المقاسمة في القرآن بمعونة الأخبار











المقاسمة في القرآن بمعونة الأخبار



قال الله تعالي:/ ألقيا في جهنم کل کفار عنيد/[1] .

5ـ عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «إذا کان يوم القيامة قال الله تعالي لمحمد و علي: أدخلا الجنة من أحبکما، و أدخلا النار من أبغضکما، فيجلس علي [علي ] شفير جهنم فيقول )لها(: هذا لي، و هذا لک، و هو قوله تعالي: ألقيا في جهنم کل کفار عنيد[2] .

6ـ عن عکرمة في قوله تعالي: ألقيا في جهنم کل کفار عنيد قال: «النبي و علي يلقيان[3] ـ عن شريک بن عبد الله، قال: «کنت عند الأعمش و هو عليل، فدخل عليه أبو حنيفة و ابن شبرمة و ابن )أبي( ليلي فقالوا )له(: يا أبا محمد! إنک في آخر يوم من أيام الدنيا، و أول يوم من أيام الآخرة، و قد کنت تحدث في علي بن أبي طالب بأحاديث، فتب إلي الله منها، فقال: أسندوني أسندوني، فاسند، فقال: حدثنا أبو المتوکل الناجي عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: إذا کان يوم القيامة يقول الله تعالي لي و لعلي: ألقيا في النار من أبغضکما، و أدخلا الجنة من أحبکما، فذلک قوله تعالي: ألقيا في جهنم کل کفار عنيد. فقال أبو حنيفة للقوم: قوموا [بنا] لا يجي ء بشي ء أشد من هذا[4] .

3ـ قال العلامة، ابن أبي الحديد المعتزلي عند شرح کلام علي عليه السلام «نحن الشعار و الأصحاب، و الخزنة الأبواب[5] : يمکن أن يعني به خزنة العلم و أبواب العلم، لقول رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «أنا مدينة العلم و علي بابها، فمن أراد الحکمة فليأت الباب» و قوله فيه: «خازن علمي» و قال تارة اخري: «عيبة علمي» و يمکن أن يريد به خزنة الجنة و أبواب الجنة، أي لا يدخل الجنة إلا من وافي بولايتنا، فقد جاء في حقه الخبر الشائع المستفيض أنه قسيم النار و الجنة.

و قال: ذکر أبو عبيد الهروي في «الجمع بين الغريبين»: «إن قوما من أئمة العربية فسروه فقالوا: لأنه لما کان محبه من أهل الجنة و مبغضه من أهل النار کان بهذا الاعتبار قسيم النار و الجنة، قال أبو عبيد: و قال غير هؤلاء: بل، هو قسيمهما بنفسه في الحقيقة، يدخل قوما إلي الجنة و قوما إلي النار». و هذا الذي ذکره أبو عبيد أخيرا هو ما يطابق الأخبار الواردة فيه يقول للنار: هذا لي فدعيه، و هذا لک فخذيه[6] أقول: نعم، إن عليا عليه السلام بنفسه الشريفة مقاسم الجنة و النار و قسيمهما لا ما ذهب إليه بعض أئمة الحديث و العربية کأحمد بن حنبل[7] و ابن الأثير و ابن المنظور، و الشاهد علي ما قلناـ کما ذهب إليه أبو عبيد الهروي و ابن أبي الحديدـ أخبار کثيرة من الفريقين صريحة في المطلوب ناطقة بالمقصود، فطائفة منها ذکرها العلامة القندوزي في «ينابيع المودة» )الباب 16، ص 83( منها:

1ـ عن أبي الصلت الهروي قال: «قال المأمون لعلي الرضا، ابن موسي الکاظم عليهما السلام: أخبرني عن جدک أميرالمؤمنين، علي عليه السلام بأي وجه هو قسيم الجنة و النار؟ فقال له الرضا عليه السلام: ألم ترو عن آبائک، عن عبد الله بن عباس أنه قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: «حب علي إيمان، و بغضه کفر؟» فقال: بلي، فقال الرضا عليه السلام: لما کانت الجنة للمؤمن، و النار للکافر فقسمة الجنة و النار إذا کان علي حبه و بغضه فهو قسيم الجنة و النار، فقال المأمون: لا أبقاني الله بعدک إنک وارث جدک رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

