ساقي الكوثر في القصائد و المدائح











ساقي الکوثر في القصائد و المدائح



1ـ الحميري:


فإنک تلقاه لدي الحوض قائما
مع المصطفي بالجسر جسر جهنم


يجيران من والاهما في حياته
إلي الروح و الظل الظليل المکرم


و له أيضا:


و الحوض حوض محمد و وصيه
يسقي محبيه و يمنعه العدي


و له ايضا:


ألا أيها اللاحي عليا دع الخنا
فما أنت من تأنيبه بمصوب[1] .


أتلحي أمير الله بعد أمينه
و صاحب حوض شربه خير مشرب


و حافاته در و مسک ترابه
و قد حازماء من لجين و مذهب[2] .


2ـ ابن حماد:


و الحوض حوضک ليس ثم مدافع
في الحشر تسقي من تشاء و تمنع


عجبا لاعمي عن هداه و نوره
کالشمس واضحة تضي ء و تلمع


و له أيضا:


و هم سقاة للحوض من والاهم
يسقي بکأس لذة للشارب


و له أيضا:


و إن الحوض حوضک و البرايا
إليک لدي القيامة مهطعينا


و تحت لوائک المحمود تضحي
جميع الخلق دونک خاشعينا


3ـ العوني:


تسقي الظماء علي حوض النبي غدا
للمؤمنين بمملو من الحلب[3] .


4ـ الزاهي:


بدر الدجي و زوجه شمس الضحي
في فضلها و ابناه للعرش القرط


و من له الکوثر حوض في غد
و النار ملک و الفراديس خطط


و له أيضا:


يا ساقي الشيعة من کأسه
عند ورود الکوثر الجاري


في يوم تبلو النفس ما قدمت
لسيد في الحکم جبار


و النار في الموقف قد سعرت
لأخذ نصاب و فجار


5ـ حسان بن ثابت:


له الحوض لا شک يحيي به
فمن شاء أسقي برغم العدي


و من ناصب القوم لم يسقه
و يدعو إلي الورد للأولياء[4] .


أقول: إذا أمعنت النظر في الأخبار و الأحاديث التي جاءت من الفريقين في صفة حوض النبي صلي الله عليه و آله و سلم و الکوثر وجدت في خلالها عجائب من حيث المضامين و المعاني مثل کون ترابه المسک الأذفر، و حصاه الدر و الياقوت و المرجان، و حشيشه الزعفران، و، و، و فتحدثک نفسک: ما المراد من هذه المعاني؟ هل يجب علينا أن نلتزم بظواهرها و نقول: إن في حوض النبي صلي الله عليه و آله و سلم أباريق کعدد النجوم، و فيه مرجان و ياقوت و در[5] ، أو يمکن أن نعبر من هذه الظواهر إلي معاني أعلي وأرقي و ألطف من ذلک؟ نعم، جاء هذا المعني في قول الصادق عليه السلام علي ما ذکره العلامة المجلسي رحمه الله و هو:


في الأصل کنا نجوما يستضاء بنا
و للبرية نحن اليوم برهان


نحن البحور التي فيها لغائصکم
در ثمين و ياقوت و مرجان


مساکن القدس و الفردوس نملکها
و نحن للقدس و الفردوس خزان


من شذ عنا فبرهوت مساکنه
و من أتانا فجنات و ولدان[6] .


فهل المراد من النجوم و الدر و الياقوت و المرجان في هذه الأبيات ظاهرها؟ أو وراءه حکمة و علم و معرفة؟ فإن الغائص في بحور علوم أهل البيت عليهم السلام له أنواع من المعرفة التي لا يقاس بها الياقوت و المرجان و الدر و غير ذلک من الأشياء التي تقربها عيون العامة عند سماعها، و لکن الخاصة و العظماء تفهم ما فوق ذلک، و تعلم أن هذه ألفاظ لضيق البيان عن کشف حقائقها، و هذا لا ينافي ظواهرها أيضا فلنختم هذا البحث بنقل کلمات من أفذاذ العلماء و عظمائهم:









  1. لاحي فلانا: لامه و عابه. و الخنا ـ بالفتح ـ: الفحش بالقول. و التأنيب من أنبه: لامه و عنفه.
  2. الحافات: الجوانب و الاطراف. و اللجين ـ مصغرا ـ الفضة.
  3. الحلب ـ محرکةـ: اللبن.
  4. نقلنا الاشعار کلها من المناقب، لابن شهر آشوب )ج 2: ص 162ـ 164(.
  5. کقول النبي صلي الله عليه و آله و سلم: «رأيت نهرا في الجنة، حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف، فضربت بيدي مجري الماء فإذا أنا بمسک أذفر، فقلت: ما هذا؟ قيل: الکوثر الذي أعطاک الله... أشد بياضا من اللبن، و أحلي من العسل، و فيه طيور خضر لها أعناق کأعناق البخت» )الفخر الرازي: تفسير الکبير، ج 31: ص 124(.

    و کقوله صلي الله عليه و آله و سلم: «عرضه و طوله ما بين المشرق و المغرب، لا يشرب منه أحد فيظمأ، و لا يتوضأ منه أحد فيشعب»، و «عمقه سبعون ألف فرسخ، ماؤه أشد بياضا من اللبن، و أحلي من العسل، شاطئاه الدر و الياقوت و الزبرجد» )الالوسي: تفسير روح المعاني، ج 30: ص 244(.

    و کقوله صلي الله عليه و آله و سلم: «عرضه ما بين أيلة و صنعاء... و أن فيه من الأباريق عدد نجوم السماء» و: «حصاه )حصباؤه( الزبرجد و الياقوت و المرجان، حشيشه الزعفران، ترابه المسک الأذفر، قواعده تحت عرش الله عز و جل» )المجلسي: بحار الانوار، ج 8: ص 18(.

  6. المجلسي: بحار الانوار، ج 47: ص 26.