تعذّر بعض الاصلاحات











تعذّر بعض الاصلاحات



73- الإمام عليّ عليه السلام: لو قد استوت قدماي من هذه المداحض لغيّرت أشياء[1] .

74- الکافي عن سليم بن قيس: خطب أميرالمؤمنين عليه السلام فحمد اللَّه وأثني عليه، ثمّ صلّي علي النبيّ صلي الله عليه وآله، ثمّ قال: ألا إنّ أخوف ما أخاف عليکم خلّتان:

اتّباع الهوي، وطول الأمل. أمّا اتّباع الهوي: فيصدّ عن الحقّ، وأمّا طول الأمل: فينسي الآخرة، ألا إنّ الدنيا قد ترحّلت مدبرة، وإنّ الآخرة قد ترحّلت مقبلة، ولکلّ واحدة بنون، فکونوا من أبناء الآخرة، ولا تکونوا من أبناء الدنيا. فإنّ اليوم عمل ولا حساب، وإنّ غداً حساب ولا عمل.

وإنّما بدء وقوع الفتن من أهواء تتّبع وأحکام تبتدع، يخالف فيها حکم اللَّه، يتولّي فيها رجال رجالاً، ألا إنّ الحقّ لو خلص لم يکن اختلاف، ولو أنّ الباطل خلص لم يخفَ علي ذي حجي. لکنّه يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فيجلّلان معاً، فهنالک يستولي الشيطان علي أوليائه، ونجا الذين سبقت لهم من اللَّه الحسني.

إنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يقول: کيف أنتم إذا لبستکم فتنة يربو فيها الصغير، ويهرم فيها الکبير، يجري الناس عليها ويتّخذونها سنّة، فإذا غيّر منها شي ء قيل: قد غيّرت السنّة، وقد أتي الناس منکراً! ثمّ تشتدّ البليّة وتسبي الذرّية، وتدقّهم الفتنة کما تدقّ النار الحطب، وکما تدقّ الرحا بثفالها، ويتفقّهون لغير اللَّه، ويتعلّمون لغير العمل، ويطلبون الدنيا بأعمال الآخرة.

ثمّ أقبل بوجهه وحوله ناس من أهل بيته وخاصّته وشيعته، فقال: قد عملت الولاة قبلي أعمالاً خالفوا فيها رسول اللَّه صلي الله عليه وآله متعمّدين لخلافه، ناقضين لعهده، مغيّرين لسنّته، ولو حملتُ الناس علي ترکها وحوّلتها إلي مواضعها، وإلي ما کانت في عهد رسول اللَّه صلي الله عليه وآله، لتفرّق عنّي جندي حتي أبقي وحدي، أو قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من کتاب اللَّه عزّ وجلّ وسنّة رسول اللَّه صلي الله عليه وآله.

أرأيتم لو أمرت بمقام إبراهيم عليه السلام فرددته إلي الموضع الذي وضعه فيه

[صفحه 262]

