عزل عمّال عثمان











عزل عمّال عثمان



1343- تاريخ اليعقوبي: عزل عليّ عمّال عثمان عن البلدان خلا أبي موسي الأشعري، کلّمه فيه الأشتر فأقرّه.[1] .

1344- الاختصاص: اجتمع الناس عليه جميعاً، فقالوا له: اکتب يا أميرالمؤمنين

[صفحه 117]

إلي من خالفک بولايته ثمّ اعزله، فقال: المکر والخديعة والغدر في النار.[2] .

1345- الأمالي للطوسي عن سحيم: لمّا بويع أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، بلغه أنّ معاوية قد توقّف عن إظهار البيعة له، وقال: إن أقرّني علي الشام وأعمالي التي ولّانيها عثمان بايعته، فجاء المغيرة إلي أميرالمؤمنين عليه السلام فقال له: يا أميرالمؤمنين، إنّ معاوية من قد عرفت، وقد ولّاه الشام من قد کان قبلک، فولّه أنت کيما تتّسق عري الاُمور، ثمّ اعزله إن بدا لک.

فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: أتضمن لي عمري يا مغيرة فيما بين توليته إلي خلعه؟

قال: لا.

قال: لا يسألني اللَّه عزّ وجلّ عن توليته علي رجلين من المسلمين ليلة سوداء أبداً «وَ مَا کُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا»[3] لکن أبعث إليه وادعوه إلي ما في يدي من الحقّ، فإن أجاب فرجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم، وإن أبي حاکمته إلي اللَّه.

فولّي المغيرة وهو يقول: فحاکمه إذن، وأنشأ يقول:


نصحتُ عليّاً في ابن حرب نصيحةً
فردّ فما مني له[4] الدهر ثانيهْ


ولم يقبل النصح الذي جئتُه به
وکانت له تلک النصيحة کافيهْ


وقالوا له ما أخلص النصح کلّه
فقلتُ له إنّ النصيحة غاليهْ[5] .

[صفحه 118]

1346- تاريخ الطبري عن ابن عبّاس: دعاني عثمان فاستعملني علي الحجّ، فخرجت إلي مکّة فأقمت للناس الحجّ، وقرأت عليهم کتاب عثمان إليهم، ثمّ قدمت المدينة وقد بويع لعليّ، فأتيته في داره فوجدت المغيرة بن شعبة مستخلياً به، فحبسني حتي خرج من عنده، فقلت: ماذا قال لک هذا؟

فقال: قال لي قبل مرّته هذه: أرسل إلي عبداللَّه بن عامر وإلي معاوية وإلي عمّال عثمان بعهودهم تقرّهم علي أعمالهم ويبايعون لک الناس، فإنّهم يهدِّئون البلاد ويسکّنون الناس، فأبيت ذلک عليه يومئذ وقلت: واللَّه لو کان ساعة من نهار لاجتهدتُ فيها رأيي، ولا ولّيتُ هؤلاء ولا مثلُهم يُولَّي.[6] .

قال: ثمّ انصرف من عندي وأنا أعرف فيه أنّه يري أنّي مخطئ، ثمّ عاد إلي الآن فقال: إنّي أشرتُ عليک أوّل مرّة بالذي أشرتُ عليک وخالفتني فيه، ثمّ رأيتُ بعد ذلک رأياً، وأنا أري أن تصنع الذي رأيتَ فتنزعهم وتستعين بمن تثق به، فقد کفي اللَّه، وهم أهون شوکةً مما کان.

قال ابن عبّاس: فقلت لعليّ: أمّا المرّة الاُولي فقد نصحک، وأمّا المرّة الآخرة فقد غشّک.

قال له عليّ: ولِمَ نصحني؟

قال ابن عبّاس: لأنّک تعلم أنّ معاوية وأصحابه أهل دنيا فمتي تثبتهم لا يبالوا بمن ولي هذا الأمر، ومتي تعزلهم يقولوا: أخذ هذا الأمر بغير شوري وهو قتلَ صاحبَنا، ويؤلّبون عليک فينتقض عليک أهل الشام وأهل العراق، مع أنّي لا آمن طلحة والزبير أن يکرّا عليک.

