عقيل
قال: فقام إليه عقيل فقال له: واللَّه لتجعلني وأسود بالمدينة سواءً! فقال: اجلس، أما کان هاهنا أحد يتکلّم غيرک! وما فضلک عليه إلّا بسابقة أو بتقوي![4] . 1553- الإمام عليّ عليه السلام: واللَّه لَأن أبِيت علي حَسَک السَّعْدان مُسهَّداً،[5] أو اُجَرّ في الأغلال مُصفَّداً، أحبّ إليّ من أن ألقي اللَّه ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد، وغاصباً لشي ءٍ من الحطام! وکيف أظلم أحداً لنفْس يُسرع إلي البِلي قُفُولها،[6] ويطول في الثري حُلولها؟! واللَّه، لقد رأيت عقيلاً وقد أملَق حتي استماحني من بُرّکم صاعاً، ورأيت صبيانه شُعْث الشعور، غُبْر الألوان من فقرهم، کأنّما سُوّدت وجوههم بالعِظْلِم،[7] . [صفحه 217] وعاودني مؤکِّداً، وکرّر عليَّ القول مردِّداً، فأصغيت إليه سمعي، فظنّ أنّي أبيعه ديني، وأتّبع قِياده مفارقاً طريقتي. فأحميت له حديدة، ثمّ أدنيتها من جسمه ليعتبر بها، فضجّ ضجيج ذي دَنَف[8] من ألمها، وکاد أن يحترق من مِيْسَمها،[9] فقلت له: ثکلتک الثواکل يا عقيل! أتَئِنّ من حديدة أحماها إنسانها للَعِبه، وتجرّني إلي نارٍ سجرَها جبّارها لغضبه؟! أتَئِنّ من الأذي ولا أئِنّ من لظي؟![10] . 1554- المناقب لابن شهر آشوب: قدم عليه [عليٍّ عليه السلام] عقيل فقال للحسن: اکسُ عمّک، فکساه قميصاً من قمصه[11] ورداءً من أرديته. فلمّا حضر العشاء فإذا هو خبز وملح، فقال عقيل: ليس [إلّا][12] ما أري؟ فقال: أوليس هذا من نعمة اللَّه؟! فله الحمد کثيراً. فقال: أعطني ما أقضي به دَيني وعجِّل سراحي حتي أرحل عنک. قال: فکم دَينک يا أبايزيد؟ قال: مائة ألف درهم. قال: واللَّه ما هي عندي ولا أملکها، ولکن اصبر حتي يخرج عطائي فاُواسِيکه، ولولا أنّه لابدّ للعيال من شي ء لأعطيتک کلّه. فقال عقيل: بيت المال في يدک وأنت تسوّفني إلي عطائک؟ وکم عطاؤک وما [صفحه 218] عسي يکون ولو أعطيتنيه کلّه! فقال: ما أنا وأنت فيه إلّا بمنزلة رجل من المسلمين- وکانا يتکلّمان فوق قصر الإمارة مشرفَين علي صناديق أهل السوق- فقال له عليّ عليه السلام: إن أبيت يا أبايزيد ما أقول فانزل إلي بعض هذه الصناديق فاکسر أقفاله وخذ ما فيه. فقال: وما في هذه الصناديق؟ قال: فيها أموال التجّار. قال: أتأمرني أن أکسر صناديق قوم قد توکّلوا علي اللَّه وجعلوا فيها أموالهم؟! فقال أميرالمؤمنين: أتأمرني أن أفتح بيت مال المسلمين فاُعطيک أموالهم وقد توکّلوا علي اللَّه وأقفلوا عليها؟! وإن شئتَ أخذتَ سيفک وأخذتُ سيفي وخرجنا جميعاً إلي الحيرة؛[13] فإنّ بها تجّاراً مَياسِير،[14] فدخلنا علي بعضهم فأخذنا ماله! فقال: أوَسارق جئتُ؟! قال: تسرق من واحد خير من أن تسرق من المسلمين جميعاً! قال له: أفتأذن لي أن أخرج إلي معاوية؟ فقال له: قد أذنت لک. قال: فأعنّي علي سفري هذا. [صفحه 219] قال: يا حسن، أعطِ عمّک أربعمائة درهم. فخرج عقيل وهو يقول: سيُغْنيني الذي أغناکَ عنّي ويقضي دَينَنا ربٌّ قريبُ[15] .
1552- الإمام الصادق عليه السلام: لمّا وُلّي عليّ عليه السلام صعد المنبر فحمد اللَّه وأثني عليه، ثمّ قال: إنّي واللَّه لا أرْزَؤکم[1] من فيئکم درهماً ما قام لي عَذْق[2] بيثرب، فليصدقکم أنفسُکم،[3] أفتروني مانعاً نفسي ومعطيکم؟
صفحه 217، 218، 219.