الجمع بين الشدّة واللين











الجمع بين الشدّة واللين



1419- الإمام عليّ عليه السلام- في کتابه إلي بعض عمّاله-: أمّا بعد، فإنّ دهاقين[1] أهل بلدک شکوا منک غلظةً وقسوة، واحتقاراً وجفوة، ونظرت فلم أرَهم أهلاً لأن يُدْنَوا لشرکهم، ولا أن يُقصوا ويجفوا لعهدهم، فالبس لهم جلباباً من اللين تشوبه بطرف من الشدّة، وداوِل لهم بين القسوة والرأفة، وامزج لهم بين التقريب والإدناء، والإبعاد والإقصاء، إن شاء اللَّه.[2] .

1420- تاريخ اليعقوبي: کتب عليّ إلي عمر بن مسلمة الأرحبي: أمّا بعد، فإنّ دهاقين عملک شکوا غلظتک، ونظرت في أمرهم فما رأيت خيراً، فلتکن منزلتک بين منزلتين: جلباب لين، بطرف من الشدّة، في غير ظلم ولانقص؛ فإنّهم أحيونا صاغرين، فخذ ما لک عندهم وهم صاغرون، ولا تتّخذ من دون اللَّه وليّاً، فقد قال اللَّه عزّ وجلّ: «لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِکُمْ لَا يَأْلُونَکُمْ خَبَالًا»[3] وقال جلّ وعزّ في أهل الکتاب: «لَا تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَرَي أَوْلِيَآءَ» وقال تبارک

[صفحه 157]

وتعالي: «وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنکُمْ فَإِنَّهُ و مِنْهُمْ»[4] وقرِّعهم بخراجهم، وقابل في ورائهم، وإيّاک ودماءهم. والسلام[5] .

1421- الإمام عليّ عليه السلام- في کتابه إلي بعض عمّاله-: أمّا بعد، فإنّک ممّن أستظهر به علي إقامة الدين، وأقمع به نخوة الأثيم، وأسدّ به لهاة الثغر المخوف. فاستعن باللَّه علي ما أهمّک، واخلط الشدّة بضغث من اللين، وارفق ما کان الرفق أرفق، واعتزم بالشدّة حين لا تغني عنک إلّا الشدّة. واخفض للرعيّة جناحک، وابسط لهم وجهک، وألِن لهم جانبک. وآسِ بينهم في اللحظة والنظرة، والإشارة والتحيّة؛ حتي لا يطمع العظماء في حيفک، ولا ييأس الضعفاء من عدلک. والسلام.[6] .

[صفحه 159]



صفحه 157، 159.





  1. الدهقان: رئيس القرية ومُقدَّم التُّنّاء وأصحاب الزراعة وهو معرَّب (النهاية: 145:2).
  2. نهج البلاغة: الکتاب 19، بحارالأنوار: 694:489:33؛ أنساب الأشراف: 390:2 نحوه، وذکر أنّه عليه السلام کتبه إلي عمرو بن سلمة الأرحبي، وفيه «في غير ما أن يظلموا، ولا ينقض لهم عهد، ولکن تفرّغوا لخراجهم، ويقاتل من ورائهم، ولا يؤخذ منهم فوق طاقتهم، فبذلک أمرتک، واللَّه المستعان. والسلام» بدل «وداول لهم... ».
  3. آل عمران: 118.
  4. المائدة: 51.
  5. تاريخ اليعقوبي: 203:2.
  6. نهج البلاغة: الکتاب 46، الأمالي للمفيد: 4:80 نحوه، وفيه أنّه عليه السلام کتبه إلي الأشتر بعدقتل محمّد بن أبي بکر وهو غير صحيح ظاهراً لأنّ شهادة محمّد بن أبي بکر وقعت بعد شهادة مالک الأشتر، نهج البلاغة: الکتاب 27، تحف العقول: 177 وليس فيهما صدره إلي « لا تغني عنک إلّا الشدّة » وفيهما «أنّه عليه السلام کتبه إلي محمّد بن أبي بکر».