مراقبة السوق مباشرة











مراقبة السوق مباشرة



191- الإمام الباقر عليه السلام: کان أميرالمؤمنين عليه السلام بالکوفة عندکم يغتدي کلّ يوم بکرة من القصر، فيطوف في أسواق الکوفة سوقاً سوقاً ومعه الدرّة علي عاتقه، وکان لها طرفان، وکانت تسمّي: السبيبة، فيقف علي أهل کلّ سوق، فينادي: يا معشر التجّار، اتّقوا اللَّه عزّ وجلّ.

فإذا سمعوا صوته عليه السلام ألقَوا ما بأيديهم، وأرعَوا إليه بقلوبهم، وسمعوا بآذانهم.

فيقول عليه السلام: قدّموا الاستخارة، وتبرّکوا بالسهولة، واقتربوا من المبتاعين، وتزيّنوا بالحلم، وتناهوا عن اليمين، وجانبوا الکذب، وتجافوا عن الظلم، وأنصفوا المظلومين، ولا تقربوا الربا، وأوفوا الکيل والميزان، ولا تبخسوا الناس أشياءهم، ولا تعثوا في الأرض مفسدين. فيطوف عليه السلام في جميع أسواق الکوفة، ثمّ يرجع فيقعد للناس[1] .

192- الإمام الحسين عليه السلام: إنّه [عليّاً عليه السلام]رکب بغلة رسول اللَّه صلي الله عليه وآله الشهباء بالکوفة، فأتي سوقاً سوقاً، فأتي طاق اللحّامين، فقال بأعلي صوته: يا معشر القصّابين، لا تنخعوا، ولا تعجّلوا الأنفس حتي تزهق، وإيّاکم والنفخ في اللحم للبيع؛ فإنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله ينهي عن ذلک.

ثمّ أتي التمّارين فقال: أظهروا من رديّ بيعکم ما تظهرون من جيّده.

ثمّ أتي السمّاکين فقال: لا تبيعوا[2] إلّا طيّباً، وإيّاکم وما طفا[3] .ثمّ أتي الکناسة[4] فإذا فيها أنواع التجارة؛ من نحّاس، ومن مائع، ومن قمّاط، ومن بائع إبر[5] ، ومن صيرفيّ، ومن حنّاط، ومن بزّاز، فنادي بأعلي صوته: إنّ

[صفحه 359]

أسواقکم هذه يحضرها الأيمان، فشوبوا أيمانکم بالصدقة، وکفّوا عن الحلف؛ فإنّ اللَّه عزّ وجلّ لا يقدّس من حلف باسمه کاذباً[6] .

193- فضائل الصحابة عن أبي الصهباء: رأيت عليّ بن أبي طالب بشطّ الکلأ يسأل عن الأسعار[7] .

194- دعائم الإسلام: إنّه [عليّاً عليه السلام] کان يمشي في الأسواق، وبيده درّة يضرب بها من وجد من مطفّف أو غاشّ في تجارة المسلمين.

قال الأصبغ: قلتُ له يوماً أنا أکفيک هذا يا أميرالمؤمنين، واجلس في بيتک! قال: ما نصحتني يا أصبغ[8] .

195- تاريخ دمشق عن أبي سعيد: کان عليّ يأتي السوق فيقول: يا أهل السوق، اتّقوا اللَّه، وإيّاکم والحلف؛ فإنّ الحلف ينفق السلعة، ويمحق البرکة. وإنّ التاجر فاجر، إلّا من أخذ الحقّ، وأعطي الحقّ، والسلام عليکم[9] .

196- ربيع الأبرار: کان عليّ عليه السلام يمرّ في السوق علي الباعة، فيقول لهم:أحسنوا، أرخصوا بيعکم علي المسلمين؛ فإنّه أعظم للبرکة[10] .

197- تاريخ دمشق عن زاذان: إنّه [عليّاً عليه السلام] کان يمشي في الأسواق وحده وهو

[صفحه 360]

والٍ، يرشد الضالّ، ويعين الضعيف، ويمرّ بالبيّاع والبقّال فيفتح عليه القرآن. وقرأ:«تِلْکَ الدَّارُ الْأَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا»[11]

فقال: نزلت هذه في أهل العدل والتواضع من الولاة، وأهل القدرة من سائر الناس[12] .

198- مکارم الأخلاق عن وشيکة: رأيت عليّاً عليه السلام يتّزر فوق سرّته، ويرفع إزاره إلي أنصاف ساقَيه، وبيده درّة يدور في السوق، يقول: اتّقوا اللَّه، وأوفوا الکيل، کأنّه معلّم صبيان[13] .