قال أبو الصلت: لما انصرف الرضا عليه السلام إلي منزله قلت له: جعلت فداک يابن رسول الله، ما أحسن ما أجبت به أميرالمؤمنين! فقال: يا أبا الصلت! إنما کلمته من حيث هو، و لقد سمعت أبي يحدث عن آبائه، عن علي عليه السلام أنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «يا علي! أنت قسيم الجنة و النار يوم القيامة، تقول للنار: هذا لي و هذا لک[8] ـ و عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لعلي عليه السلام: «إذا کان يوم القيامة يؤتي بک يا علي، بسرير من نور و علي رأسک تاج قد أضاء نوره، و کاد يخطف أبصار أهل الموقف، فيأتي النداء من عند الله ـ جل جلاله ـ: أين وصي محمد رسول الله؟ فتقول: ها أنا ذا، فينادي المنادي: أدخل من أحبک الجنة، و أدخل من عاداک النار، فأنت قسيم الجنة و النار[9] .

3ـ عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «يا علي! إنک قسيم الجنة و النار، و أنت تقرع باب الجنة، و تدخلها أحباءک بغير حساب[10] .

4ـ عن أبي الطفيل عامر بن واثلةـ و هو آخر من مات من الصحابة بالاتفاق ـ عن علي ـ رضي الله عنهماـ، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «يا علي! أنت وصيي، حربک حربي، و سلمک سلمي، و أنت الإمام و أبو الأئمة الأحد عشر الذين هم المطهرون المعصومون، و منهم المهدي الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا، فويل لمبغضيهم، يا علي! لو أن رجلا أحبک و أولادک في الله لحشره الله معک و مع أولادک، و أنتم معي في الدرجات العلي، و أنت قسيم الجنة و النار، تدخل محبيک الجنة، و مبغضيک النار[11] .

أقول: و في خاتمة هذا الباب جدير بنا أن نلاحظ في هذه الأخبار الألفاظ و التعابير التي يستفاد منها أن عليا عليه السلام بنفسه الشريفة مقاسم النار و الجنة و قسيمهما، لا باعتبار أن محبه من أهل الجنة و مبغضه في النار فهو قسيمهما، فلنلاحظ:

«فأقبل علي و معه مفاتيح الجنة و مقاليد النار»، «يا جهنم! خذي هذا، و اترکي هذا»، «خذي هذا عدوي، و اترکي هذا وليي»، «فلجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي بن أبي طالب من غلام أحدکم لصاحبه»، «فإن شاء يذهبها يمنة، و إن شاءيذهبها يسرة»، «و هوـ و الله ـ يدخل أهل النار النار، و هو الذي يغلق علي أهل الجنة إذا دخلوها أبوابها»، «أدخلا الجنة من أحبکما، و أدخلا النار من أبغضکما»، «فيقول لها: هذا لي و هذا لک»، «ألقيا في جهنم کل کفار عنيد»، «تقول للنار: هذا لي و هذا لک».

و أيضا «يقول للنار: هذا لي فدعيه، و هذا لک فخذيه»، «أدخل من أحبک الجنة و أدخل من عاداک في النار»، «و تدخلها أحباءک بغير حساب»، «تدخل محبيک الجنة، و مبغضيک النار»، «فعلي ـ و الله ـ الذي يزوج أهل الجنة في الجنة»، «فتأمر بشيعتک إلي الجنة، و بأعدائک إلي النار».









  1. ق، 24:50.
  2. الحسکاني: شواهد التنزيل، ج 2: ص 190.
  3. الحسکاني: شواهد التنزيل، ج 2: ص 190.
  4. الحسکاني: شواهد التنزيل، ج 2: ص 189.
  5. نهج البلاغة، الخطبة 154.
  6. ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة، ج 9: ص 164.
  7. قال محمد بن منصور الطوسي: «کنا عند أحمد بن حنبل فقال له رجل: يا أبا عبد الله! ما تقول في هذا الحديث الذي يروي أن عليا عليه السلام، قال: أنا قسيم النار؟ فقال أحمد: ما تنکرون من هذا الحديث؟ أليس روينا أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال لعلي عليه السلام: «لا يحبک إلا مؤمن، و لا يبغضک إلا منافق؟» قلنا: بلي، قال: فأين المؤمن؟ قلنا: في الجنة؟ قال: فأين المنافق؟ قلنا: في النار، فعلي قسيم النار». )الکنجي: کفاية الطالب/ الباب 3، ص 72(.
  8. القندوزي: ينابيع المودة، ص 85.
  9. القندوزي: ينابيع المودة، صص 83 و 84.
  10. القندوزي: ينابيع المودة، ص 85.
  11. المصدر، ص 85.