رسول اللَّه صلي الله عليه وآله، ورددت فدکَ إلي ورثة فاطمة عليهاالسلام، ورددت صاع رسول اللَّه صلي الله عليه وآله کما کان، وأمضيت قطائع أقطعها رسول اللَّه صلي الله عليه وآله لأقوام لم تمض لهم ولم تنفذ، ورددت دار جعفر إلي ورثته وهدمتها من المسجد، ورددت قضايا من الجور قضي بها، ونزعت نساءً تحت رجال بغير حقّ فرددتهنّ إلي أزواجهنّ، واستقبلت بهنّ الحکم في الفروج والأحکام، وسبيت ذراري بني تغلب، ورددت ما قسم من أرض خيبر، ومحوت دواوين العطايا، وأعطيت کما کان رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يعطي بالسويّة، ولم أجعلها دولة بين الأغنياء وألقيت المساحة، وسوّيت بين المناکح، وأنفذت خمس الرسول کما أنزل اللَّه عزّ وجلّ وفرضه، ورددت مسجد رسول اللَّه صلي الله عليه وآله إلي ما کان عليه، وسددت ما فتح فيه من الأبواب، وفتحت ما سدّ منه، وحرّمت المسح علي الخفّين، وحددت علي النبيذ، وأمرت بإحلال المتعتين، وأمرت بالتکبير علي الجنائز خمس تکبيرات، وألزمت الناس الجهر ببسم اللَّه الرحمن الرحيم، وأخرجت من اُدخل مع رسول اللَّه صلي الله عليه وآله في مسجده ممّن کان رسول اللَّه صلي الله عليه وآله أخرجه، وأدخلت من اُخرج بعد رسول اللَّه صلي الله عليه وآله ممّن کان رسول اللَّه صلي الله عليه وآله أدخله، وحملت الناس علي حکم القرآن وعلي الطلاق علي السنّة، وأخذت الصدقات علي أصنافها وحدودها، ورددت الوضوء والغسل والصلاة إلي مواقيتها وشرائعها ومواضعها، ورددت أهل نجران إلي مواضعهم، ورددت سبايا فارس وسائر الاُمم إلي کتاب اللَّه وسنّة نبيّه صلي الله عليه وآله، إذاً لتفرّقوا عنّي.

واللَّه لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلّا في فريضة، وأعلمتهم أنّ اجتماعهم في النوافل بدعة، فتنادي بعض أهل عسکري ممّن يقاتل معي: يا أهل الإسلام، غيّرت سنّة عمر، ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوّعاً. ولقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسکري ما لقيت من هذه الاُمّة

[صفحه 263]

من الفرقة، وطاعة أئمّة الضلالة، والدعاة إلي النار.

وأعطيت[2] من ذلک سهم ذي القربي الذي قال اللَّه عزّ وجلّ: «إِن کُنتُمْء َامَنتُم بِاللَّهِ وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَي عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَي الْجَمْعَانِ»[3] فنحن واللَّه عني بذي القربي، الذي قرننا اللَّه بنفسه وبرسوله صلي الله عليه وآله فقال تعالي: «فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبَي وَ الْيَتَمَي وَالْمَسَکِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ»[4] فينا خاصّة «کَيْ لَا يَکُونَ دُولَةَم بَيْنَ الْأَغْنِيَآءِ مِنکُمْ وَ مَآء َاتَل-کُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مَا نَهَل-کُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ وَ اتَّقُواْ اللَّهَ»[5] في ظلم آل محمّد «إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ»[6] لمن ظلمهم، رحمة منه لنا وغني أغنانا اللَّه به ووصّي به نبيّه صلي الله عليه وآله.

ولم يجعل لنا في سهم الصدقة نصيباً، أکرم اللَّه رسوله صلي الله عليه وآله وأکرمنا أهل البيت أن يطعمنا من أوساخ الناس، فکذّبوا اللَّه وکذّبوا رسوله وجحدوا کتاب اللَّه الناطق بحقّنا، ومنعونا فرضاً فرضه اللَّه لنا، ما لقي أهل بيت نبيّ من اُمّته ما لقينا بعد نبيّنا صلي الله عليه وآله واللَّه المستعان علي من ظلمنا، ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه العليّ العظيم.[7] .

[صفحه 264]


صفحه 262، 263، 264.








  1. نهج البلاغة: الحکمة 272، غرر الحکم: 7570، عيون الحکم والمواعظ 7060:415.
  2. کذا في المصدر وفي الاحتجاج: «وأعظم» وهو الصحيح ظاهراً.
  3. الأنفال: 41.
  4. الحشر: 7.
  5. الحشر: 7.
  6. الحشر: 7.
  7. الکافي 21:58:8، الاحتجاج 146:626:1 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عنه عليهماالسلام وفيه من «إنّي سمعتُ رسول اللَّه صلي الله عليه وآله»، کتاب سليم بن قيس 18:718:2 کلاهما نحوه.