199- الطبقات الکبري عن جرموز: رأيت عليّاً وهو يخرج من القصر و عليه قطريّتان:إزار إلي نصف الساق، ورداء مشمّر قريب منه، ومعه درّة له يمشي بها في الأسواق،ويأمرهم بتقوي اللَّه، وحسن البيع، ويقول: أوفوا الکيل والميزان، ويقول: لا تنفخوا اللحم[14] .

200- مکارم الأخلاق عن عبد اللَّه بن عبّاس: لمّا رجع من البصرة وحمل المال ودخل الکوفة وجد أميرالمؤمنين عليه السلام قائماً في السوق، وهو ينادي بنفسه: معاشر الناس، من أصبناه بعد يومنا هذا يبيع الجرّي والطافي والمارماهي علَوناه

[صفحه 361]

بدرّتنا هذه- وکان يقال لدرّته: السبتيّة-.

قال ابن عبّاس: فسلّمت عليه، فردّ عليّ السلام، ثمّ قال: يابن عبّاس، ما فعل المال؟فقلت: ها هو يا أميرالمؤمنين، وحملتُه إليه، فقرّبني، ورحّب بي.

ثمّ أتاه منادٍ ومعه سيفه ينادي عليه بسبعة دراهم، فقال: لو کان لي في بيت مال المسلمين ثمن سِواکِ أراک ما بعتُه، فباعه، واشتري قميصاً بأربعة دراهم له، وتصدّق بدرهمين، وأضافني بدرهم ثلاثة أيّام[15] .

201- فضائل الصحابة عن أبي مطر البصري: أنّه شهد عليّاً أتي أصحاب التمر وجارية تبکي عند التمّار، فقال: ما شأنکِ؟ قالت: باعني تمراً بدرهم، فردّه مولاي، فأبي أن يقبله.

قال: يا صاحب التمر، خذ تمرک، واعطِها درهمَها؛ فإنّها خادم، وليس لها أمر. فدفع عليّاً، فقال له المسلمون: تدري من دفعت؟!! قال: لا. قالوا: أميرالمؤمنين!! فصبّ تمرها، وأعطاها درهمها.

قال: اُحبّ أن ترضي عنّي! قال: ما أرضاني عنک إذا أوفيتَ الناس حقوقَهم[16] .

202- مکارم الأخلاق عن مختار التمّار: کنت أبيتُ في مسجد الکوفة، وأنزل في الرحبة، وآکل الخبز من البقّال- وکان من أهل البصرة-. فخرجت ذات يوم، فإذا رجل يُصوّت بي: ارفع إزارک؛ فإنّه أنقي لثوبک، وأتقي لربّک. فقلتُ: من هذا؟ فقيل:عليّ بن أبي طالب.

[صفحه 362]

فخرجت أتبَعُه وهو متوجّه إلي سوق الإبل، فلمّا أتاها وقف، وقال: يا معشر التجّار، إيّاکم واليمين الفاجرة؛ فإنّها تنفق السلعة، وتمحق البرکة.

ثمّ مضي حتي أتي إلي التمّارين، فإذا جارية تبکي علي تمّار، فقال: ما لکِ؟ قالت:إنّي أمة، أرسلني أهلي أبتاعُ لهم بدرهمٍ تمراً، فلمّا أتيتُهم به لم يرضوه، فرددتُه، فأبي أن يقبله! فقال: يا هذا، خذ منها التمر، وردّ عليها درهمها. فأبي، فقيل للتمّار: هذا عليّ بن أبي طالب، فقبل التمر، وردّ الدرهم علي الجارية، وقال: ما عرفتُک يا أميرالمؤمنين، فاغفر لي. فقال:يا معشر التجّار، اتّقوا اللَّه، وأحسنوا مبايعتکم، يغفر اللَّه لنا ولکم.

ثمّ مضي، وأقبلت السماءُ بالمطر، فدنا إلي حانوت، فأستأذن، فلم يأذن له صاحب الحانوت ودفعه، فقال: يا قنبر، أخرجه إليَّ، فعلاه بالدرّة، ثمّ قال: ما ضرَبتُک لدفعِک إيّاي، ولکنّي ضربتُک لئلّا تدفع مسلماً ضعيفاً فتکسر بعض أعضائه فيلزمک.

ثمّ مضي حتي أتي سوق الکرابيس، فإذا هو برجل وسيم، فقال: يا هذا، عندک ثوبان بخمسة دراهم؟ فوثب الرجل فقال: يا أميرالمؤمنين، عندي حاجتک. فلمّا عرفه مضي عنه. فوقف علي غلام، فقال: يا غلام، عندک ثوبان بخمسة دراهم؟ قال: نعم عندي،فأخذ ثوبين؛ أحدهما بثلاثة دراهم، والآخر بدرهمين، فقال: يا قنبر، خذ الذي بثلاثة. فقال: أنت أولي به؛ تصعد المنبر، وتخطب الناس. قال: وأنت شابّ ولک شرّة الشباب، وأنا أستحيي من ربّي أن أتفضّل عليک؛ سمعتُ رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يقول: ألبسوهم ممّا تلبسون، وأطعموهم ممّا تطعمون.

