ هذا لک.

قال عليّ عليه السلام: لقد أحببتَ أن تُدخل بيتي ناراً کثيرة! فسلّ سيفه فضربها، فانتثرت من بين إناءٍ مقطوعٍ نصفه أو ثلثه. ثمّ قال: اقسموه بالحصص. ففعلوا، فجعل يقول:


هذا جَنايَ وخِيارُهُ فِيهْ
إذ کلُّ جانٍ يَدُه إلي فِيهْ[16] .


يا بيضاء غُرّي غيري، ويا صفراء غُرّي غيري![17] .

1567- الاختصاص- في ذکر طعام الإمام عليّ عليه السلام-: سمع مَقْلي في بيته، فنهض وهو يقول: في ذمّة عليّ بن أبي طالب مَقْلي الکَراکِر؟![18] قال: ففزع عياله

[صفحه 224]

وقالوا: يا أميرالمؤمنين، إنّها امرأتک فلانة نحرت جزوراً في حيّها، فاُخذ لها نصيب منها، فأهدي أهلها إليها. قال: فکلوا هنيئاً مريئاً.[19] .

1568- تاريخ دمشق عن عبدالرحمن بن أبي بکرة: لم يرزأ عليّ بن أبي طالب من بيت مالنا- يعني بالبصرة- حتي فارقَنا غيرَ جُبَّة محشوّة أو خَمِيصة دَرابْجِرْديّة.[20] .

1569- الغارات عن أبي رجاء: إنّ عليّاً عليه السلام أخرج سيفاً له إلي السوق فقال: من يشتري منّي هذا؟ فلو کان معي ثمن إزار ما بعته. فقلت له: يا أميرالمؤمنين، أنا أبيعک إزاراً واُنسئک ثمنه إلي عطائک، فبعته إزاراً إلي عطائه، فلمّا قبض عطاءه أعطاني حقّي.[21] .

[صفحه 225]



صفحه 221، 222، 223، 224، 225.





  1. الخصال: 85:310 عن محمّد بن إبراهيم النوفلي رفعه إلي الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام، بحارالأنوار: 6:105:41.
  2. إحقاق الحقّ: 539:8، المناقب المرتضويّة: 289.
  3. البَرْذَعة: الحلس الذي يُلقي تحت الرَّحْل. والحِلْس والحَلَس: کلّ شي ء وَلِيَ ظهرَ البعير والدابّة تحت الرَّحْل والقَتَب والسَّرْج (لسان العرب: 8:8 و ج 54:6). وفي عُرف زماننا هي للحمار ما يُرْکَب عليه بمنزلة السَّرْج للفَرَس (المصباح المنير: 43).
  4. أي مُقَطَّعة. يقال: بَتَلَهُ: قَطَعَهُ، کبَتَّلَهُ (انظر تاج العروس: 40:14).
  5. مکارم الأخلاق: 894:286:1، المناقب لابن شهر آشوب: 97:2 نحوه.
  6. فضائل الصحابة لابن حنبل: 892:536:1، حلية الأولياء: 82:1، الرياض النضرة: 221:3.
  7. الغارات: 68:1؛ شرح نهج البلاغة: 200:2 وراجع المناقب لابن شهر آشوب: 98:2.
  8. الجمل: 422، المناقب لابن شهر آشوب: 98:2 وفيه «يا أهل البصرة ما تنقمون منّي إنّ هذا لمن غزل أهلي. وأشار إلي قميصه».
  9. الخَوَرْنَق: موضع بالکوفة. وقيل: الخورنق: قصر کان بظهر الحيرة (معجم البلدان: 401:2).
  10. السَّمَل: الخَلَق من الثياب (مجمع البحرين: 882:2).
  11. في الطبقة المعتمدة «اللتين أخرجتهما»، والتصحيح من تاريخ دمشق «ترجمة الإمام عليّ عليه السلام» تحقيق محمد باقر المحمودي (181:3).
  12. تاريخ دمشق: 477:42 و ص 481، الأموال: 671:284، حلية الأولياء: 82:1، البداية والنهاية: 3:8.
  13. کذا في المصدر، وفي تاريخ دمشق والأموال: «فما هي»، وهو أنسب.
  14. البَاسِنَة: کالجُوالِق [:وعاء من الأوعية ]غليظٌ يُتّخذ من مُشاقَة الکَتّان أغْلَظُ ما يکون، ومنهم من يهمزها. وقال الفرّاء: البَأْسِنة: کِساء مخيطٌ يُجعَل فيه طعام (لسان العرب: 52:13).
  15. جَمْع جام- والواحدة جامة-: من الآنية (المحيط في اللغة: 206:7).
  16. هذا مَثلٌ أوّل من قاله عمرو ابن اُخت جذيمة الأبرش، وأراد علي رضي الله عنه بقولها أنه لم يتلطّخ بشي ء من في ء المسلمين بل وضعه مواضعه. والجنا: اسم ما يجتني من الثمر (النهاية: 309:1).
  17. الغارات: 55:1، المناقب للکوفي: 519:33:2 نحوه وراجع المناقب لابن شهر آشوب: 108:2 وتاريخ دمشق: 477:42 و 478 والأموال: 674:284.
  18. قوله عليه السلام: «في ذمّة عليّ مَقْلي الکَراکِر» استفهام استنکاري حُذفت منه أداة الاستفهام؛ وکان مفاده: أنّ ما يُقلي في بيته عليه السلام من لحم في ذمّته ومحاسَب عليه إن کان دخوله بيتَه من غير ما أحلّه اللَّه له. وکأنّه عليه السلام عبّر بالکراکر کناية عن اللحم الطيّب؛ فإنّ الکَراکِر- کما عن ابن الأثير-:

    جمع کِرْکِرة: زَوْد [:صدر] البعير الذي إذا بَرَک أصاب الأرض، وهي ناتئة عن جسمه کالقُرْصَة. ومنه حديث عمر «ما أجهَلُ عن کَراکِر وأسْنِمة»؛ فإنّها من أطايب ما يؤکَل من الإبل (النهاية: 166:4).

  19. الاختصاص: 152.
  20. الخَمِيصَة: ثوبُ خَزٍّ أو صُوف مُعْلَم. وقيل: لا تُسمّي خَمِيصةً إلّا أن تکون سوداء مُعْلَمة (النهاية: 81:2). والدِّرابْجِرْدِيّة: نسبة إلي دِرابْجِرْد: کورة بفارس (معجم البلدان: 446:2)، تاريخ دمشق: 476:42، الأموال: 670:283.
  21. الغارات: 63: 1؛ حلية الأولياء: 83:1، شرح نهج البلاغة: 200:2 کلاهما نحوه.