[صفحه 119]

فقال عليّ: أمّا ما ذکرتَ من إقرارهم، فواللَّه ما أشکّ أنّ ذلک خير في عاجل الدنيا لإصلاحها، وأمّا الذي يلزمني من الحقّ والمعرفة بعمّال عثمان فواللَّه لا اُولّي منهم أحداً أبداً، فإن أقبلوا فذلک خير لهم، وإن أدبروا بذلتُ لهم السيف.

قال ابن عبّاس: فأطعني وادخل دارک والحق بمالک بينبع[7] وأغلق بابک عليک، فإنّ العرب تجول جولة وتضطرب ولا تجد غيرک، فإنّک واللَّه لئن نهضت مع هؤلاء اليوم ليُحمِّلنّک الناس دمَ عثمان غداً.

فأبي عليّ، فقال لابن عبّاس: سر إلي الشام فقد ولّيُتکها.

فقال ابن عبّاس: ما هذا برأي، معاوية رجل من بني اُمية وهو ابن عمّ عثمان وعامله علي الشام، ولستُ آمن أن يضرب عنقي لعثمان أو أدني ما هو صانع أن يحبسني فيتحکّم عليّ.

فقال له عليّ: ولِمَ؟

قال: لقرابة ما بيني وبينک، وإنّ کلّ ما حمل عليک حمل عليّ، ولکن اکتب إلي معاوية فمنّه وعِده.

فأبي عليّ وقال: واللَّه لا کان هذا أبداً.[8] .

1347- شرح نهج البلاغة عن المدائني- في ذکر مجلس حضر فيه ابن عبّاس ومعاوية: فقال المغيرة بن شعبة: أما واللَّه لقد أشرتُ علي عليٍّ بالنصيحة فآثر رأيه، ومضي علي غلوائه، فکانت العاقبة عليه لا له، وإنّي لأحسب أن خلقه يقتدون بمنهجه.

[صفحه 120]

فقال ابن عبّاس: کان واللَّه أميرالمؤمنين عليه السلام أعلم بوجوه الرأي، ومعاقد الحزم، وتصريف الاُمور، من أن يقبل مشورتک فيما نهي اللَّه عنه، وعنّف عليه، قال سبحانه: «لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْأَخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ و...»،[9] ولقد وقفک علي ذکر مبين، وآية متلوّة؛ قوله تعالي: «وَ مَا کُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا».[10] .

وهل کان يسوغ له أن يحکّم في دماء المسلمين وفي ء المؤمنين، من ليس بمأمون عنده، ولا موثوق به في نفسه؟ هيهات هيهات! هو أعلم بفرض اللَّه وسنّة رسوله أن يبطن خلاف ما يظهر إلّا للتقية، ولات حين تقيّة! مع وضوح الحقّ، وثبوت الجنان، وکثرة الأنصار، يمضي کالسيف المصلت في أمر اللَّه، مؤثراً لطاعة ربّه، والتقوي علي آراء أهل الدنيا.[11] .



صفحه 117، 118، 119، 120.





  1. تاريخ اليعقوبي: 179:2.
  2. الاختصاص: 150، بحارالأنوار: 105:40.
  3. الکهف: 51.
  4. المَني القَدَر، مناه اللَّه يمنيه: قدّره (لسان العرب: 292:15).
  5. الأمالي للطوسي: 133:87، بشارة المصطفي: 263، المناقب لابن شهر آشوب: 195:3 نحوه وليس فيه الشعر وراجع مروج الذهب: 382:2 والاستيعاب: 2512:9:4 والفتوح: 446:2.
  6. وفي الکامل في التاريخ: «فأبيت عليه ذلک وقلت: لا اُداهن في ديني، ولا اُعطي الدنيّة في أمري».
  7. يَنْبُع: بليدة بالقرب من المدينة، بها عيون وحضر وحصن (تقويم البلدان: 89).
  8. تاريخ الطبري: 439:4 وراجع مروج الذهب: 364:2 والکامل في التاريخ: 306:2 والبداية والنهاية: 229:7.
  9. المجادلة: 22.
  10. الکهف: 51.
  11. شرح نهج البلاغة: 301:6؛ بحارالأنوار: 170:42.