[صفحه 363]

فلمّا لبس القميص مدّ يده في ذلک، فإذا هو يفضل عن أصابعه، فقال: اقطع هذا الفضل، فقطعه، فقال الغلام: هلمّ أکفّه، قال: دَعه کما هو؛ فإنّ الأمر أسرع من ذلک[17] .

203- تاريخ الطبري عن يزيد بن عدي بن عثمان: رأيت عليّاً عليه السلام خارجاً من همدان، فرأي فئتين يقتتلان، ففرّق بينهما، ثمّ مضي، فسمع صوتاً: ياغوثا باللَّه! فخرج يحضر نحوه حتي سمعتُ خفقَ نعله وهو يقول: أتاک الغوثُ، فإذا رجل يلازم رجلاً، فقال: يا أميرالمؤمنين، بعتُ هذا ثوباً بتسعة دراهم، وشرطتُ عليه ألّا يعطيني مغموزاً ولا مقطوعاً- وکان شرطهم يومئذٍ- فأتيتُه بهذه الدراهم ليبدلها لي، فأبي، فلزمتُه، فلَطَمني!

فقال: أبدله. فقال: بيّنتُک علي اللطمة؟ فأتاه بالبيّنة. فأقعده، ثمّ قال: دونک فاقتصّ! فقال: إنّي قد عفوتُ يا أميرالمؤمنين. قال: إنّما أردتُ أن أحتاط في حقّک،ثمّ ضرب الرجل تسع درّات، وقال: هذا حقّ السلطان.[18] .

[صفحه 364]


صفحه 359، 360، 361، 362، 363، 364.








  1. الکافي 3:151:5، تهذيب الأحکام 17:6:7، الأمالي للمفيد 31:197 کلّها عن جابر، من لا يحضره الفقيه 3726:193:3، الأمالي للصدوق 809:587 وليس في الثلاثة الأخيرة من «اتّقوا اللَّه عزّوجلّ» إلي «بآذانهم»، السرائر 230:2، تحف العقول: 216 نحوه.
  2. في المصدر: «تبيعون» وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه کما في دعائم الإسلام.
  3. في المصدر: «وما حلفا»، والصحيح ما أثبتناه کما في دعائم الإسلام.
  4. الکُنَاسَة: محلّة بالکوفة، عندها واقع يوسف بن عمر الثقفي زيد بن عليّ بن الحسين (معجم البلدان 481:4).
  5. في دعائم الإسلام: «من نخّاس وقمّاط وبائع إبل».
  6. الجعفريّات: 238، دعائم الإسلام 1913:538:2 عن الأصبغ نحوه.
  7. فضائل الصحابة لابن حنبل 919:547:1، ذخائر العقبي: 192.
  8. دعائم الإسلام 1913:538:2.
  9. تاريخ دمشق 409:42، المصنّف لابن أبي شيبة 4:260:5 عن زاذان نحوه إلي «البرکة»؛ الغارات 110:1.
  10. ربيع الأبرار 154:4.
  11. القصص: 83.
  12. تاريخ دمشق 489:42، البداية والنهاية 5:8؛ المناقب لابن شهر آشوب 104:2 نحوه وليس فيه من «فقال: نزلت...»، مجمع البيان 420:7 وراجع فضائل الصحابة لابن حنبل 1064:621:2.
  13. مکارم الأخلاق 732:247:1.
  14. الطبقات الکبري 28:3، تاريخ دمشق 484:42، تاريخ الإسلام للذهبي 645:3؛ شرح الأخبار 725:364:2 نحوه.
  15. مکارم الأخلاق 740:249:1.
  16. فضائل الصحابة لابن حنبل 1062:621:2، ربيع الأبرار 153:4 نحوه وراجع المناقب للکوفي 547:60:2.
  17. مکارم الأخلاق 659:224:1 وراجع الغارات 105:1 والمناقب للکوفي 1103:602:2 وفضائل الصحابة لابن حنبل 878:528:1 والمنتخب من مسند عبد بن حميد 96:62 وتاريخ دمشق 485:42 وصفة الصفوة 134:1 والمناقب للخوارزمي 136:121 والبداية والنهاية 4:8.
  18. تاريخ الطبري 156:5،الکامل في التاريخ 442:2 نحوه وفيه «رجلين» بدل «فئتين».