المحتضر في القصائد و المدائح











المحتضر في القصائد و المدائح



1ـ قد مر منافي ص 299 أشعار السيد الحميري رحمه الله و قد نظم قول أميرالمؤمنين عليه السلام للحارث الهمداني رحمه الله: «و ابشرک يا حارث، لتعرفني عند الممات و عند الصراط و عند الحوض و عند المقاسمة» الخبر.

2ـ و له رحمه الله


کذب الزاعمون أن عليا
لن ينجي محبه من هنات


قد و ربي دخلت جنة عدن
و عفا لي الإله عن سيئاتي


فأبشروا اليوم أولياء علي
و توالوا الوصي حتي الممات


ثم من بعده تولوا بنيه
واحدا بعد واحد بالصفات


3ـ و أيضا


أحب الذي من مات من أهل وده
تلقاه بالبشري لدي الموت يضحک


و من کان يهوي غيره من عدوه
فليس له إلا إلي النار مسلک


حدث الحسين بن عون، قال: «دخلت علي السيد ابن محمد الحميري عائدا في علته التي مات فيها، فوجدته يساق به، و وجدت عنده جماعة من جيرانه و کانوا عثمانية، و کان السيد جميل الوجه، رحب الجبهة، عريض ما بين السالفين، فبدت في وجهه نکتة سوداء مثل النقطة من المداد، ثم لم تزل تزيد و تنمي حتي طبقت وجهه بسوادها، فاغتم لذلک من حضره من الشيعة، و ظهر من الناصبة سرور و شماتة، فلم يلبث بذلک إلا قليلا حتي بدت في ذلک المکان من وجهه لمعة بيضاء، فلم تزل تزيدـ أيضاـ و تنمي حتي أسفر وجهه و أشرق و افتر[1] السيد ضاحکا مستبشرا فقال: کذب الزاعمون ـ الأشعار»، و «احب الذي ـ إلي آخره[2] .


4ـ أيها المرجي لقاه في الممات
کل موت فيه لقياک حياة


ليتما عجل بي ما هو آت
علني ألقي حياتي في الردي


فأئزا منه بأوفي النعم

الشاعر: هو السيد العلامة، الحاج الميرزا إسماعيل الشيرازي، و هو ابن عم سيد الطائفة، آية الله الميرزا الشيرازي. توفي في 11 شعبان سنة 1305 في الکاظمية، و کان قد جاء إليها من سامراء قبل شهرين، و حمل إلي النجف الأشرف فدفن هناک، کان عالما فاضلا جليلا شاعرا أديبا، قرأ علي ابن عمه الميرزا الشيرازي في سامراء و کان من أفضل تلامذته، و له أشعار في مدح أميرالمؤمنين عليه السلام[3] .

و قد أخذنا و اقتطفنا هذه القطعة من الأشعار من قصيدة غراء له رحمه الله في مدح أميرالمؤمنين عليه السلام التي جاءت بتمامها في کتاب «الغدير» القيم )ج 6: ص 31( و «سفينة البحار» )ج 2: ص 230( مطلعها:


رغد العيش فزده رغدا
بسلاف[4] منه تشفي سقمي


5ـ إذا رمت يوم البعث تنجو من اللظي
و يقبل منک الدين و الفرض و السنن


فوال عليا و الأئمة بعده
نجوم الهدي تنجو من الضيق و المحن


فهم عترة قد فوض الله أمره
إليهم لما قد خصهم منه بالمنن


أئمة حق أوجب الله حقهم
و طاعتهم فرض بها الخلق تمتحن


نصحتک أن ترتاب فيهم و تنثني
إلي غيرهم من غيرهم في الأنام من؟


فحب علي عدة لوليه
يلاقيه عند الموت و القبر و الکفن


کذلک يوم البعث لم ينج قادم
من النار إلا من تولي أبا الحسن


الشاعر: هو الحافظ الشيخ رجب البرسي، و في «الأعيان»: «کان حيا سنة 812، و توفي قريبة من هذا التاريخ، کان فقيها محدثا حافظا أديبا مصفا في الأخبار و غيرها[5] ، و في «الآمل»: «الشيخ رجب البرسي کان فاضلا شاعرا منشئا أديبا، له کتاب «مشارق أنوار اليقين[6] ، و في «الکني و الألقاب»: «الحافظ رجب البرسي فاضل محدث شاعر أديب منشي ء... و البرسي نسبة إلي برس و هي قرية بين الکوفة و الحلة، و عن «معجم البلدان» قال: برس بالضم موضع بأرض بابل، به آثار لبخت نصر[7] و الأبيات موجودة في «مشارق الانوار» )ط بيروت، ص 245( و «الغدير» )ج 7: ص 49(.


6ـ و حضور الوصي حق لدي الم
وت عيانا بشخصه المترائي


هي بشري لمبغض و محب
من علي بالخوف أو بالرجاء


فيفوز المحب فيها بنعمي
و يخيب القالي بها بالشقاء


حار همدان کل ميت يراني
في حديث لسيد الأتقياء


و هو يوصي به منانا و عطفا
ملک الموت ساعد الالتقاء


حين يمسي من الحنو عليه
خير ام تحنو علي الابناء


و يمنيه بالبقاء فيأبي
رغبا في ثواب يوم البقاء


حين زفت إليه بشري علي
بجنان الخلود عند اللقاء


فتسل الروح الأمينة منه
سل رفق لشعرة برخاء


و تجلي للحميري دليل
بحضور الوصي قرب الفناء


حينما وجهه استحال ابتداء
لسواد من نکتة سوداء


ظهرت فيه لانحراف قديم
کان منه عن منهج الاهتداء


و استقامت عقيدة الحق منه
حين وافي لجعفر باستواء


فتجلي منه المحيا منيرا
بعد هذا من نکتة بيضاء


طبقت وجهه المبارک حتي
صار کالبدر مشرقا بالضياء


مستفيقا من سکرة الموت صحوا
و هو يشدو بغبطة و هناء


«کذب الزاعمون أن عليا
لا ينجي محبه من بلاء»


إي و ربي وردت جنة عدن
و عفالي الإله عن أخطائي


کل هذا المأثور في الدين صدق
و يقين حق بغير افتراء[8] .


الشاعر: هو الفاضل الألمعي، الشيخ عبد المنعم الفرطوسي المعاصر.

قال العلامة المجاهد، الشهيد آية الله السيد محمد باقر الصدر رحمه الله في تقريظه علي ديوانه «ملحمة أهل البيت»[9] .

فقد أطلعني جناب العلامة الجليل، الشاعر الألمعي، الشيخ عبد المنعم الفرطوسي ـ أدام الله تأييده و تسديده ـ علي جزء من ملحمته الشعرية الرائعة التي نظم فيها اصول الدين، و شيئا مهما من اسس العقيدة الإسلامية و قسطا من المعالم العامة للشريعة الأسلامية الغراء کما نظم حياة الرسول الأعظم الشريفة بما حفلت به من آيات باهرات و أمجاد و کرامات و سيرة أهل البيت ـ عليهم الصلاة و السلام ـ و أضواء من حياتهم و علومهم و موفور حکمتهم و عطائهم الفکري و الروحي، فوجدت الملحمة فريدة في بابهاـ إلي آخر ما قاله رحمه الله».









  1. ضحک ضحکا حسنا.
  2. المجلسي: بحار الانوار، ج 6: ص 193، و قد نظم الشاعر المعاصر الشيخ عبد المنعم الفرطوسي هذه القصة، أوردناه تحت الرقم.5.
  3. الامين: اعيان الشيعة، ج 3: ص 4324، ط بيروت.
  4. السلافة من الخمر: اخلصها.
  5. الامين: اعيان الشيعة، ج 6: ص 465، ط بيروت..
  6. الحر العاملي: امل الامل، تحت عنوانه..
  7. القمي: الکني و القاب، ج 2: ص 151.
  8. الفرطوسي: ملحمة اهل البيت عليهم السلام، ج 2: ص 29.
  9. الفرطوسي: ملحمة اهل البيت عليهم السلام، ج 1: ص 7.