عزل من ثبتت خيانته من العمّال











عزل من ثبتت خيانته من العمّال



1411- الاستيعاب: کان عليّ رضي الله عنه... لا يخصّ بالولايات إلّا أهل الديانات والأمانات، وإذا بلغه عن أحدهم خيانة کتب إليه: قد جاءتکم موعظة من ربِّکم فأوفوا الکيل والميزان بالقسط ولا تبخَسوا النَّاس أشياءهم ولا تعثَوا في الأرض مفسدين. بقيَّة اللَّه خير لکم إن کنتم مؤمنين وما أنا عليکم بحفيظ.[1] إذا أتاک کتابي هذا فاحتفظ بما في يديک من أعمالنا حتي نبعث إليک من يتسلّمه منک، ثمّ يرفع طرفه إلي السماء فيقول: اللهمّ إنّک تعلم أنّي لم آمرهم بظلم خلقک، ولا بترک حقّک.

وخطبه ومواعظه ووصاياه لعمّاله إذ کان يخرجهم إلي أعماله کثيرة مشهورة لم أرَ التعرّض لذکرها، لئلّا يطول الکتاب، وهي حِسان کلّها.[2] .

1412- دعائم الإسلام: إنّه [عليّاً عليه السلام] حضر الأشعث بن قيس، وکان عثمان استعمله علي أذربيجان، فأصاب مائة ألف درهم، فبعض يقول: أقطعه عثمان إيّاها، وبعض يقول: أصابها الأشعث في عمله.

[صفحه 152]

فأمره عليّ عليه السلام بإحضارها فدافعه، وقال: يا أميرالمؤمنين، لم اُصبها في عملک. قال: واللَّه لئن أنت لم تحضرها بيت مال المسلمين، لأضربنّک بسيفي هذا أصاب منک ما أصاب.

فأحضرها وأخذها منه وصيّرها في بيت مال المسلمين، وتتبّع عمّال عثمان، فأخذ منهم کلّ ما أصابه قائماً في أيديهم، وضمّنهم ما أتلفوا.[3] .

1413- الفصول المهمّة: نقل عن سودة بنت عمارة الهمدانيّة أنّها قدمت علي معاوية بعد موت عليّ عليه السلام، فجعل معاوية يؤنّبها علي تعريضها عليه في أيّام قتال صفّين، ثمّ إنّه قال لها: ما حاجتک؟ فقالت: إنّ اللَّه تعالي مُسائلک عن أمرنا وما فوّض إليک من أمرنا، ولا يزال يقدم علينا من قبلک من يسمو بمقامک ويبطش بسلطانک فيحصدنا حصد السنبل، ويدوسنا دوس الحرمل، يسومنا الخسف، ويذيقنا الحتف، هذا بسر بن أرطاة قد قدم علينا، فقتل رجالنا، وأخذ أموالنا، ولولا الطاعة لکان فينا عزّ ومنعة، فإن عزلته عنّا شکرناک وإلّا فإلي اللَّه شکوناک.

فقال معاوية: إيّاي تعنين ولي تهدّدين! لقد هممت يا سودة أن أحملک علي قتب أشوَس، فأردّک إليه، فينفذ حکمه فيک. فأطرقت ثمّ أنشأت تقول:


صلّي الإله علي جسم تضمّنهُ
قبر فأصبح فيه العدل مدفونا


قد حالف الحقّ لا يبغي به بدلاً
فصار بالحقّ والإيمان مقرونا


فقال معاوية: من هذا يا سودة؟ فقالت: هذا واللَّه أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، لقد جئته في رجل کان قد ولّاه صدقاتنا فجار علينا فصادفته قائماً يريد الصلاة، فلمّا رآني انفتل، ثمّ أقبل عليَّ بوجهٍ طلق، ورحمة ورفق، وقال:

[صفحه 153]

لکِ حاجة؟ فقلت: نعم، وأخبرته بالأمر فبکي، ثمّ قال: اللهمّ أنت شاهد أنّي لم آمرهم بظلم خلقک ولا بترک حقّک. ثمّ أخرج من جيبه قطعة جلد وکتب فيها:

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَدْ جَآءَتْکُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّکُمْ فَأَوْفُواْ الْکَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ وَ لَا تُفْسِدُواْ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَحِهَا ذَ لِکُمْ خَيْرٌ لَّکُمْ إِن کُنتُم مُّؤْمِنِينَ»[4] وإذا قرأت کتابي هذا فاحتفظ بما في يدک من عملک حتي نُقدِم عليک من يقبضه. والسلام.

ثمّ دفع إليَّ الرقعة، فجئتُ بالرقعة إلي صاحبه فانصرفَ عنّا معزولاً.

فقال: اکتبوا لها بما تريد، واصرفوها إلي بلدها غير شاکية.[5] .



صفحه 152، 153.





  1. اقتباس من سورة الأعراف: 85 وهود: 85 و 86.
  2. الاستيعاب: 210:3 و 1875:211 عن أبي إسحاق السبيعي.
  3. دعائم الإسلام: 396:1.
  4. الأعراف: 85.
  5. الفصول المهمّة: 127، العقد الفريد: 335:1 عن عامر الشعبي، بلاغات النساء: 47 عن محمّد بن عبيد اللَّه وکلاهما نحوه؛ کشف الغمّة: 173:1، بحارالأنوار: 27:119:41.