عقيل











عقيل



275- الإمام الصادق عليه السلام: لمّا وُلّي عليّ عليه السلام صعد المنبر فحمد اللَّه وأثني عليه، ثمّ قال: إنّي واللَّه لا أرْزَؤکم من فيئکم درهماً ما قام لي عَذْق بيثرب، فليصدقکم أنفسُکم، أ فتروني مانعاً نفسي ومعطيکم؟

قال: فقام إليه عقيل فقال له: واللَّه لتجعلني وأسود بالمدينة سواءً! فقال: اجلس،أما کان هاهنا أحد يتکلّم غيرک! وما فضلک عليه إلّا بسابقة أو بتقوي![1] .

276- الإمام عليّ عليه السلام: واللَّه لَأن أبِيت علي حَسَک السَّعْدان مُسهَّداً، أو اُجَرّ في الأغلال مُصفَّداً، أحبّ إليّ من أن ألقي اللَّه ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد، وغاصباً لشي ءٍ من الحطام! وکيف أظلم أحداً لنفْس يُسرع إلي البِلي قُفُولها، ويطول في الثري حُلولها؟!

واللَّه، لقد رأيت عقيلاً وقد أملَق حتي استماحني من بُرّکم صاعاً، ورأيت صبيانه شُعْث الشعور، غُبْر الألوان من فقرهم، کأنّما سُوّدت وجوههم بالعِظْلِم، وعاودني مؤکِّداً، وکرّر عليَّ القول مردِّداً، فأصغيت إليه سمعي، فظنّ أنّي أبيعه ديني، وأتّبع قِياده مفارقاً طريقتي.

فأحميت له حديدة، ثمّ أدنيتها من جسمه ليعتبر بها، فضجّ ضجيج ذي دَنَف من ألمها،وکاد أن يحترق من مِيْسَمها، فقلت له: ثکلتک الثواکل يا عقيل! أتَئِنّ من حديدة أحماها إنسانها للَعِبه، وتجرّني إلي نارٍ سجرَها جبّارها لغضبه؟! أتَئِنّ من الأذي ولا أئِنّ من لظي؟![2] .

277- المناقب لابن شهر آشوب: قدم عليه [عليٍّ عليه السلام] عقيل فقال للحسن:اکسُ عمّک، فکساه قميصاً من قمصه[3] ورداءً من أرديته. فلمّا حضر العشاء فإذا هو خبز وملح، فقال عقيل: ليس [إلّا][4] ما أري؟

فقال: أوليس هذا من نعمة اللَّه؟! فله الحمد کثيراً.

فقال: أعطني ما أقضي به دَيني و عجِّل سراحي حتي أرحل عنک.

[صفحه 434]

قال: فکم دَينک يا أبا يزيد؟

قال: مائة ألف درهم.

قال: واللَّه ما هي عندي ولا أملکها، ولکن اصبر حتي يخرج عطائي فاُواسِيکه، ولولا أنّه لابدّ للعيال من شي ء لأعطيتک کلّه.

فقال عقيل: بيت المال في يدک وأنت تسوّفني إلي عطائک؟ وکم عطاؤک وما عسي يکون ولو أعطيتنيه کلّه!

فقال: ما أنا وأنت فيه إلّا بمنزلة رجل من المسلمين- وکانا يتکلّمان فوق قصر الإمارة مشرفَين علي صناديق أهل السوق- فقال له عليّ عليه السلام: إن أبيت يا أبا يزيد ما أقول فانزل إلي بعض هذه الصناديق فاکسر أقفاله وخذ ما فيه. فقال: وما في هذه الصناديق؟

قال: فيها أموال التجّار.

قال: أتأمرني أن أکسر صناديق قوم قد توکّلوا علي اللَّه وجعلوا فيها أموالهم؟!فقال أميرالمؤمنين: أ تأمرني أن أفتح بيت مال المسلمين فاُعطيک أموالهم وقد توکّلوا علي اللَّه وأقفلوا عليها؟! وإن شئتَ أخذتَ سيفک وأخذتُ سيفي وخرجنا جميعاً إلي الحيرة؛ فإنّ بها تجّاراً مَياسِير، فدخلنا علي بعضهم فأخذنا ماله! فقال: أ وَسارق جئتُ؟!

قال: تسرق من واحد خير من أن تسرق من المسلمين جميعاً!

قال له: أفتأذن لي أن أخرج إلي معاوية؟

فقال له: قد أذنت لک.

قال: فأعنّي علي سفري هذا.

قال: يا حسن، أعطِ عمّک أربعمائة درهم.

فخرج عقيل وهو يقول:


سيُغْنيني الذي أغناکَ عنّي
ويقضي دَينَنا ربٌّ قريبُ[5] .

[صفحه 435]


صفحه 434، 435.








  1. الکافي 204:182:8 عن محمّد بن مسلم، تنبيه الخواطر 151:2، الاختصاص:151 نحوه.
  2. نهج البلاغة: الخطبة 224 وراجع الأمالي للصدوق 988:719.
  3. في المصدر «قميصه»، والصحيح ما أثبتناه کما في بحارالأنوار نقلاً عن المصدر.
  4. ما بين المعقوفين سقط من المصدر، وأثبتناه من بحارالأنوار.
  5. المناقب لابن شهر آشوب 108:2، بحارالأنوار 23:113:41. والظاهر أنّ عقيل بن أبي طالب لم يأتِ معاوية قبل استشهاد الإمام عليّ عليه السلام.